بين قوسينكتاب الموقع

على السبورة ….!!

على السبورة ….!!  عندما يصبح الدم سلعة رخيصة تزكم رائحته أنوف الضمير الانساني، ويستصرخ من يملك حساً عالياً بأن الدم لن يجر إلا الدم، وأن العنف لن يولد إلا العنف .. خاصة بغياب كامل لكل ما يمت للكرامة الانسانية من وجود. ولدور الحكومة الأساسي في استيعاب الحالة، وفرض العدالة وسطوة القانون ومحاسبة المجرمين.. لنستشعر أنه إذا لم تتم محاسبة المتسببين في كل هذا الدم سنغوص جميعنا في مستنقع الدم، وسينحدر الوطن الى قاع التفتت والدمار ،وضياع الهوية الوطنية الجامعة،وهو ما بدى واضحاً اليوم بعد أكثر من سنتين على ما يحصل في سوريا..
فعندما نستعرض شريط الأحداث والتغييرات التي حدثت منذ سنتين الى اليوم في واقع الحياة السورية اليومية أمسك قلمي الأحمر لأكتب على السبورة أمامي، كخطوط عريضة دون الغوص في التفاصيل ..
أكتب مما أرى ..

– انتشار السلاح الفردي الفوضوي غير المنضبط ، السائر في الشارع بحجة الدفاع عن النفس .. وحماية المناطق السكنية .. – تجنيد الأطفال في المعارك القتالية، وتوريطهم بحمل السلاح ..
-الخطف والاغتصاب الناتج عن الفوضى الأمنية، وضياع سطوة الدولة وغياب القانون ..
– الاعتقالات التعسفية وتعذيب المعتقلين …
– العاهات الجسدية الناتجة عن القصف واستعمال الأسلحة الثقيلة ..
– العاهات النفسية .. الناتجة عن مشاهد العنف والتعذيب والقتل .. وخاصة عند الأطفال ..
– الحقد وانتشار ثقافة الثأر والانتقام الناتجة عن غياب العدالة والقانون ..
– تعزيز النزعات الطائفية بين المقاتلين على الأرض، باستخدام التجييش والتحريض الاعلامي، واجتزاء الحقائق ليتم تسويقها كل حسب مصلحته، مستخدماً إياها لتحريك الشارع، وحشد الرأي الشعبي لمصلحته ضد الطرف الآخر ..
– ضياع مفهوم الوطنية والانتماء باختزالها بشخص أو بشريحة أو بطائفة .. واعتبار الطرف الآخر خائن وتحليل قتله
وتصفيته ..
– تشويه القيم الانسانية والأخلاقية بالشماتة بالموت والرقص على الجثث والتنكيل بها ..
– انتشار تجار الدم والأزمات والآثار الذين يبنون ثرواتهم على دم الشعب، ودمار الوطن وعرقلتهم لأي حل سياسي قد يقطع برزقهم
– تدمير تاريخ وحضارة بلد هو مهد الحضارة والانسانية والديانات بقصف المناطق الأثرية وحرقها ..
– هجرة العقول ورؤوس المال هرباً من الفوضى والعنف والفلتان الأمني ..

هذا ما يحضرني اليوم من أزمات تعاني وستعاني منها البلد …أتأمل سبورتي وأسأل نفسي إلى أين ..؟؟!!
أشعر بالعجز .. وكلي ألم .. لتتزاحم الأسئلة يعقبها تخوفات على مصير بلدي .. ومستقبل شعبي .. ولا أعرف إن كان هذا الاستعراض البسيط دون الخوض بالتفاصيل كافياً لإعطاء صورة واقعية عن كوارث الحرب الأهلية.. وما ستتركه من آثار نفسية واقتصادية واجتماعية مدمرة على البلد، حيث سيحتاج إلى سنوات وسنوات للبناء وإعادة تأهيل المجتمع على قواعد المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية .. بعد أن نخر الحقد أساسات العلاقات الاجتماعية .. وبعد أن تآكلت قواعد العيش المشترك باللعب على وتر الطائفية …
لا تزال تجربة لبنان والعراق راسخة حية في عقولنا .. تستصرخ ضمائرنا إلى أية هاوية تستدرجوننا بتحويل الصراع الى حرب طائفية طاحنة ؟!

نواقيس خطر ندقها .. وبالصوت العالي .. لا حل إلا بوقف العنف واعطاء فرصة للحل السياسي .. ولترميم وإعادة بناء ما تم تدميره في نفوس البشر قبل الحجر، لنحافظ على سوريا وطناً لنا جميعاً .. قبل أن يتحول الى كانتونات طائفية يقسمها
الحقد .. وتفرقها النزاعات المسلحة. أوقفوا الاقتتال والتجييش الطائفي وضخ الأحقاد .. لمنح هذا الشعب فسحة من أمل ليستعيد أنفاسه وإيمانه بما يسمى وطن.

 

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى