تحول حاسم تجاه الأزمة السورية

يشهد الشرق الأوسط حاليا تحولا حاسما تجاه الصراع في سوريا.

فقد لقيت دعوة الرئيس المصري محمد مرسي لإجراء حوار عربي- إيراني- تركي حول الأزمة والانتقال الآمن للسلطة في سوريا وهو ما ردده في كلمته في قمة حركة عدم الانحياز في طهران – ترحيبا في كل من تركيا وإيران. ولدى هذه الدول جميعها مصلحة قوية في إنجاح مثل هذا الحوار، الأمر الذي يجعل فرص النجاح أكبر بكثير مما كانت عليه في أي وقت مضى.
والسياق واضح بما فيه الكفاية. فقد حقق الثوار السوريون مكاسب كبرى. إذ انتقلت الثورة إلى مرحلة جديدة بعد هجوم 18 يوليو الماضي في دمشق، الذي أودى بحياة العديد من كبار المسؤولين الأمنيين، وأعطى دفعة معنوية قوية للجيش السوري الحر.
ومنذ ذلك الحين، حاول هذا الجيش تأمين عدد من المعابر الحدودية السورية مع تركيا والعراق، وكرس مقاتلوه وجودا عسكريا لهم في دمشق وحلب، وهما المدينتان اللتان كانتا تحت سيطرة النظام المطلقة.
أما بالنسبة للنظام السوري، فقد شهد انهيارا لروحه المعنوية، تمثل في مجموعة من الانشقاقات الكبرى، أهمها انشقاق رئيس الوزراء السابق وعدد من القادة الأمنيين والعسكريين.
وقد ولد ذلك حالة من الخوف داخل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مما أثار ردود فعل وحشية، كما تبين من خلال الاستخدام غير المسبوق للقوة الجوية لقصف مراكز سكانية.
وكانت النتيجة ارتفاعا مذهلا في عدد الضحايا، وتدفقا غير مسبوق للاجئين إلى البلدان المجاورة. وتشير مقابلة الأسد الأخيرة التي طلب خلالها المزيد من الوقت لهزيمة الثوار إلى أن سفك الدماء سيتفاقم.
وعقدت قمة حركة عدم الانحياز الأخيرة، التي حضرها أيضا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على خلفية العجز الدولي عن الوصول إلى توافق في الآراء بشأن سوريا، نظرا لموقف روسيا والصين من جهة، وتردد الولايات المتحدة في السماح بتدفق أسلحة مضادة للطائرات أكثر فعالية إلى الجيش الحر، خوفا من أن هذه الأسلحة يمكن أن تشكل خطرا مستقبليا على أمن إسرائيل.
وقد أوحى هذا الموقف بجلاء لجارات سوريا بضرورة التوصل إلى نتيجة مقبولة للصراع الدموي قبل أن يهدد باجتياح المنطقة بأسرها. أما بالنسبة لتركيا، فقد بدأت تدرك أن الأزمة السورية يمكن أن تضر بأمنها القومي، لا سيما مع تصاعد الأنشطة الكردية المعادية لها في المحافظات الحدودية السورية.
وعلاوة على ذلك، فإن انهيار نظام الأسد سيسبب عبئا أمنيا واقتصاديا ثقيلا، في حال لم يتم الاتفاق مع إيران والدول العربية على عملية انتقال سلسة.
والخوف المشترك هو أن سوريا يمكن أن تتحول إلى ساحة حرب إقليمية بالوكالة، في صراع يستمر لسنوات.
وتعد المبادرة المصرية مهمة لأنها أول مبادرة من جانب رئيسها المدني المنتخب حديثا، وكذلك لأنها تأتي بعد تمكن مرسي من تكريس سلطته داخليا من خلال عزل القيادة العسكرية السابقة. وهذا يعطي مبادرته وزنا أكبر في الخارج، ويشير إلى عودة مصر إلى لعب دورها الريادي التاريخي.

صحيفة «غارديان» البريطانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى