تحالفات جديدة لـ«المجلس الكردي»: تعزيز الأوراق على طاولة واشنطن

 

تدرك القوى الكردية أن الاستئثار بحكم منطقة الشرق السوري، من دون شراكة حقيقية مع باقي المكونات السياسية والفصائلية في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، لن يُمكّنها من الانخراط في أيّ مشروع سياسي يُحقق لها مطالبها التي لطالما نادت بها في مختلف المحافل المحلية والدولية، وخصوصاً لجهة الانخراط في الحلّ السياسي الشامل. كذلك، تدرك أن الاستفراد بالقرار السياسي والعسكري سيؤدي حتماً إلى مزيد من الاحتقان العشائري ضدّها. من هنا، شرعت هذه القوى في البحث عن تحالفات سياسية مع بقية المكونات، في محاولة لتصحيح صورتها كقوّة مستأثرة بالحكم، مع الحفاظ على قنوات الحوار بينها وبين الحكومة.

وفي وقت تسعى فيه «الإدارة الذاتية» الكردية إلى فتح قنوات تواصل مع المعارضة السورية الخارجية في مصر وغيرها من الدول، وهو ما ظهر من خلال تعيين ممثل خاص لـ»مجلس سوريا الديموقراطية» في كلّ من القاهرة وبيروت، أعلن «المجلس الوطني» الكردي، أول من أمس، من مدينة القامشلي، إطلاق جسم سياسي جديد باسم «جبهة السلام والحرية»، بالشراكة مع قوى سياسية عربية وآشورية محلية. وتظهر هذه الخطوات رغبة الطرفَين الكرديَّين في استعراض أوراقهما على طاولة التفاوض، التي تديرها دبلوماسيّتان في الخارجية الأميركية هما زهرة بيل وإيمبيلي براندت.

وبينما لم تخرج أيّ تسريبات عن مسار المرحلة الثانية من التفاوض الكردي – الكردي، والتي سلّم ملفَّها السفير وليام روباك لدبلوماسيين أميركيين حضروا أخيراً من واشنطن الى المنطقة، يبدو أن المجلس الكردي استغلّ انطلاقة تلك المرحلة ليعزّز أوراقه التفاوضية، من خلال إبراز قدرته على حشد قوى معارضة إلى جانبه. ويضمّ التحالف الجديد كلّاً من: «المجلس الوطني» الكردي و»تيار الغد» و»المجلس العربي في الجزيرة والفرات» اللذين يرأسهما أحمد الجربا، بالإضافة إلى «المنظمة الآثورية»، الشريكة أصلاً لـ»المجلس» في «الائتلاف» المعارض. وأصدرت الجبهة الوليدة بياناً تأسيسياً أعلنت فيه أنها «إطار سياسي يدعو لسوريا متعدّدة ديموقراطية لامركزية، ويدعم الحل لأزمتها وفق قرار مجلس الأمن 2245 ومؤتمر جنيف». وحرص البيان على التأكيد أن «قيام هذا التحالف لا يؤثر على استمرار عضوية الأطراف المُشكّلة له في الأجسام والمؤسسات السورية المعارضة، بل يندرج في إطار التكامل مع جهودهم»، في إشارة إلى استمرار وجود «المجلس» و»الآثورية» في «الائتلاف».

ويُقرأ التحالف الجديد على أنه نتاج تقاطع مصالح بين «المجلس» الكردي الساعي إلى تعزيز حضوره في المنطقة، وبين «تيار الغد» الراغب في العودة إلى المشهد، بعد فشل تحالفه العسكري والسياسي مع «قسد»، وحلّ «قوات النخبة» التي كانت الواجهة العسكرية للتيار. كذلك، تفسّر هذه الخطوة على أنها محاولة من «المجلس» للاستحصال على دعم سعودي وعشائري لمشروعه، من خلال التحالف مع الجربا، المقرّب من الرياض.

يقول رئيس «المجلس الوطني» الكردي، سعود الملا، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «التحالف الجديد يهدف الى توحيد جهود السوريين، لوضع سوريا على طريق المفاوضات، وإنهاء الحرب فيها»، مضيفاً إن «المجلس مستعد للحوار مع الحكومة بإشراف أممي واستناداً إلى قرارات مؤتمر جنيف». ويتابع الملا أن «هذه الخطوة تدعم الحوار الكردي – الكردي، وتُؤسّس لمزيد من التفاهمات بين مختلف أطياف المجتمع السوري، للوصول إلى سوريا ديموقراطية تعددية»، مقرّاً بـ»دعم حكومة كردستان العراق لهذه الخطوة، وعدم وجود أيّ مؤشرات على انزعاج أميركي منها». ويؤكد «استمرار المرحلة الثانية من المفاوضات الكردية – الكردية برعاية أميركية»، موضحاً أن «الجهود تتركّز على تأسيس المرجعية السياسية الكردية ومهامّها ودورها، ودراسة الهيكلية الإدارية المناسبة لشمال شرق البلاد».

من جهته، يعتقد السياسي الكردي المستقل، فريد سعدون، في حديث إلى «الأخبار»، أن «هذا التحالف لن يشكّل ثقلاً سياسياً وعسكرياً في المنطقة، لعدم وجود أيّ قوة عسكرية أو سياسية فاعلة تدعمه». ويلفت إلى أن «خلوّ بيان التأسيس من مصطلح الفدرالية، والاكتفاء باللامركزية، يعبّر عن توجّه سياسي جديد للمجلس الكردي»، متحدّثاً عن «سعي المجلس للتقرّب من الحلف السعودي الإماراتي المناهض للسياسات التركية في سوريا». ويصف سعدون تركيز البيان على مفهوم دولة المواطنة بأنه «بمثابة غزل ضمني للحكومة السورية، للتأكيد على استعداد المجلس للحوار معها»، معتبراً أنه لن يكون هناك تأثير للحلف الجديد على الحوار الكردي – الكردي.

بدوره، يرى مصدر في المعارضة السورية، مقيم في المنطقة الشرقية، أن «الحلف شكلي، وهو لا يضمّ أيّ شخصيات عربية وازنة، سواء من الحسكة أو دير الزور أو الرقة»، معتبراً أن «الأكراد يريدون الظهور بأنهم غالبية ديموغرافية في الشرق، على عكس الواقع الذي يقول إنهم أقلية». ويشير المصدر إلى أن «تيار الغد والمجلس العربي باتا جسماً سياسياً شكلياً، بعد انسحاب معظم أعضائهما، وإغلاق مكتبهما في القاهرة»، متهماً الطرفين بـ»تشكيل تحالف سياسي صوري، هدفه تحقيق مصالح ضيقة».

 

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى