تحديات تسبق تشكيل وفد المعارضة… وفورد يدعو الى التخلي عن الشروط المسبقة (إبراهيم حميدي)
إبراهيم حميدي
أحد البنود التي تضمنها التفاهم الاميركي – الروسي ان تتكفل موسكو باقناع النظام السوري بحضور مؤتمر «جنيف2» على ان تعمل واشنطن على جبهة المعارضة وان يشكل «الائتلاف الوطني السوري» وفد المعارضة بما يراعي القوى الرئيسية ويقود الوفد في العملية التفاوضية، غير ان اجتماعات السفير الأميركي لدى سورية روبرت فورد مع كل من «الائتلاف» و «المجلس الوطني السوري» في إسطنبول والوفدين الاميركي والروسي مع معارضين آخرين في جنيف اظهرت انها لن تكون عملية سهلة وستمر بتحديات تنظيمية وسياسية.
وبمجرد إعلان الأممم المتحدة 22 كانون الثاني (يناير) المقبل موعداً لـ «جنيف 2»، انتقل فورد من جنيف الى إسطنبول. وبحسب المعلومات المتوافرة لـ «الحياة» ان لقاءيه المنفصلين مع قيادة «المجلس الوطني» برئاسة جورج صبرا والهيئة السياسية لـ «الائتلاف» شهدا مناقشات صريحة، ذلك انه ابلغ «المجلس الوطني» ان الذهاب الى المؤتمر الدولي سيتم من دون شروط مسبقة وبامكان كل طرف، الحكومة والمعارضة، ان يعبر عن موقفه داخل المفاوضات سواء ما يتعلق بمصير الرئيس السوري بشار الاسد او صلاحيات الحكومة الانتقالية والجدول الزمني للمفاوضات والاجندة. وأشار الى عدم وجود اي خيار امام المعارضة سوى الحل السياسي والذهاب الى «جنيف 2»، طالباً تأييد قرار «الائتلاف» المشاركة فيه.
وكان «المجلس الوطني» لوح بالانسحاب من «الائتلاف» في حال قرر المشاركة في «جنيف 2»، لكن اجتماع الهيئة العامة الاخير لـ «الائتلاف» وافق على المشاركة ضمن معايير محددة تسبقها خطوات لبناء الثقة تتضمن رفع الحصار عن مناطق وأطلاق سراح معتقلين.
وقالت مصادر اخرى لـ «الحياة» إن لقاء فورد مع الهيئة السياسية لـ «الائتلاف» شهد مناقشات صريحة ايضاً، حيث جدد السفير الاميركي في اللقاء ان واشنطن لن تقوم بأي شيء يضر بالمعارضة، مقابل تأكيد احد الحاضرين بضرورة ترجمة الأقوال الى افعال. وعندما اشار احدهم الى ان النظام لن يقدم اي تنازلات في هذه الظروف العسكرية والأسس التي سيعقد وفقها المؤتمر، تطرق فورد الى قناعته وقناعة الجانب الروسي ان الحكومة السورية لم تكن مرتاحة في قرار المشاركة. كما أشار الى ان المعارضة تحقق تقدماً في ريفي دمشق وحلب في شمال البلاد، متعهداً تقديم مزيد من المساعدات الانسانية والعسكرية.
ووفق المصادر التي حضرت الاجتماع، فإن فورد تحدث في هذا اللقاء عن تغير في الموقف الروسي ازاء الموقف من يحق له المشاركة في الحكومة الانتقالية والنظام السياسي الجديد. وفي هذا المجال، جددت موسكو دعوتها الى رئيس «الائتلاف» احمد الجربا، حيث تجري اتصالات لترتيب موعد الزيارة وجدولها. كما سأل الحاضرون عن أثار الاتفاق النووي بين ايران والغرب على الموضوع السوري.
وأشارت المصادر الى ان المعارضة تبلغت بضرورة الاستعداد للمشاركة في «جنيف 2» سواء ما يتعلق بالموقف السياسي او تركيبة الوفد الذي سيضم 15 شخصاً من مجموعتين، تضم الأولى رئيس الوفد وثمانية آخرين، اضافة الى تسعة من الخبراء الفنيين الذين سيكونون خارج قاعة المفاوضات. وتوقعت المصادر ان تتصاعد التحالفات من الآن الى حين انعقاد اجتماع الهيئة العامة وتسليم قائمة الوفد المعارضة الى المبعوث الدولي – العربي في 27 الشهر المقبل. وظهر قبول بضرورة ضم ممثلي عن الكتائب المسلحة الرئيسية بما فيه «الجبهة الاسلامية» التي تشكلت الاسبوع الماضي، من اكبر ست فصائل مسلحة بينها «لواء التوحيد» و «احرار الشام» و «صقور الشام» و «جيش الاسلام»، اضافة الى كتائب غير منضوية في هذا التحالف.
ومن المقرر ان تجتمع الامانة العامة لـ «المجلس الوطني» يومي 13 و14 الشهر المقبل قبل الاجتماع المقرر للهيئة العامة. وأوضحت المصادر ان «المجلس الوطني» بصدد ان يطلب تعديل المادة في ميثاق «الائتلاف» التي تتضمن رفض الحوار مع النظام، الامر الذي يتطلب موافقة ثلثي الاعضاء البالغ عددهم 118 عضواً. وفي حال اقر تعديل المادة، فإن قرار الموافقة على المشاركة في «جنيف 2» يتطلب النصف زائداً واحداً.
وفي هذا السياق، قالت المصادر ان بعض قادة المعارضة «استغرب» اعلان الجربا الموافقة على المشاركة في المؤتمر قبل صدور قرار نهائي في الهيئة العامة، في حين قالت مصادر اخرى انه اعتمد على القرار الاخير للهيئة. ويراهن «المجلس الوطني» على تصويت نحو 47 ضد قرار المشاركة، علماً ان عدد اعضائه الرسميين يبلغ 22 عضواً، مقابل «ثقة» اعضاء في الهيئة السياسية بأن الموافقة «مضمونة، كما حصل في القرار الأخير خصوصاً بعد توسيع «الائتلاف» ودخول كتلة علمانية واجهت نفوذ كتلة «الاخوان المسلمين»، ذلك ان عشرة اعضاء من الهيئة السياسية البالغ عدد اعضائها 19 وافقوا على المشاركة مع انهم من المجلس الوطني» الذي يشكل «الاخوان المسلمون» كتلته الرئيسية. لكن قياديين في الاخير، يراهنون على تحالفات يشكلونها الآن ضد المشاركة سواء داخل اعضاء الهيئة او ممثلي الحراك الشعبي وقيادة «الجيش الحر» في «الائتلاف»، حيث يقدر ان نحو 60 عضواً باتوا ضد المشاركة في الظروف الراهنة. كما ظهر امر آخر يتعلق بأن الهيئة الرئاسية لـ «الائتلاف» تنتهي ولايتها في السابع من كانون الثاني المقبل، ما يتطلب اجراء انتخابات جديدة قبل منتصف الشهر ذاته وموعد المؤتمر الدولي.
اما التحدي الآخر، فيتعلق بتشكيل وفد المعارضة، ذلك ان «الائتلاف» تبلغ ان الدعوة ستوجه اليه كي يشكل وفداً يراعي القوى الاخرى في المعارضة للمشاركة في «جنيف 2». واقترحت الجامعة العربية استضافة مؤتمر للمعارضة لتوحيد موقفها ورؤيتها وتشكيل وفد مشترك. ويميل «الائتلاف» الى خيار عقد المؤتمر في القاهرة تحت مظلة الجامعة العربية، مع احتمال عقد لقاء تمهيدي في العاصمة الروسية. وقال منذر خدام القيادي في «هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي» (معارضة الداخل) ان لقاء مع «الائتلاف» سيعقد قريباً لمناقشة هذه الامور، لافتاً الى انها شكلت وفدها، وضم المنسق العام حسن عبدالعظيم رئيساً وعضوية هيثم مناع ورجاء الناصر(أعتقل في دمشق الاسبوع الماضي) وعبدالعزيز الخير (في حال خروجه من المعتقل) وخدام، وصالح مسلم (في حال لم يذهب الأكراد كوفد مستقل) وجمال ملا محمود وعارف دليلة والشيخ رياض درار وعبدالمجيد منجونة. وأمل خدام ان «يتم الاتفاق على وفد مشترك من جميع فصائل المعارضة يدعى وفد المعارضة الوطنية السورية».
الى ذلك، قال مسلم رئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي»، الذي التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قبل يومين، انه «تبين من اللقاءات التي جرت حتى الآن بأن بعض القوى الإقليمية والدولية بينها تركيا وأميركا ترفض التطرق الى القضية في المؤتمر» الدولي. وقال ان «لا حل للازمة السورية ولا ديموقراطية ولا سلم من دون حل القضية حلاً عادلاً واعتبار الهيئة الكردية العليا الممثل الشرعية لإرادة الشعب الكردي». وكان منافسه «المجلس الوطني الكردي» بزعامة عبدالحكيم بشار وقع اتفاقاً مع «الائتلاف» تضمن ادخال ثمانية اعضاء اكراد الى الهيئة العامة، واحتمال مشاركة بعضهم في الوفد المفاوض.