كتب

تزييف الوعي الفلسطيني في رواية “حفيدة الراعي”  

تعالج الكاتبة الكندية آن لوريل كارتر في رواية “حفيدة الراعي” موضوع القضية الفلسطينية من وجهة نظرها حيث عاشت في المستوطنات الإسرائيلية أثناء مهمة بحثية لها هناك، وخبرت حياتهم وتعايشت مع بعض الأسر الفلسطينية هناك، والشخصيات في الواقع التي تقابلت معها.

فاستلهمت قصة روايتها “حفيدة الراعي” من زخم الأحداث التي مرّت بها في فلسطين، فهي في روايتها حفيدة الراعي وكأنها تدس السم في العسل  كما تعمل على تزييف الوعي الفلسطيني بل والوعي العربي كله على حد سواء.

وخاصة أنها ترتكز على شخصيتين رئيسيتين في الرواية وهما أماني الفلسطينية وجوناثان اليهودي، وكأنها توجه رسالة لفتية وفتيات هذا الجيل الناشىء الذي يريدونه يتقبل فكرة التعايش بين الفلسطيني واليهودي، فالحب والتسامح يستطيع أن يتآلف كل منهما حيث تبدأ الحكاية بــــ أماني فتاة عربية تستعد للدخول إلى المرحلة الثانوية برام الله والتي تحبذ أن تصبح راعية مثل جدها سيدو وتسخر منها ابنة عمها وردة “ستتعلمين حين تذهبين إلى المدرسة يا أماني، البنات لا يمكن أن يصبحن راعيات، حين ينتهي الصيف ستنسين أمر تلك الأغنام الغبية نهائيا. صرخت أماني أبدا سأكون راعية اليوم”.

تستهين وردة بحب أماني لحرفة الرعي “ستذهبين إلى المدرسة غدا لو أمضيت مزيدا من الوقت مع هذه الأغنام فستصبيحين غنمة مثلها تماما”.

“أماني” حفيدة الراعي، للأسف انتشر اللقب الذي أطلقته وردة ابنة عمها على أماني في القرية، وأصبحت البنت النعجة معزولة عن الأحاديث والألعاب. غير أن أماني لم تكترث لذلك. وأماني “بنت فلسطينية وحيدة مع غنمها يصعب أن تكون تهديدا”. لكن المستوطنين اليهود يستولون على أراضيهم. كيف تواجه أماني الوضع؟ ثم الفتى جوناثان هذا الفتي اليهوي الذي انتهى من المرحلة الثانوية ويستعد لدخول الجامعة والمقيم بالمستوطنات، أماني “وضعت علامة على مكان قمة سيدو تريد إسرائيل أن تقيم مستوطنة هناك فعزمت أماني لا تسرح بأغنامها على قمة سيدو وسمعت صوت سيدو كأنه  يتحدث في داخلها إنه هناك الدرب المؤدي إلى الفردوس”.

الآنسة عبوشي تساند أماني دوما لأن عقليتها المتفتحة ونشأتها في أميركا جعلتها موضع ثقة  للفلسطيني واليهودي، وكأن الكاتبة تعزز في شخصية الآنسة عبوشي دور أميركا القوي في تعزيز العلاقات بينهما

أماني وجوناثان والمستوطنات

أماني تقابل جوناثان لأول مرة “في كل مرة كانت تأخذ غنماتها لحوض الشرب في الحرش كان الأمل يراودها في أن تهرب إلى الفردوس، لكن أحدهم كان واقفا هناك وراء سياج المستوطنة على الدوام”.

جوناثان “لقد تبعها الصبي وجد طريقه إلى الفردوس دون أن يلاحظه أحد فيما هي مسترخية ترعى أغنامها… جوناثان: لا تتصرفي مثل بنت فلاحة متخلفة لا أحد يكترث بالأغنام”.” “في أعلى الوادي طرد مستوطنون إسرائيليون مسلحون مزارعين خارج كرومهم وأحرقوا عدة بيوت وحدث تفجير انتحاري آخر في حيفا وقطعوا معظم إمدادات الكهرباء  لمعاقبة الفلسطينيين”.

أماني: “أنت مستوطن. المستوطنون يقومون بأفعال سيئة.

جوناثان: أنتم من تقومون بأفعال سيئة أنتم لا تعترفون بدولتنا، أنتم تأتون إلى مدننا بهجماتكم الانتحارية.

أنتم تفتلون الأبرياء والنساء والأطفال في المدارس.

أنا لا أقتل أنا راعية.

جوناثان: لست أنت أنا أعني الفلسطينيين، أنا أعني الإرهابيين.

أماني: أنا لست إرهابية، عائلتي ليست إرهابية، أنتم سلبتم أرضنا، أنتم تجعلونا نكرهكم نحن نحارب إسرائيل. لقد نصبتم سياجا حول جبل جدي أغنامي نحتاج  الجبل لقد قلعتم كرومنا؛ لتمدو طريقكم.

علاقة حب أماني وجوناثان لا تطابق الواقع الفلسطيني المستلب لحريته “كانت سعيدة جدا حين رأته. جوناثان .. يبتسم كالمجنون كنت طول الوقت أصلي أن تكون وصلت إلى الدرب .. وهي سعيدة برفقة جوناثان الصامتة وسرعان ما جلسا على كرسيين مكسورين أمام النار المضطرمة يأكلان الفلفل ويشربان حليب الشكولاته. قال سأعود إلى نيويورك. قالت: لماذا أنت جبان انتفض مشيحا بوجهه، أبي نعتني بذلك قال إن اليهودي الحقيقي يدافع عن الأرض المقدسة. أنا لم أعد أعرف ما الذي يعنيه أن أكون يهوديا حقيقيا، جدايّ رأيا الكثير من اليهود يموتون في المعسكرات كانا يؤمنان بأرض مقدسة يكون فيها اليهود آمنين …”.

جوناثان وأماني والحديث عن المستوطنات 

“حياتك قبل المستوطنة أتخيلك وأنت تسرحين بأغنامك، مثل أول يوم شاهدتك فيه لا سياج ولا جنود ولا طريق سريع فوق أرضكم، المستوطنة دمرت حياتكم إن عدت إلى نيويورك أستطيع أن أتحدث عنكم، وعما رأيته ينبغي أن تتخيليني في نيويورك، واصل النظر إليها أنت أعظم بنت رأيتها طوال حياتي، أتمنى أتمنى أشياء كثيرة (لا ينطبق على الواقع الفلسطيني عندما تصور أن أماني الفتاة الفلسطينية الأبية تبات في المغارة  لوحدها كما كان يفعل جدها كما). تمنت لو تستطيع أن تقول لجوناثان كم تشعر بالمودة نحوه.. وتسأله متى سيرحل؟ ويجيبها جوناثان غدا أود أن أبقى معك الليلة لكني إن لم أرجع للمستوطنة سريعا فسيظنون أنكم قتلتموني ويرسلون بالجيش؛ ليبحث عني في القرية.

أماني: “أنا هنا بأمان في المغارة جدي كان ينام هنا مع أغنامه حين كان صبيا شكرا على البطانية والطعام، وتمعنت أماني في وجهه لعلمها بأن ستكون مضطرة لاستذكاره قريبا. اسمي أماني ويعني الأمنيات لكن عندي واجة ليس غيرها..”.

وما زال تزييف الوعي الفلسطيني تمرره الكاتبة عبر الحوار بين  أماني وجوناثان والتي تجعل أماني تبدو كالقلب الحاني في استعطافها للمستوطنين مثل جوناثان. تذكرت أماني كيف ركض جوناثان لإيفاف الحفار لقد جلس في برودة الحرش حتى عادت لو كان كل المستوطنين أكثر شبها بجوناثان والحاخام الذي يعرفه أبوها فربما أمكنهم أن يتوصلوا إلى حل. أنت لست جبانا أقول ذلك لأني لا أريدك أن ترحل، أنا خائفة من المستوطنين وخوفي سيكون أقل إن عرفت أنك بينهم هناك”.

أماني تقول لجوناثان هذ احتلال غير قانوني هذه أرض عربية لم تتمكن أماني من النسيان. كل من صديقاتها لها أب أو عم أو أخ أمضى شهورا ربما سنوات في سجون الإسرائيليين، وسمعت أماني قصصهن عن الضرب والإهانة والاعتقال دون محاكمة إنهن يكرهن الإسرائيليين وسجونهم”.

أنت تعلم بأن القانون لا يسمح للفلسطنيين بأن يستخدموا طرقهم السريعة، كل ما يحتاجونه هو نظرة على لوحة السيارة إذا ما أوقفونا”.

“أمنية اللقاء ويناديها جوناثان بفلسطين “طيب يا فلسطين اسمي جوناثان هل نلتقي ثانية أومأت أماني موافقة.. سأقابلك بعد قطف الزيتون” وهو من العادات الفلسطينية   حيث” أزهار الزيتون إنه أجمل عطر في فلسطين …”.

كانت الآلات تغسل وتهرس وتفرم زيتونهم مستخلصة الزيت الذهبي الذي يبيعونه أو يأخذونه إلى بيوتهم في براميل بلاستيكية كبيرة، ساعدتهم أماني في إفراغ أكياس الزيتون وهي تفتقد أباها وأخاها عمر كانا يحبان أخذ المحصول لمعصرة الزيتون”.

لن نأخذهم إلى الخليل؟ كيف أمكن لعمو هاني أن يقول شيئا مثل هذا؟ حتى ستي تحب صعود ظهر الشاحنة في موسم القطاف. هناك يستمتعون بالتسوق في السوق المفتوح وماذا عندما يوجه الجنود ذو الخوذ بنادقهم إليهم؟ كانت أماني تتشبث بيد أمها وتقلد حركات الكبار لا تتحرك فجأة امتثل لأوامر الجنود، انتظر بهدوء على الرصيف حتى يسمحوا لك بالحركة. قال سيدو بلا اكتراث هذه هي المدينة هز عمو هاني قبضته إنه آت إلى هنا أيضا لقد صادر الإسرائليون مؤخرا الوادي إلى الشمال من هنا كيف ستسرح بقطيعك الكبير إذا ما أخذو مرعاك؟”.

وتؤكد الكاتبة عبر الرواية على تعزيز الصداقة بين الفلسطيني والإسرائيلي على لسان أماني: “لقد أخذ الجنود عمر مثلما فعلوا بعمي هاني أظن أننا يجب أن نتصل بأصدقاء أبي الإسرائيليين والأجانب هذا ما فعله أبي حين أخذوا عمي هاني””.

نستكمل بعد الحديث عن الشخصيتين الرئيسين “أماني وجوناثان” شخصيات الرواية الأخرى الموجودة في محيط أماني وتفاعلها معها ونجدها في مجملها عبر حديث الشخصيات مجموعة من الشهادات عن تفاصيل حياة مسكونة بالوجع والمحو والاستلاب ولوحاتٍ حية من الواقع الفلسطيني وهي ممزوجةٌ بآهات الحياة  ومنغصاتها يعيشها الفلسطيني خلال المعاناة من هذا الصراع المزمن، وهو عنوان  القضية الفلسطينة كمحور بارز في الرواية حيث الملامح العديدة للمعاناة الفلسطينية تتراوح بين البحر والجبل والحاجز والمعبر عرب48 ،67، وأوسلو واللاجئين والقدس ورام الله وغزة والمخيم أمام التباسات الصراع فهي الحقائق والأكاذيب والأساطير التي أحاطت به ذلك كله ألهمَّ الكُتاب في شتى بقاع العالم، أن يسجلوا معاناة الفلسطنيين ولكل وجهة نظره في مناقشة القضية ولكن الفلسطينيين القابعين هناك في ظل هذاالعدوان الغاشم سيحكون مآساتهم مع العدو الصهيوني.

نبدأ بشخصية الجد سيدو وهي شخصية مؤثرة في حياة أماني حيث الجد سيدو الذي أراد لأماني أن تورثه في حرفة الرعي “أخذ الأب العصا من سيدو وأعطاها لأماني لقد أعطاها سيدو عصاه”.

وبدأ يعلم الجد سيدو تقاليد الرعي لحفيدته أماني كانت تتعلم كيف تقوم بدور القابلة في الولادات المتعسرة والاهتمام بقطيعها مع جدها. انتظر سيدو ثم قال بهدوء: الأغنام تحزن على الأموات تماما مثلنا نحن، والراعي الطيب يحترم ذلك فيها ويساعدها على أن تتجاوز خسارتها”. ثم ينصحها ويقول: “لا تركضي نحوه بل اجعلي الحيوان – وخصوصا الكبش منها يعرف الاتجاه الذي تريدين له أن يذهب فيه، وجهيه بذراعيك وصوتك وخصوصا يا أماني روحك، اجعلي روحك هي من تتحدث معه، وكفت أماني عن الارتعاش. ها هي خذي هذه العصا بيمينك وأنا سأستخدم عصاي الكبيرة أعطه كرامته، امنحيه الشعور بأنه هو الذي يختار طريقه تخيلي بوابة بيدك اليسرى، وأظهري له الطريق الآمن الذي تريدينه أن يمضي فيه”.

كانت أماني أكثر عطفا على أغنامها حيث تحادث الخروف بلطف “فلا مزيد من اليرقات ستصيبك حبيبي”. وتأتي بالدكتور البيطري إذا مرض أحد أغنامها بخبرته في علاجهم فقد وأدركت أماني أن البيطري يعرف عن الأغنام أشياء لا يعرفها حتى جدها”.

الجد سيدو يبيع بعض الأغنام

“أخفى سيدو الحزن الذي رأته أماني عليه طوال اليوم لا يزال لدي الجبل والوادي، وابتسم ليرتفع جانبا عينيه طالما كنت تلح علي طوال سنين لأخفف قليلا، الوقت مناسب لبيع عشرين رأسا أو نحو ذلك من القطيع، خذ المال أنت وعارف لبناء البيت الزجاجي الجديد الذي تلح عليه”. “سيدو وأنا صبي صغير كان لنا جيران يهود في الخليل، لكن هؤلاء المستوطنين مختلفون وهزّ رأسه بأسى”.

شخصية الأب عارف والد أماني

لماذا تأخذون ابني عمر؟ إلى أين؟ واعترض جندي صدر أبيها ببندقيته وهو يتحدث بعربية مكسرة ما في صبيان فلسطينيين في المدينة نطلق النار على الصبيان الفلسطينيين سيبقى في الحاجز العسكري حتى ترجعوا لدياركم، إذًا سأبقى معه.”

الأب عارف يريدون أرضنا ومياهنا يريدون طردنا قرية بعد أخرى من حق أي إنسان أن يدافع عن نفسه فوق أرضه. إنهم يعاقبوننا ونحن سنعاقبهم فكر بالأمر يا هاني لديهم مليارات الدولارات الأميركية التي تدعمهم تنسف جرافة الليلة فيجلبون عشرة مكانها غدا والأسوأ أنهم سيأتون بالجنود والدبابات موسادهم سيدق بابنا”.

عارف: “التظاهر طريقة جيدة للمقاومة هناك ناشطو سلام في فلسطين وإسرائيل، ومنظمات المجتمع المدني التي يمكن أن تساعدنا نقوم دون عنف، طريقتك عديمة النفع. الإسرائيليون يستخدمون القوة العسكرية لأخذ ما يريدونه. كم قرية يجب أن يدمروا قبل أن تقاتل معي؟ ومدّ العم هاني يده وهو يكاد يشد أذن أبيها ليست قريتي ليست حقولي سوف أرد على السلاح بالسلاح”.

عارف: “الإسرائليون يسمحون للمستوطنين بالاستيلاء على مباني العرب في الخليل، ويرسلون الجنود لحمايتهم، لقد أغلقوا شارع الشهداء، ووضعوا المزيد من الحواجز العسكرية، الأمر يصبح أكثر خطرا بمرور كل سنة في المدينة القديمة. الدكاكين مغلقة والكثيرون يرحلون. لا يمكننا أن نأخذ الأطفال مع محصول الزيتون هذا الخريف”.

الوالدة: “ولدتك أمك على الجبل مثل جدك ومصل الغنم. أسميناك أماني تيمنا بأمنياتنا أشياء نودعها لدى آخر ليبقيها آمنة. أبواك تمنيا أن تكبري في فلسطين حرة”.

ولدت أماني لأب مسلم ووالدة مسيحية والدة أماني “حين تزوجنا أنا وأبوك كان هاني هو الذي أقنع سيدو بقبول الكافرة في العائلة”.

قالت أمها بصوت كسير: القدس في هذا المجمع التجاري الذي يقصده الكثير من المشاة أحد عشر شابا تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشرة والحادية والعشرين لقوا مصرعهم على الفور جراء انفجارين بعدها بعشرين دقيقة. وقع انفجار ثالث في سيارة متوقفة، صاح أبوها غاضبا، أطفال أبرياء قتلوا بلا سبب، فصرخ العم هاني في وجهه: لأنهم يعيشون في بيوت وأرض سرقوها منا ولا يبالون، يريدون الأمن لأنفسهم فيما أربعة ملايين فلسطيني ما يزالون لاجئين، هم يحتلون أرضننا ويضعوننا في السجن، هذا قتال من أجل حريتنا”.

والدة أماني: “البنات يحلمن بكثير من الأشياء ليس بالزواج فحسب”.

الأخ عمر: سأقاتلهم مع أصدقائي ولن تستطيعي منعي.

عمر يجلس مع جده سيدو ليدرس كلما أغلق الإسرائليون المدرسة لأسباب أمنية.

استطاعت أماني أن تقرأ ما في عينيه إنه يقصد العنف عرفت الغضب في نفس أخيها. عمر: أتريديننا أن نثق بحاخام. لم تكن نظرات عمر تدل على أن بمقدوره فعل ذلك أبدا.. إنها فكرة غبية أن نطلب المساعدة من إسرائيليين.

أماني لأخيها عمر: لقد قرأت الكتاب الذي أعطيتني إياه. كان عمر أعطاها كتاب تاريخ النكبة ستمائة ألف فلسطيني تركوا ديارهم في حرب 1948 وبدلا من العودة خلال بضعة أسابيع أصبحوا لاجئين.

العم هاني

العم هاني: “محاكم من؟ محاكمهم سنضيع مالنا ووقتنا ،سننضم إلى الطريق الطويل من قضايا الأراضي الفلسطينية، لا فلنقاتلهم الآن ما دامت لدينا الفرصة لفعل ذلك”.

أماني وعمها هاني

قال لها عمها “لا تسرحي بالأغنام أسفل الوادي فلم يعد المكان آمنا عليك وأنتِ وحدك حين يأتي موسم الولادات سأبيع معظم الخراف فلم يبق لها سوى قطيع من عشرة رؤوس”. وسمعت صوت سيدو يتحدث داخلها الراعي يعيل العائلة.

العم هاني: “لكن العم هاني لم يكن من السهل إسكاته، إسرائيل لن تسمح لنا بمتابعة حياتنا كما هي دوما، إنهم يريدون أرضنا وماءنا وسيستخدمون أي وسيلة ليأخذوها، سيخيفوننا بجنودهم ويرمون بنا في السجن سيسمحون للمستوطنين بأن يحيلوا حياتنا إلى جحيم سنتوسل إليهم أن نرحل عن بيوتنا.. قاطعه سيدو أنا أوافق عارف فلن نصل إلى السلام بالعنف، هم لا يثقون بنا”.

العم هاني: إنه يحدث في كل فلسطين هم يبنون المزيد من المستوطنات ولا أحد يمنعهم الأمر يتوقف علينا نحن يجب أن نقاومهم قبل أن يفوت الأوان.

العم هاني: “بدأ الإسرائليون شق طريق سريع للمستوطنين، ويبدو لي أنه يتوجه نحو وادينا وإن حدث ذلك فسوف يخترق حقولنا جميعا”.

شخصية جدة أماني لأمها كانت طفلة صغيرة شهدت المجزرة التي تعرضت لها قريتها عام 1948 “حين هاجمتها القوات اليهودية تيتمت ونشأت في القدس ثم تزوجت رجلا من قرية قرب بيت لحم وعندما صادرت إسرائيل أراضي تلك القرية، أخذت أولادها الصبيان إلى كندا، وحدها والدة أماني بقيت بعد أن ورثت عنها البيانو، والخوف من العيش في قرية”.

أسرة أماني

اجتماع الأسرة ومناقشتهم للأحداث الدامية في فلسطين “نظرت أماني إلى الشاشة؛ ليصيبها الغثيان فقد رأت أناسا واقفين يصرخون على رصيف ملوث بدم بجانب حفرة كبيرة متفحمة جلس والد أماني وكان المذيع يعيد تفاصيل تفجير أماني انتحاري في إسرائيل، واهتز كرسي عمر بعنف. المفجرون شهداء، قال أبوها بخشونة لا تتكلم بهذه الطريقة من أين تعلمت ذلك القرآن لا يعلمنا أن نقتل المدنيين والناس الأبرياء، ارتفعت قبضة العم هاني وهو يصيح أبرياء؟ ليس هناك إسرائيلي برئ لم نتركهم يعيشون بسلام؟ إنهم لا يستحقون بسلام هذا أكثر ما قلته جنونا يا هاني كل ابن آدم من حقه أن يعيش”.

الأسرة: “كانوا يسيرون على أرض قاسية لا دروب فيها على الإطلاق بدا صوت الأب متوترا إن أمسك الإسرائليون بنا فسيأخذون الشاحنة والزيتون ويرمون بنا إلى السجن…”.

الأسرة تتحدث عن “الجرافات الإسرائيلية تهاجم الوادي. العم هاني: مالم يكونوا آتين إلى مياهنا. قالت العمة فاطمة: وكيف يمكنهم أن يعرفوا بأمر النبع؟ قال عمر: بأنظمة المراقبة والأقمار الصناعية إنهم يرسمون خرائط لكل تفاصيل حياتنا”.

الأسرة: “كلما تناولوا عشاءهم على مصطبة سيدو وجدت أماني نفسها مرغمة على سماع شجارات أبيها وعمها هاني. لم يتم بيع محصول العنب في الخريف لأنهم لم يتمكنوا من نقله لأي مكان، وبقى المحصول معلقا حتى تعفن على عرائشه فقد نصب الإسرائيليون مزيدا من الحواجز العسكرية وفرضوا فيها أذونات عبور جديدة عالية التكلفة”.

الأسرة “أومأ الحاخام وعرفهما على المحامية والتي لم تكن تتحدث العربية على نحو جيد ولهذا تحولوا إلى الإنجليزية أخبرتهما المحامية بأنها قد رتبت لعرض الأب أمام المحكمة في وقت مبكر صباح غد”.

ونختم بشخصية مهمة في أحداث الرواية أصبغت عليها الكاتبة الحكمة والقناعة والعطاء وهي شخصية “الآنسة عبوشي” مدرسة أماني “إنها الآنسة عبوشي هي فلسطينية لكنها نشأت في أميركا. نعم هي جيدة بشكل أروع””.

شخصية المدرسة عبوشي “التي تربت في أميركا ولكنها عادت إلى بلدها فلسطين ليست مثل أولئك الذين يرحلون …”. “تريد من أماني أن تنتقل إلى رام الله حيث هناك ستدرس منهاجا دوليا جيدا، ستكون مدرسَة ممتازة لتعليمك الثانوي السنة المقبلة. لا أستطيع أن أترك الوادي آنسة عبوشي أنا راعية. عديني أنك ستفكرين في الأمر”.

هكذا الآنسة عبوشي تساند أماني دوما لأن عقليتها المتفتحة ونشأتها في أميركا جعلتها موضع ثقة  للفلسطيني واليهودي، وكأن الكاتبة تعزز في شخصية الآنسة عبوشي دور أميركا القوي في تعزيز العلاقات بينهما.

القضية الفلسطينية ما زالت محض اهتمام عالمي ولكن كل من وجهة نظره فمن يرفض تماما التطبيع مع العدو الصهيوني كأسرة أماني ومن يريد التعايش معهم كما عبرت الكاتبة عن رغبة الكثيرين على ذلك. وحدث بالفعل من بعض الدول سواء عربية أو غربية طالما واهمين أنه بالتطبيع سيوقف نزيف الدم المستمر بين الشعبين، ولكن الشعب الفلسطيني يأبى أن ينهزم أو يقبل التطبيع حتى آخر نفس في حياته فلا يشعر بالنار إلا ممسكها.

 

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى