ترامب يُشْعِل فَتيل التَّوتُّر بينَ أوكرانيا وروسيا لتَحويلِ الأنظار عَن هزائِمِه في سورية والشَّرق الأوسَط عُمومًا

تتصاعَد حِدَّة التَّوتُّر بين روسيا وأوكرانيا بعدَ إطلاق القُوّات الروسيّة النّار على ثَلاثِ سُفُنٍ أوكرانيّةٍ دخَلَت المِياه الإقليميّة الروسيّة في بَحرِ آزوف، واحتَجَزتها لاحِقًا، ورَدَّ الرئيس الأُوكرانيّ بيوتر بوروشينكو بإعلانِ حالةِ الحَرب، وتطبيق الأحكام العُرفيّة لمُدَّة ستّين يَومًا.

هذا التَّصعيد الأوكرانيّ ما كانَ أن يَحدُث لولا وُجود ضَوءٍ أخضرٍ أمريكيّ، فإقدام السُّفُن الثّلاث على انتِهاك المِياه الإقليميّة الروسيّة جاءَ بمَثابةِ “تَحَرُّشٍ” ومُحاولةِ جسّ نبضِ رُدود الفِعل الروسيّةِ عَليه.

الأمر المُؤكَّد أنّ الرئيس الأُوكرانيّ الذي يُعتَبر رأس حِربَة للإدارة الأمريكيّة في هذا الصِّراع مع روسيا لم يتَوقَّع أن يأتِي الرَّد الروسيّ حازِمًا وحاسِمًا، وأن يَصِل الأمر إلى درجة إغلاق روسيا لمَضيقِ كيرتش الذي يَربُط البَحْرَين الأسود و آزوف، وتَستخدِمه البُلدان كمَمَرٍّ بَحريٍّ مُشتَرك.

القُوّات الخاصّة الروسيّة أطلقت النّار على السُّفُن الأوكرانيّة الثَّلاث قبل أن تُقدِم على اقتِحامِها والسَّيطرةِ عليها، وسط أنباءٍ عن إصابَةِ ستّةٍ مِن البحّارة الأُوكرانيين، اثْنَين مِنهُم جُروحُهُما خَطِرة.

أوكرانيا تَصِف العمل الروسيّ الحربيّ بأنّه اعتداء، بينما تعتبره روسيا مَشروعًا، لأنّ السُّفن الأُوكرانيّة العَسكريّة دخَلت المِياه الروسيّة بطَريقةٍ غَير قانونيّةٍ.

مجلس الأمن الدوليّ الذي عَقَد جلسَةً طارِئةً صَباح اليوم الإثنين بتَوقيت نيويورك فشل في اتّخاذ أيّ قرار بسبب اتّساع هُوّة الخِلاف بين روسيا وأمريكا، الأمر الذي دفع بكُل من فرنسا وألمانيا للمُسارَعة بالتَّدخُّل في مُحاوَلةٍ لتَطويقِ الأزَمَة قبل أن تَستَفحِل وتَخْرُج عَن السَّيطرة.

إدارة الرئيس دونالد ترامب التي هُزِمَت في سورية، ويُواجِه حِصارُها الذي فَرَضته على إيران الفَشَل، وتغرق في خِلافات طاحِنة مع الكُونغرس والإعلام الأمريكيّ على أرضيّة مُحاوَلاتها اليائِسة لإنقاذ حليفها السعوديّ، الأمير محمد بن سلمان، تُريد تفجير الصِّراع الروسيّ الأُوكرانيّ لتَحويلِ الأنظار، والتَّمهيد لفَرضِ عُقوباتٍ جَديدةٍ على روسيا.

إغلاق روسيا لمضيق كيرتش بين البَحْرَين الأسود وآزوف بناقلة نفط عِملاقة رُبّما يكون “بروفة” لإغلاق إيران لمَضيق هرمز الأهَم في الخليج العَربيّ، حيثُ يَمُر 18 مِليون برميل مِن النِّفط إلى العالم يَوميًّا، ولا نَستبعِد أن يتِم استخدام أُسلوب الإغلاق نفسه، أي إغراق ناقِلَة نِفْط عِمْلاقَة.

ما لا يَعرِفه الرئيس ترامب وتابِعه الاوكراني بوروشينكو أنّ روسيا اليوم يَحكُمها الرئيس فلاديمير بوتين وليس غورباتشوف “المَفْتون” بالغَرب، أو بوريس يلتسين المَخمور والخاضِع لسَيطرةِ عُمَلاء الغَرب الصَّهايِنة.

عَدم تطويق هَذهِ الأزَمَة رُبّما يُشْعِل فتيل حَربٍ أوسَع في أوروبا لا يُمكِن التَّوقُّع بنَتائِجها.. واللهُ أعْلَم.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى