تآكل هيبة الجيش : «اليمين الفاشي» يعزّز رصيده
تآكل هيبة الجيش: «اليمين الفاشي» يعزّز رصيده … فقد أشعلت أحداث قاعدة «سديه تيمان» في النقب، أول من أمس، ثم تلك التي تبعتها في المحكمة العسكرية في بيت ليد، ضوءاً أحمر بخصوص حالة الانقسام والتناحر في إسرائيل، ليس على المستويين السياسي والجماهيري فقط، بل حتى داخل المؤسّسات الأساسية التي لا تحتمل هذا النوع من الانقسامات، مثل مؤسّسة الجيش. وبالتأكيد، لم تكن تلك الأحداث نتيجة «حرص» المؤسسة الأمنية على تطبيق القانون ومحاسبة الجنود على تجاوزاتهم وجرائمهم، أو فقط نتيجة تعاطف اليمينيين المتطرّفين تجاه الجنود المنوي التحقيق معهم، بل هي تعبير صارخ جديد عن عمق الانقسام الذي ضرب كل المستويات في الكيان، وبات اليوم يتسلّل إلى الجيش بشكل متسارع.
تآكل هيبة الجيش : «اليمين الفاشي» يعزّز رصيده
كذلك، هي خطوة جديدة، ضمن مجموعة من الخطوات. يقودها اليمين المتطرّف للسيطرة على «الدولة»، بعد الوصول إلى الحكومة بالتحالف مع بنيامين نتنياهو، والسيطرة على الوزارات وسنّ القوانين أيضا. كما ومحاولة «الانقلاب القضائي» الذي لم يتمّ بعد. وبعد استسهال وزيرَي اليمين المتطرّف في الحكومة الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، مهاجمة قيادة الجيش، وشخص رئيس هيئة أركانه، هرتسي هاليفي، خلال جلسات الحكومة خلال الحرب. ها هما، وبشكل أكبر بن غفير، يوجّهان مناصريهما لاقتحام قواعد الجيش ومؤسساته. وبدأ هذا المسار يتّضح أكثر، عندما بدأت الأحزاب المتطرّفة التحريض على هاليفي، والمطالبة بمنعه من تعيين ضباط جدد خلال الحرب، في مناصب قيادية في الجيش. وقاد تلك الحملة وزير المالية، سموتريتش، الذي اعتبر أن قيادة الجيش التي فشلت في توقّع هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وفي حماية الإسرائيليين من «حماس»، هي قيادة غير مؤهّلة لتعيين قادة جدد.
في المقابل. تخشى قيادة الجيش تحميلها مسؤولية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها جنودها، سواء في قطاع غزة أو في السجون أيضا. ويأتي ذلك، خصوصاً، على خلفية انطلاق التحقيقات في «المحكمة الجنائية الدولية» و«محكمة العدل الدولية». كما والحديث عن مذكرات توقيف قد يتمّ تصديرها بحق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش يوآف غالانت. ولذا، كان واضحاً سعي تلك القيادة إلى إجراءات وقائية، ولو شكلية، لإظهار التزام الجيش بالقانون، وتطبيقه إياه على الجنود، ومحاسبته المخطئين منهم.
تشوّه صورة الجيش الإسرائيلي، واهتزّاز ثقة الجمهور به
وحتى اليوم الذي سبق السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لطالما تمتّع الجيش الإسرائيلي، بقيادته وضبّاطه وجنوده، بحصانة نسبية، تجاه الاتهام والانتقاد، وخصوصاً في العلن. إذ بقي بعيداً عن الخلافات السياسية، وامتلك منعةً نسبية تجاه التأثيرات السياسية الكثيرة في إسرائيل. لكن مع «طوفان الأقصى»، والفشل الذي منيت به المؤسسة الأمنية، تشوّهت صورته بشكل بالغ. كما واهتزّت ثقة الجمهور به، وبالتالي نزعت عنه حصانة كان يتمتّع بها. كما وتراجع احترامه بين عموم الجمهور أيضا. وبناءً عليه، دشّن اليمينيون المتطرّفون في الائتلاف الحكومي مساراً. إلى جانب مسارَي السيطرة على الوزارات المؤثرة داخل الكيان والتعديلات القضائية، لضرب قيادة الجيش الحالية، ومنعها من تعيين ضباط في مراكز عليا، في مقابل ترويجهم لأسماء ضباط متطرّفين، ودعوتهم إلى ترقيتهم وتعيينهم في مواقع عليا أيضاً.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية