تسهيلات غانتس للفلسطينيين.. ألغام سياسية على طريق الحياة الاقتصادية.. ماهو السرّ؟
بين الفينة والأخرى يُصدر وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، قرارات هامة تتعلق بمصير الفلسطينيين خاصة المرتبطة بحياتهم اليومية والاقتصادية، بخلاف حالة الصدام السياسية الدائمة والقائمة التي تشهدها الساحة، بسبب ممارسات الاحتلال القمعية والتعسفية والتي تجاوزت القوانين الإنسانية والدولية والحقوقية.
وفي خضم تصعيد حكومة الاحتلال بالإعلان عن آلاف الوحدات الإستيطانية بالضفة الغربية والقدس، وتشديد خناقها على آلاف الأسرى داخل السجون، ومصادر أموال الضرائب الفلسطينية، وغيرها من ممارسات القمع والاستهداف على الحواجز والأملاك ومصادر الأراضي، خرج غانتس ليعلن عن تنفيذ المرحلة الثانية من التسهيلات الاقتصادية والمدنية، ضمن ما يسمى “مبادرات حسن النية” تجاه الفلسطينيين.
هذا الإعلان آثار معه الكثير من التساؤلات التي تبحث عن إجابات واضحة، حول مواقف غانتس المثيرة للجدل، وأسباب تصدره مشهد بأنه “الرجل المحب للسلام والمُقرب من الفلسطينيين”، رغم ما تقوم حكومته علانية بعداوة وتجاهل للحقوق ورفض تام لقيام الدولة الفلسطينية.
وأمر وزير الجيش الإسرائيلي، بتنفيذ مرحلة ثانية من رزمة تسهيلات مقررة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كجزء من خطة لدعم وتقوية وتعزيز السلطة الفلسطينية، في وقت قال فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن حكومته تعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية.
وقالت “القناة 12” الإسرائيلية، إن غانتس صادق على تنفيذ خطة بناء مساكن جديدة للفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة (ج) في الضفة الغربية، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، إضافة إلى 1300 وحدة سكنية كان قرر الموافقة عليها سابقاً.
وأضافت القناة “ستقوم إسرائيل أيضاً برفع عدد طلبات لم الشمل للفلسطينيين غير المسجلين، إلى جانب الـ4000 آلاف شخص الذين تم تسجيلهم قبل أسابيع، بالإضافة إلى ترخيص المزيد من محطات الوقود في الضفة الغربية، وتشكيل لجنة لدراسة السماح للسائحين الفلسطينيين بالدخول للداخل، وكذلك زيادة كبيرة في عدد تصاريح العمل وتوسعتها في قطاعات أخرى، مثل تكنولوجيا المعلومات والخدمات”.
ويتبنى غانتس فكرة أنه يجب تعزيز وتقوية السلطة الفلسطينية وتنفيذ إجراءات لبناء الثقة، ومن أجل ذلك التقى بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، في أواخر شهر أغسطس (آب)، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، في لقاء خصص لكسر الجمود في العلاقات بين الطرفين، ومنحت إسرائيل بعدها السلطة، جملة من التسهيلات الاقتصادية، وتجاهلت مطالب فلسطينية سياسية وأمنية.
الخبير في الشأن الإسرائيلي حاتم أبو زايدة، يقول إن : “إسرائيل قد تخطط لأمر كبير، فقيادتها الأمنية تقول إنها لم تحقق أهدافها في الحرب الأخيرة على القطاع”، منبهاً إلى أن الاحتلال قد يقدم تسهيلات كخدعة، كي يقدم على استئناف العدوان على غزة لأيام عدة، يستهدف فيها القيادة السياسية والعسكرية في القطاع من خلال توفير عنصر المباغتة.
بدوره أكد عصام بكر، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، أن التسهيلات ما هي إلا استمرار لذات النهج الذي يحاول من جهة منع انهيار السلطة لأن استمرارها مصلحة للاحتلال، ومنع تحقيق اكتفاء ذاتي أو استقرار اقتصادي من جهة أخرى، معتبرًا أن الاحتلال يهدف للإبقاء على حالة السلطة كما هي، بلا سلطة أو سيادة أو سيطرة على الموارد والحدود، وحصر دورها باعتبارها كيانا تتآكل مكانته أمام شعبه على مستوى الاقتصاد، والأمن، والوضع الداخلي الاجتماعي.
وفي الوقت نفسه، إظهار الاحتلال بوصفه “المنقذ” والمغيث الذي لا يمكن الاستغناء عنه، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الإجراءات المشابهة والتي لم تقدم علاجًا شافيًا لمعاناة الشعب الفلسطيني، لأن معاناته ناتجة عن الاحتلال، وهذه هي المشكلة التي على الجميع العمل على معالجتها، وهي سبب كل داء يعيشه الشعب.
وقال: “غانتس الذي يبيع الوهم دوما كعادته بالحديث عن التسهيلات، هو ذاته صاحب نظرية ضرب الفلسطينيين بكل قوة حتى يقبلوا بالحل الإسرائيلي”، مضيفًا ” غانتس يحاول أن يحيي الحل الاقتصادي متجاوزًا كل القرارات الدولية، في الوقت الذي يتم إقرار بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، وقضم المزيد من الأرض الفلسطينية.
وحذر من خطورة مبادرات “حسن النية” والتسهيلات لأنها تهدف بالأساس لاستدامة واقع الاحتلال وتعميق وجوده كأمر واقع، ومن غير المعقول أن يبقى شعب محتل يعتمد في حل مشاكله على القوة التي تحتله.
ويبقى السؤال الأكبر.. ما وراء هذه التسهيلات المثيرة للجدل، وماذا تخطط إسرائيل؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية