تجاذبات موسكو ـــ أنقرة مستمرة: النار تطاول النقاط التركية

 

وسط «هدنة» لم تجد طريقها إلى التنفيذ، في ضوء استمرار القصف المتبادل على جانبَي خطوط التماس في «جيب إدلب»، شهد قصفاً لنقطة مراقبة تركية تسبّب بإصابة عسكريين، أفرز بدوره خلافاً تركياً ــــ روسياً حول طبيعة الهجوم وأسبابه وتبعاته، وحول «الهدنة» نفسها

‘;لم يكن ثاني أيام «الهدنة» المفترضة في «جيب إدلب» اعتيادياً، إذ بدأ بمقاربتين متباينتين من عرّابيها. موسكو أعلنت فجراً عن تفاهم لتهدئة «شاملة» (بعد 24 ساعة من موعد إنفاذها)، نضج عبر قنوات التواصل مع الجانب التركي، فيما خرج مسؤولو الأخير للتأكيد أن الحديث عن وقف كامل لإطلاق النار غير دقيق «في الوقت الحالي».

التباين المعلن في موقف البلدين، ولا سيما موقف أنقرة، لا يخرج عن الأدبيات اللازمة لإدارة العلاقة مع الأطراف الفاعلة على الأرض. إذ يجهد المسؤولون الأتراك في استخدام لغة تُصوّرهم في خندق القتال مع الفصائل المسلحة في الشمال السوري، من دون أن يغيّر ذلك من مجريات محادثاتهم مع روسيا وفق قنوات «اتفاق سوتشي».

 ولكن اللافت ، أن هذا التباين جاء مدفوعاً بتطوّر ميداني غير مسبوق، إذ استُهدفت نقطة مراقبة تابعة للجيش التركي في جبل شحشبو بعدد من القذائف الصاروخية، تسببت بإصابة عدد من العسكريين المتمركزين فيها، لتخرج روايتان متباينتان عما جرى، من موسكو وأنقرة أيضاً.

وزارة الدفاع التركية أعلنت إصابة ثلاثة جنود يتبعون لها، جراء سقوط 35 قذيفة «هاون» أطلقها «عمداً» عناصر تابعون للحكومة السورية على إحدى نقاطها في إدلب. وأشارت الوزارة إلى أنها أبلغت الجانب الروسي بهذه الحادثة، وأنها مستعدة للردّ في حال «تكرر ذلك». وخلال وقت قصير، خرج بيان من وزارة الدفاع الروسية، يقول إن الهجوم على نقطة المراقبة التركية نُفّذ من جانب «جماعات إرهابية»، وإن القوات الجوية الروسية ردّت على منفّذيه، واستهدفت بأربع ضربات جوية مواقع «وفق إحداثيات أعطاها الجانب التركي… مدمّرة تجمّعاً كبيراً لمسلحين». وترافق التناقض في التصريحات مع استمرار التصعيد في «جيب إدلب»، ولا سيما القصف الجوي على عدد كبير من المواقع قرب خطوط التماس، وأعمق داخل الجيب.

الأحداث الميدانية تشي بأن الهدنة ليست «قيد التنفيذ»، ولكن تعاطي الجانبين الروسي والتركي يوحي بأن هناك إرادة لمنحها الفرصة المناسبة. إذ ضبط الجانبان تبعات هذا الحديث الاستثنائي، من دون أن يخرج التصعيد عن المألوف على خطوط التماس.

 وكان لافتاً، في موازاة هذه التطورات، النشاط الدبلوماسي الذي استضافته أنقرة خلال اليومين الماضيين. إذ استقبل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، والمبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن. وفي اللقاءين، كان ملف إدلب حاضراً بشكل رئيس، إذ شدد جاويش أوغلو أمام ضيفه الأممي على ضرورة «حماية منطقة خفض التصعيد في إدلب… ودفع العملية السياسية»، فيما أكد الزائر الفرنسي أن بلاده تدعم تركيا في شأن إدلب، وخاصة «ضمان الالتزام بوقف إطلاق النار، لأن الوضع يمكن أن يكون له تأثير خطير ومتفجر للغاية».

 وأضاف إن «أي خطوة يمكن أن تتداخل مع وقف إطلاق النار قد تكون لها عواقب وخيمة علينا جميعاً». وعلى رغم التوافق بين جاويش أوغلو ولو دريان في شأن إدلب، ظهرت الخلافات حول شرق الفرات علناً في تصريحات الطرفين، ولا سيما العلاقة الفرنسية الدافئة مع حزب «الاتحاد الديموقراطي» الكردي السوري، و«وحدات حماية الشعب» الكردية.

 وإلى جانب الزيارات اللافتة، بحث المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، الملف السوري (وسواه)، مع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، في اتصال هاتفي. كما ناقش مع الجانب الروسي كيفية «إنهاء النظام السوري هجماته التي يسعى من خلالها إلى استفزاز أنقرة عمداً، والسيطرة على مساحات في إدلب»، على حدّ ما نقلت عنه وسائل الإعلام التركية.

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى