ترمم سور الصين بالطرق التقليدية القديمة
ينكب عمّال على ترميم ما تهدّم جراء تهاوي الأحجار في إحدى نواحي سور الصين العظيم في ضاحية العاصمة بكين، متسلحين بالبغال والكلس لإنجاز هذه المهمة الشاقة في مقابل بدل مادي متواضع.
فقد بدأت السلطات أعمال الترميم بالطرق التقليدية بعد احتجاج شعبي عارم بعيد “إصلاح” قسم جيانكو وعمره 700 سنة من السور من خلال تغطيته بالإسمنت.
وقال لي جينغدونغ وهو أحد العمال الذين يقومون بأعمال ترميم قسم جيانكو “كلها أحجار منهارة من الجدار الأصلي. وهي تستخدم لعمليات الترميم”.
من حوله، يستخدم العمال رافعة كهربائية لإعادة حجر كبير سقط من الجدار إلى مكانه، بينما تجتاز البغال الجانب الجبلي المنحدر لنقل المياه والكلس إلى العمال لخلطها وتثبيت الحجارة بها.
وهذا العمل يتطلب جهدا جسديا، إذ تحتاج كل حجرة كبيرة إلى 45 دقيقة إلا أن العمال يتلقون 150 يوان (22 دولارا) في اليوم فقط.
ونفذت خطة الترميم استنادا إلى الطرق التقليدية في وقت سابق من هذا العام في محاولة للحفاظ على المظهر الأصلي لهذا المعلم الشهير في الصين المقسم إلى أجزاء تشكل معا مسافة تمتد آلاف الكيلومترات من الساحل الشرقي للصين إلى حدود صحراء غوبي.
وقال المهندس تشينغ يونغماو الذي يشرف على العمليات في جيانكو منذ 15 عاما، إن خطة الترميم الأخيرة تهدف إلى جعل “الناس يشعرون بأن هذا الجزء لم يرمم”.
وبدأ بناء سور الصين العظيم في القرن الثالث قبل الميلاد واستمر لقرون عدة. شيّد ما يقرب من 6300 كيلومتر، بما في ذلك قسم جيانكو، في عهد أسرة مينغ 1368-1644.
واليوم يستقطب هذا المعلم حوالى 10 ملايين سائح سنويا، لكن هذا العدد الكبير من الزوار إضافة إلى عامل الوقت والأحوال الجوية، أدت إلى انهيار أجزاء منه.
وبهدف حماية هذا المكان الأثري المهدد، قرر المسؤولون في قسم بادالينغ الذي تتوافد إليه أعداد كبيرة من السياح، الحد من الزيارات إلى 65 ألف شخص يوميا اعتبارا من الأول من حزيران/يونيو.
في العام 2016، جرى تغطية جزء من السور العظيم في مقاطعة لياونينغ الشمالية الشرقية بالأسمنت، ما أدى إلى تحويل المسار غير المتكافئ، الذي شيّد في العام 1381، إلى سطح مستو إلى درجة أن البعض شبّهه بشارع عادي.
وانتشرت صور أعمال الترميم بشكل كبير ما تسبب في ضجة على مواقع التواصل الاجتماعية حيث كتب أشخاص تعليقات مثل “إنه أمر محزن” و”سور الصين العظيم المسكين”.
وردا على ذلك، أصدرت وزارة الثقافة والسياحة خطة جديدة للحفاظ على هذا المعلم ولكن بالحد الأدنى من الأعمال لترميم الأجزاء المتضررة من الجدار.
وقال سونغ شينتشاو نائب مدير الإدارة الوطنية للتراث الثقافي إن بعض المكلفين الحفاظ على الجدار يملكون “أفكارا نمطية” مفادها أن كل جزء منه يجب أن يشبه قسم بادالينغ في بكين الذي يشمل التلفريك.
وأضاف في وقت سابق لصحيفة “تشاينا دايلي” الحكومية “إنهم يخلطون بين ترميم الجدار وتطوير معلم سياحي”.
لكن على أرض الواقع، ينظر بعض العمال إلى الأسلوب الجديد بنظرات مشككة.
وقال لي جينغدونغ “في الماضي، كنا نصلح المكان برمته. أما الآن، فالفكرة هي إصلاح أماكن محددة مع الحفاظ على المزيد من الأشياء الأصلية سليمة”.
وفي الوقت الذي ستحقق فيه الخطة الجديدة الهدف القاضي بالحفاظ على جمالية الجدار القديم، يخشى لي أن هذه الإصلاحات لن تستمر طويلا وأن الهيكل سينهار مجددا.
وأوضح “الفكرة جيدة لكنني أعتقد أن الجدار ما زال يبدو متضررا، خصوصا عند المنحدرات وسينهار مجددا في أقل من عام تحت أقدام السياح”.