ترامب احتجب عن الملك عبد الله وبيلوسي عانقته في عمان..

 

من السهل جداً التساؤل عن السبب الذي يجعل دونالد ترامب يصرّح- وبعد أشهر متواصلة من تجاهل الأردن وبصورة واضحة- عن كونه سيترك بعضا من الجنود الأمريكيين منتشرين على الحدود الأردنية الشمالية (والإسرائيلية) لحماية المملكة، وذلك لاحقا لزيارة خصمه السياسي اليوم رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي والتي أبدت “حناناً” وهي تتحدث وتعانق ملك البلاد.

واشنطن بهذا المعنى توحي بانها تعيد حساباتها بصورة او بأخرى مع عمان، خصوصا بعد أشهر ممتدة تجاهل فيها البيت الأبيض الأردن كثيرا وزيارات متعددة للملك للولايات المتحدة لم يلتقِ فيها الرئيس الأمريكي ترامب، رغم العلاقات التحالفية المفترضة.

الأردن أيضا يؤكد سياسيوه انه عانى وبشدة من تداعيات عدة قرارات أمريكية ولعل أبرزها القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وملف القدس، والذي يعاني بذاته اليوم (أي الملف) من تعقيدات المشهد الإسرائيلي بعد فشل رئيس الوزراء المقرب من الأمريكيين بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومته.

بهذا المعنى، تلتفت واشنطن وبصورة محدودة جدا للأردن بالحديث عن الجنود الأمريكيين على الحدود وزعم ان وجودهم ينصب لحماية امن المملكة، تزامنا مع التوتر بين تركيا والاكراد في الشمال الشرقي لسوريا والذي قد يؤدي إلى المزيد من الفوضى من جهة وبالتالي مزيدا من اللاجئين، بالإضافة الى ان التوتر المذكور يهدد جنود داعش وعائلاتهم المحتجزين في السجون الكردية، وهنا بالضرورة المخاوف الأردنية كبيرة وعميقة.

يحصل كل ذلك بالنسبة للمشهد الإقليمي الضيق، والذي يمكن وضع الجنود الأمريكيين الذين يريد ترامب نشرهم على الحدود ضمنه، ولكن توسيع عدسة الرؤيا قليلا يؤكد ان واشنطن تعمل أصلا على إعادة انتشار جنودها في المنطقة بين الرياض والخليج والعراق، والهدف بهذه الجزئية وبمراعاة ما تريده واشنطن عمليا لا يمكنه ان يكون حماية الأردن مثلا من متشددين منتمين لداعش أو لغيرها وحسب، قدرما ينصبّ على قطع الطريق على القوات الإيرانية في المنطقة والتي لا تزال متواجدة في سوريا.

بهذه الصورة تعود عمان وان ببطء ودون مساعدات مالية إضافية للمعادلة الامريكية، وبالتزامن أيضا مع عقد مؤتمر امن الملاحة في البحرين قبل أيام والذي تشارك فيه معظم دول المنطقة مع إسرائيل لحماية الملاحة في الخليج.

المؤشر الاخر الذي يؤكد ان قرارا أمريكيا متخذا تحت شعار استعادة الأردن ولو جزئيا وبالتزامن مع المؤتمر الذكور هو الإعلان الأردني عن زيارة مرتقبة لملك الأردن عبد الله الثاني الى الرياض، وهي العاصمة التي تربطه معها علاقة باردة ممتدة ولم يزرها الا في ذات الوقت الحالي من العام الماضي لحضور مؤتمر “دافوس الصحراء” الاقتصادي.

في مؤتمر الصحراء العام الماضي ظهر ملك الأردن متوترا الى جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكان في حينه صاحب مبادرة مستغربة عالميا اذ تواجد رغم مقاطعة كبيرة للمؤتمر اثر حادثة قتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.

بذات الوقت، تتلقى عمان من تل ابيب عددا من الرسائل الدبلوماسية التي تحاول إعادة تطبيع العلاقات بين الجانبين بعد فترة من التوتر الكبير بين الجانبين وبسبب ملف القدس ذاته والتصعيد في المقدسات ومع مواطنين أردنيين. تتزامن الرسائل مع امرين في غاية الأهمية، الأول مرور ربع قرن على معاهدة السلام بين البلدين، والثاني انتهاء العقود التأجيرية في منطقتي الباقورة والغمر واللتين كانتا مقررتين في ملحق لاتفاقية السلام ذاتها.

في الجزء الثاني، يبدو ان المجلس الإقليمي لمنطقة غور الأردن من جانب الإسرائيليين يحاول بكل جهده التواصل مع مسؤولين أردنيين ليجد حلا وان وسطا بين البلدين حول الأراضي ذاتها وتحت عنوان “عدم ضياع جزيرة السلام على الطرفين”.

بهذا المعنى تتحلحل وإن بصعوبة وبطء علاقات عمان بمحور واشنطن- الرياض- تل ابيب، الذي يعتبره الأردنيون فاعلا ضدهم بكل التفاصيل، بينما لا احد يعلم لا مدى جدية هذه الحلحلة، ولا مدى فاعليتها، خصوصا وعما تصر على التقوقع بمنطقة قريبة من المحور المذكور وتتبنى سياساته.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى