أحوال الدنيا

ترامب بين “اللمسة الناعمة” و”التسديد في الجحيم”!!

د. فؤاد شربجي

سيظل خطاب ترامب في 29 أيلول علامة مهمة في التاريخ خاصة وأنه كان إعلانا لخطة إنهاء الحرب في غزة. ورغم هذه الأهمية فقد حافظ ترامب على (نكهة طريفة) لكنها معبرة في الخطاب. أكثر ما تجلت هذه النبرة عند حديثه عن سبب اختيار واضعي الخطة له ليكون رئيس “مجلس السلام” الذي سيشرف على إدارة قطاع في اليوم التالي. قال ترامب (رغم أنني منهمك بالكثير من الأعمال إلا أنهم اختاروني لأكون رئيسا لهذا المجلس.) حتى الأن هذا عادي. ولكن الطريف كان في تعقيبه الشارح للسبب (ربما لأن لي “لمسة ناعمة” والكل يحب التعامل معي ويثق بحكمتي). بكل بساطة يعلن ترامب للناس ويعرفهم على سر شخصيته الكامن في “اللمسة الناعمة”.

‏قبل ذلك، وفي تعقيبه على تعطل القارئ الآلي في الجمعية العامة، قبل إلقاء خطابة في الأمم المتحدة، قال ترامب (أرادوا أن يخربوا القارئ الآلي ليضعوني في مأزق. في الحقيقة المسؤول عن تشغيل القارئ الآلي هو الآن في “مأزق فظيع”) وكان يهدده عن جد. وأكمل ترامب متفاخرا (وبدل الوقوع في الإرتباك ألقيت الخطاب من القلب. من قلبي.) استبدل القارئ الآلي بقلبه وبدل  قراءة الخطاب من على شاشة القارئ الآلي. قرأه من على شاشة القلب. قلبه. وحسب تقييمه كان خطابا رائعا.

‏الواقعيون يعترفون. ترامب يرسخ أساليب جديدة في السياسة. البعض يقول أنها أساليب مستمدة من مبادئ (أمريكا أولا)، أو من روحية (أمريكا عظيمة من جديد) أو (أميركا عظيمة دائما). وآخرون يقرأون تركيزه على “تعظيم القوة الأمريكية العسكرية في وجه العالم” اساسا لمبدأ “السلام بالقوة” الذي يتبعه بشكل علني. ولنفهم معنى هذا المبدأ علينا أن نتذكر ما قاله ترامب بالأمس مخاطبا حماس (إن وافقتم على خطتي ستجدون أمرا رائعا. وأن رفضتم ستسددون الحساب في الجحيم). أنه زمن ترامب، وزمن سياسة (إن تبعتموني تكسبون الجنة. وإن خالفتموني لبسكم الجحيم). من هنا نفهم أن “اللمسة الناعمة” ينالها المتبع له. و”الخطاب من القلب” موجه ليسمعه المؤمنون بزعامته التي أعلن فحواها أثناء خطاب القلب في الجمعية العامة بقوله (أنا على حق دائما). أما من يناقشني او ينتقدني أو يعارضني فهو كما قال في تأمين تشارلي تاكر (من يعارضني عدوي. ولا أحبه. بل أكرهه). ونتيجته ستكون كنتيجة حماس إن رفضت خطته (تسديد الحساب في الجحيم).

‏العالم اليوم يعيش مرحلة من ممارسة السياسة يرسمها وينفذها ترامب. ويسلم بها معظم قادة العالم. بل يتوسلون له أن يستمر في ممارستها حتى عليهم. وتقوم هذه السياسة على “اللمسة الناعمة” الترامبية. أو على الخطاب الترامبي النابع من القلب. وتتضمن دفع المعترضين عليها إلى “تسديد الحساب في الجحيم”. هي سياسة مستجدة في عالم القيم العالمية تحتاج للتبصر والنظر والاستيعاب. ومن لا يفهم ولايحترم التغيير في دنيا السياسة، ومن يتجاهل محركات السياسة المستجدة، يجد نفسه في طابور “دفع الحساب في الجحيم” الله ينجينا من كل جحيم.  ويهدينا سواء السبيل. آااااااااااااااااااااامين.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى