العدوى …
العدوى … تسارعت الأحداث خلال هذا الأسبوع بسرعة كبيرة … لتنتقل حمى الثورات والانتفاضات إلى دول أوروبية وأمريكية ، وليتحول حلم التغيير إلى جائحة مرضية تصيب العالم بجنون الحرية وأنفلونزا الديمقراطية ..
وما يحدث في أوكرانيا وما يحدث في فنزويلا ، ماهو إلا دليل صارخ على أن المؤامرة الكونية التي تحدث عنها الحكام والرؤساء العرب، وتفكك أنظمتهم خيوطها المعقدة والمتشربكة من خلال أجهزتهم الأمنية القمعية، ماهو في الواقع إلا رغبة
شعبية عالمية بالتحرر من الأنظمة الاستبدادية التي تمارس الأسلوب ذاته في قمع الشعوب وكم أفواهها وتشويه إنسانيتها وقتل أحلامها…!! والتي وكأنه ما زال محكوم عليها في بلداننا العربية أن يبقى الاستبداد هو الحاكم المطلق ولو بوجه أخر،
وجه الدين والحق والأحقية .. حيث لم تكد تنطلق ثورات التحرر حتى تسلقتها التنظيمات الاسلامية المتشددة على حساب أحلام الشعوب لتقمع وتقتل … كوجه آخر للديكتاتورية والاستبداد … وليتحول الصراع إلى حرب بين الارهاب الديني والقمع
الاستبدادي .. وتضيع الحرية.. ولكن :
القناص ذاته الذي قتل في كييف مواطنين متظاهرين أبرياء، موجود في سوريا يقتل الأطفال والنساء والشيوخ، ومن يعمل على حفظ الأمن والاستقرار نفسه الذي قتل المتظاهرين في سوريا قتلهم في كييف .. والمؤامرة نفسها بوجود إرهابيين متطرفين
متسللين ممولين من أعداء الوطن يعملون على زعزعة الأمن والاستقرار، وقتل الأبرياء في سوريا يتم تطبيقها على ما يبدو في فنزويلا وأوكرانيا …!!
سياسة ممنوع الاعتراض وكم الأفواه والقتل والقنص والتصفية والاعتقال .. ما زالت هي نفسها تمارسها الأنظمة الاستبدادية مهما ارتدت رداء الاشتراكية، وتغنت بشعارات المساواة والعدالة وادعت الديمقراطية ..
ولكن الفرق شاسع وكبير حقيقة بين سوريا وأوكرانيا …. بين دول يتم تصنيفها دول عالم ثالث ودول مصنفة عالم أرقى .. ففي سوريا يحلل الدم وقتل الشعب وتصفيته عالمياً .. أما في أوكرانيا فيتم عقد صفقة وتوقيع اتفاقية على انتخابات رئاسية
مبكرة بعد أسبوع واحد من المظاهرات ومقتل أقل من 70 مواطنا أوكرانيا ..
في سوريا منذ 3 سنوات والى الآن يموت يومياً بمعدل يفوق 100 شخص ويعتقل الآلاف وتدمر المدن، ولم يتجاسر أحد من المجتمع الدولي على وقف ما يحصل .. مكتفيين بالتنديد والقلق والحزن وعقد مؤتمرات واجتماعات إعلامية إعلانية فاشلة
لمجرد تسجيل مواقف للتاريخ أنهم إنسانيا يرفضون قتل الشعب السوري وهم حقيقة شركاء في القتل .. يرسلون أسلحة ومقاتلين بفكر قاعدي متطرف لتغذية الحرب وحرف الثورة الشعبية عن مسارها وتوريطها بصبغة إسلامية متطرفة .. ويغذون
الخلافات والأحقاد بإعلام حاقد ممنهج .. ويتاجرون بدماء الشعب لبيع السلاح والغذاء والحاجات الأساسية ..
ففي أوكرانيا تتحرر المعارضة المعتقلة تيموشينكو وتصبح رمزاً قومياً.. وعند العرب يتم اعتقال الآلاف لمجرد عمل إنساني أو كلمة حق إنسانية ضد عمليات القتل الممنهج.
وفي أوكرانيا قدمت الحكومة تنازلات حقيقية ملموسة للشعب المنتفض .. وقربت موعد الانتخابات .. وفتحت تحقيقاً جدياً لمعرفة من قتل المواطنين في أوكرانيا في فوضى التغيير ..
وفي سوريا ما زال القتل مستمراً ..
فرق كبير بين ثورة أوروبية وثورة عربية … ففي أوروبا لا يوجد متشددين وأصوليين يريدون قلب نظام الحكم لمجرد أنه مختلف بالطائفة أو بالدين .. ولا يوجد إعلام حاقد يؤجج الأحقاد الدينية والطائفية .. فأوروبا تحررت من سلطة الدين بعد
مئتي عام من النضال ضد سلطة الكنيسة ونحن ما زلنا في العام الثالث من مسيرة المئتي عام …. فهل بقي لنا 197عاما لنتحرر من سلطة الدين على الدولة ؟؟
سؤال أتمنى أن لا يكون جوابه ….. نعم …
26.02.2014