تركيا الفخّ الأميركي لروسيا
30 سبتمبر 2015 تدخّلت روسيا بقدراتها العسكرية مباشرة في الحرب الدائرة في سوريا ، هذا التدخّل الذي أعاق المشروع الأميركي المُخطّط لسوريا ، وقلب الموازين ، فبدأت الدولة السورية وحلفاؤها باستعادة المبادرة على الأرض واقتربت من حسم المعركة ، وبالتالي خروج أميركا خالية الوفاض .
ولذلك ابتدعت العقلية الأميركية خطة سريعة بنصب فخ لروسيا في سوريا لجعلها تخسر جزءا” من مكتساباتها ، واعتمد الفخ الأميركي على فكرة (اضرب عدوّك حيث يظن أنه ضربك )، وعلى أرض الواقع أبعد روسيا عن مصالح حلفائها ، بالوقت الذي تظن فيه أنها تكسر أميركا بإبعادها عن تركيا …
ولكي تكون الخطة مُحكمة ومُكتملة ، لا بد من خطوات وأحداث تكون الطعم الذي يدفع روسيا للوقوع بالفخ :
أولا”: أن تشهد تركيا محاولة انقلابية ليس استثناء إنما الاستثناء كان في أمرين :
1- أن انقلاب 15 تموز كان انقلابا” فاشلا” بعد سلسلة من المحاولات الانقلابية الناجحة التي شهدتها تركيا بدءا” من انقلاب 1960 مرورا” بانقلاب 1970 و 1980 وصولا” لانقلاب ( مابعد الحداثة ) 1997 .
2- أن يكون العقل المُخطِّط للانقلاب على أردوغان هو حليفه فتح الله غولن ( زعيم حركة الخدمة ) المقيم منذ عام 1999 في الولايات المتحدة الأميركية حليفة تركيا ، وبينما كان الموقف العلني لواشنطن الحليفة لأنقرة من المحاولة الانقلابية ضبابيا” إن لم نقل داعما” لها ،
كان موقف روسيا العدوّة ، دعم الحكومة التركية سياسيا” ، واستخباراتيا” عبر خط ساخن بين المخابرات الروسية و التركية تم من خلاله نقل خطط ومعلومات عن الانقلابيين حصلت عليها موسكو،
ومن نافل القول إن واشنطن هي من سرّبت بشكل غير مباشر تلك المعلومات لروسيا إمعانا” في إحكام الفخ .
ثانيا” : الدعم العسكري الهوليوودي الاستعراضي لقوات سوريا الديمقراطية ، في محاولة ظاهرها استفزاز لتركيا ، باطنها جعل الكرد الطعم الذي استدرج فيه الروسي إلى الفخ الأميركي التركي .
ثالثا” : صفقات تركية – روسية ( عسكرية – اقتصادية ) .
وهنا سقطت روسيا في الفخ ونجم عن ذلك :
1- إدخال تركيا عسكريا” بشكل مباشر ومؤثر إلى سوريا بإشراف وضوء أخضر روسي ،
حيث باتت تركيا تسيطر على منطقة ممتدة من جرابلس مروراً بأعزاز وعفرين وإدلب وريف حماه حتى تخوم اللاذقية ،
وتتحكّم بأكثر من مئة ألف مقاتل إرهابي وهي قوّة عسكرية لا يُستهان بها إن كانت مدعومة من دولة كتركيا تمتلك عتادا” قويا” وأيديولوجية تتوافق مع الجماعات الإرهابية .
2- وقف معركة تحرير إدلب من الجماعات الإرهابية تحت شعار الحيلولة دون حدوث أزمة إنسانية جديدة وهجرة جماعية من منطقة خفض التصعيد في إدلب ، وبالتالي أية عملية عسكرية يقوم بها الجيش السوري ستقوّض اتفاق الآستانا وذلك بحسب مجلس الأمن القومي التركي
3- التخلّي عن حلفائها الكرد في عفرين وبيعهم لتركيا .
هذه الأمور الثلاثة أدّت إلى خسارة روسية كبيرة جيوسياسية باعتبار عفرين هي المعقل الوحيد في الشمال السوري الذي لم يكن بيد الناتو ، ومعنويا” حيث خسرت الكثير من مصداقيتها أمام الجمهور المؤيّد للدولة السورية وحلفائها ، فظهرت إمكانية تخلي روسيا عن مصالح حلفائها مقابل مصالحها .
ويبقى السؤال هل سقطت روسيا فعلا” في الفخ الأميركي ؟
أم أن الفخ كان روسيا” أميركيا” ضد محور المقاومة ؟
وهل سيستوعب محور المقاومة الفخ و الرد عليه بذات الطريقة ( اضرب عدوك حيث يظن أنه ضربك ) ؟
الميادين نت