تحذيرات أميركية بالجملة إلى أردوغان (محمد نور الدين)

 

محمد نور الدين 

  
لا يزال التوتر يرخي بظلاله على العلاقات التركية – الأميركية والذي بدأ مع انتفاضة "تقسيم – جيزي"، وبلغ ذروته مع انفجار فضيحة الفساد التي اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراءها لإطاحته. ولا يزال سقف الخطاب الرسمي لـ"حزب العدالة والتنمية" هو أن مؤامرة خارجية تستهدف تركيا ودورها وأردوغان شخصياً.
النائب عن الحزب شامل طيار ألقى التهم بالجملة على الخارج في حوار مع قناة تلفزيونية تركية، قائلاً إن "الهدف النهائي من عملية ما سمي بالفساد تستهدف أن تكون تركيا من دون أردوغان". وأضاف أن "الذين يشعرون بالقلق من الدور التركي المتصاعد ومن أن تكون تركيا دولة قوية. يريدون خلو تركيا من زعامة أردوغان وشطبه من المعادلة نهائياً، معتبراً أن "أول خطوة لذلك هي دفعه إلى التخلي عن الترشح لرئاسة الجمهورية. والخطوة الثانية في حال نجاح ذلك، إبعاده عن العمل السياسي مع حلول الانتخابات النيابية في العام 2015 وتطبيق النظام الداخلي للحزب بالبقاء ثلاث ولايات فقط وعدم اللجوء إلى تعديل هذا النظام".
وأوضح طيار "ولكن حتى هذا السيناريو لا يريد خصوم أردوغان تطبيقه إذ لا يحتملون حتى بقاءه حتى العام 2015، بل يريدون ابتعاده فوراً عن العمل السياسي لأنهم يخشون من تغير الظروف غداً، لذا هم يخلقون مناخاً من الفوضى ويضغطون على الاقتصاد فلا يصبح ممكناً ترشح أردوغان لرئاسة الجمهورية ولا بقاءه رئيساً للحكومة".
في ظل "سيناريو المؤامرة" الذي يقتنع به "حزب العدالة والتنمية"، تتواصل حملة أردوغان على خصومه وعلى الخارج، وتتواصل عملية "تنظيف" الدولة بكل مؤسساتها من أي موظف يمكن أن تكون له صلة بالداعية فتح الله غولين الذي تحداه أردوغان للعودة إلى تركيا وممارسة السياسة فيها.
لكن المحطة المفصلية التي يتوعد أردوغان خصومه بها، هي الانتخابات البلدية في 30 آذار المقبل، بحيث يقرر أردوغان في ضوئها خططه للمرحلة المقبلة. فإذا نال فوق الأربعين في المئة من الأصوات فسيعتبر ذلك تصويتاً للثقة بالحكومة وبالتالي يمضي في ترشحه للرئاسة على اعتبار أن هذه النسبة تعادل النسبة نفسها التي نالها في الانتخابات البلدية السابقة في العام 2009، أي 39-40 في المئة.
لكن التخوف المشروع الذي تبديه المعارضة التركية، هو من أن يتمكن أردوغان، عبر عمليات التصفية الشاملة التي يلجأ إليها، من تطويع القضاء لصالحه وإلغاء مذكرات التوقيف بحق المتهمين بالفساد، ومنهم ابنه بلال والعديد من الوزراء والمقربين منه، واعتبار القضية مجرد "مؤامرة".
وتوقف الكاتب في صحيفة "ميللييت" قدري غورسيل عند نقطة أن تركيا المحرومة من النفط والغاز الطبيعي الذي يمكن أن ترشي به الناس، لا يمكن أن تستقر سياسياً واقتصادياً إلا باعتماد نظام قيم الحرية والديموقراطية.
وأضاف غورسيل "غير أن الحكومة منذ أحداث "تقسيم" هدمت مشروعيتها الأخلاقية. وقد واصلت حكومة أردوغان هذه السياسة مع عملية الفساد في 17 كانون الأول الماضي. ومثل هذه التركيا غير المستقرة ستكون تهديداً أيضاً للاستقرار في المنطقة. وتركيا التي لم تجلب الخير لنفسها لن تجلب الخير للدول المجاورة ولحلفائها، وفي مقدمة هؤلاء الحلفاء الولايات المتحدة الأميركية".
وفي هذه اللحظة بالذات، يخرج تقرير"فريدوم هاوس" الأميركي مطلقاً تحذيراً للرئيس الأميركي باراك أوباما بضرورة اتخاذ موقف حازم تجاه أردوغان.
وذكر التقرير أن ردة فعل الإدارة الأميركية على قمع الحريات الصحافية وفضائح الفساد ليست بعد قوية إلى درجة كافية، مضيفاً أن على أوباما أن يوجه لأردوغان والرئيس التركي عبد الله غول تحذيراً واضحاً جداً، بأن التراجع الذي يقوم به أردوغان عن الإصلاح سوف يضعف فرص العمل نحو الأهداف المشتركة.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى