بين العقل والعقال
بين العقل والعقال.. “الأمل وجد للذين لا أمل لهم”
بعد أن وصلنا إلى الصواريخ الذكية وبالغة الذكاء، يجب أن نفكر بأسلحة المستقبل القريب، وهي، بعد أي ضربة نووية متبادلة، الحجارة وما تبقى من سكاكين المطبخ المدمر.
أنا لست خبيراً عسكرياً، ولكنني أؤمن بفكرة استراتيجية” كلما أصبحت قوياً أكثر ازداد احتمال الضعف أكثر”. مثلاً، ما الذي تعنيه ترسانة إسرائيل كلها، بكل أسلحة الدمار، في عصر أسراره العلمية مكشوفة، سوى ازدياد أنظمة القوة وتنوع الموت الناجز على أيديها؟ إن قتل شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة ليس حادثاً من فصيلة “رصاصة وجسد” بل هو افتتاح عروض جديدة للعداوات، استباحة خالية من حذر عقلاء العدو، إرسال رسائل عبر الجسد الإنساني المقتول مشحوناً بمعاني الكراهيات التي لا حد لها. ذلك لأن الكراهيات لا تشبع من التكاثر، وسوف تذهب، طال الزمن أو قصر، إلى معارك النهايات، ومن بين هذه المعارك حروب يوم القيامة… أي الإفناء الجماعي “انتحار فائض القوة”.
إن إسرائيل الحديثة في هذا العصر أقل بلدان العالم اهتماماً بالعصر الحديث، عصر الانتباه إلى حساسية ميزان القوة، وسوف يكون ضرورياً التذكير بمقولة استراتيجية تنتمي إلى حماقات ما بعد هزائم العرب: حماقات العقل والعقال. إن إسرائيل دولة فقرية… لا تحتمل ضربة على عمودها الفقري وهو هنا الجيش وقنابل يوم القيامة.
لقد بدأ اللعب خارج الملعب، الأمر الذي لا يمكن ضبطه. والمقصود أن غرور إسرائيل، بسبب عناصر القوة المتعددة وخصوصاً الحماية الخارجية، سوف يوقعها بالمحذور: الاستخفاف بقدرة خصومها على إنزال الهزيمة بها.
حتى مجانين العرب لا يريدون إنزال هزيمة بإسرائيل، كل ما يريدونه هو ال 18 بالمئة من أرض فلسطين التاريخية. إنها الأرض الأخيرة الواقعة خارج أي نوع من التسويات السلمية، وبالتالي سيكون مجانين إسرائيل، ذات يوم، هم معاندو التسوية الوحيدون.
ومثل هذا الاستعصاء، عادة، يصنع الحروب لا السلام.
وشيرين أبو عاقلة، أيقظت القسم النائم من روح المقاومة، التي جاءت من الأبسط: ندافع عن وجودنا.
هزيمة ماحقة لشعب لم تعد لديه خيارات، هو من المستحيلات ، وعلى إسرائيل العمل لإنتاج المعجزة في العقل الذي يحترم هذه المقولة: تستطيع أن تلعب بالنار، ولكن إياك أن تجعل النار… لعبتك”.