تطبيقات الحديث مع الموتى تحيي المخاوف من الذكاء الاصطناعي
تطبيقات الحديث مع الموتى تحيي المخاوف من الذكاء الاصطناعي ….فشيوع برمجيات تحاكي رقميا الراحلين عن الحياة يرى فيه البعض وسيلة للتخفيف من آلام الفراق، فيما يعتقد آخرون أنها تستغل مشاعر الحزن والفقدان للتكسب المادي.
مع التطور المطرد لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، اصبحت تطبيقات تتيح مخاطبة الموتى اكثر فأكثر شيوعا في الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من دول العالم في تقدم تقني يطرح أسئلة أخلاقية حارقة.
تطبيقات الحديث مع الموتى
وبينما يرى البعض أن هذه التطبيقات وسيلة للتخفيف من آلام الفراق، يعتقد آخرون أنها تستغل مشاعر الحزن والفقدان للتكسب المادي.
وتعتمد هذه التطبيقات على تسجيل مسبق لمقاطع فيديو أو صوتية للمتوفي، ثم استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء نموذج رقمي يشبهه. يمكن للمستخدمين بعد ذلك طرح الأسئلة على النموذج، والذي يجيب عليها بناءً على المعلومات التي تم تسجيلها.
وهذه التطبيقات لا تقدم إجابات تخيلية لم يكن ليقولها الشخص عندما كان حيا. بل تولد إجابات من الردود التي قدمها المستخدمون بالفعل لعدد من الأسئلة الحياتية. مثل “أخبرني عن طفولتك” و”ما هو التحدي الأكبر الذي واجهته في حياتك؟”.
وفي فيديو ترويجي تجلس ريو سون يون أمام ميكروفون وشاشة عملاقة يظهر فيها زوجها الذي توفي قبل بضعة أشهر. ويقول لها “عزيزتي، هذا أنا”، لتنهمر دموعها وتبدأ ما يشبه الحوار معه. وبعد علمه بإصابته بسرطان في المراحل النهائية. استعان هذا الكوري الجنوبي البالغ 76 عاما -واسمه لي بيونغ هوال- بشركة “ديب برين إيه آي” (Deep Brain Ai). التي سجلت مقاطع مصورة له على مدى ساعات لإنجاز نسخة رقمية عنه يمكنها الرد على أسئلة.
البرنامج المسمى “ري ميموري”
ويوضح جوزيف مورفي رئيس قسم التطوير في “ديب برين إيه آي” تفاصيل بشأن البرنامج المسمى “ري ميموري” بقوله. “نحن لا ننشئ محتوى جديدا”. أي أن هذه التكنولوجيا لا تولّد عبارات لم يكن المتوفى لينطق بها أو يكتبها خلال حياته.
المبدأ نفسه تعتمده شركة “ستوري فايل” (Story File) . التي استعانت بالممثل وليام شاتنر البالغ 92 عاما كوجه ترويجي على موقعها.
يقول ستيفن سميث رئيس هذه الخدمة -التي يستخدمها الآلاف بحسب الشركة- إن “نهجنا يقوم على الاحتفاظ بالسحر الخاص بهذا الشخص لأطول فترة ممكنة” خلال حياته “ثم استخدام الذكاء الاصطناعي”.
وتقدم شركات متخصصة في تنظيم الجنازات في الصين إمكانية التفاعل افتراضيا مع المتوفى أثناء جنازته بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي.
تقنية التجسيد الرمزي (أفاتار) لشخص متوفى
وفي بداية أبريل/نيسان 2023. أثار رائد الأعمال والمهندس براتيك ديساي ضجة من خلال دعوته الأشخاص إلى “البدء بالتقاط تسجيلات” بالصوت أو الفيديو “للوالدين وكبار السن والأقارب”. لافتا إلى أنه اعتبارا من “نهاية هذا العام” سيكون ممكنا إنشاء شخصية افتراضية بتقنية التجسيد الرمزي (أفاتار) لشخص متوفى. وموضحا أنه يعمل على مشروع في هذا الاتجاه.
وأثارت الرسالة التي نشرت على تويتر زوبعة من الانتقادات، مما دفعه إلى التأكيد بعد بضعة أيام أنه ليس “نابش قبور”، وقال “هذه مسألة شخصية للغاية، وأنا أعتذر بصدق لأني آذيت أشخاصا”.
وبشأن “ستوري فايل”، يوضح ستيفن سميث أن “هذا مجال حساس أخلاقيا، ونحن نتخذ احتياطات كبيرة”.
بعد وفاة صديقها المقرب في حادث سيارة عام 2015 أنشأت المهندسة الروسية يوجينيا كيودا المقيمة في كاليفورنيا “روبوت محادثة” سمته “رومان” على اسم صديقها الراحل. كما وأمدته بآلاف الرسائل القصيرة التي أرسلها إلى أقاربه بهدف إنشاء ما يشبه النسخة الافتراضية عنه.
ثم أطلقت في عام 2017 خدمة “ريبليكا”. التي تقدم بعض برامج الدردشة الشخصية الأكثر تطورا في السوق. والتي يمضي بعض المستخدمين ساعات عدة في التحدث معها يوميا.
لكن رغم ما حصل مع “رومان” فإن ريبليكا “ليست منصة مصممة لإعادة استحضار شخص عزيز” على ما حذرت ناطقة باسم الشركة.
كما وتسعى شركة “سومنيوم سبيس” (Somnium Space) -ومقرها لندن- إلى الاعتماد على الميتافيرس في صنع نسخ افتراضية عن المستخدمين خلال حياتهم. وسيكون لهم وجود خاص من دون تدخل بشري في هذا العالم الموازي بعد وفاتهم.
ويقر المدير العام للشركة أرتور سيشوف. بأن هذه الخدمة “ليست موجهة للجميع بالطبع”. وذلك في مقطع فيديو نشر على يوتيوب بشأن منتج الشركة المسمى “لايف فور إيفر” (العيش أبدا) الذي أعلنت عن التوجه لإطلاقه نهاية العام.
ويضيف “هل أريد أن ألتقي بجدي بواسطة الذكاء الاصطناعي؟ سيكون ذلك متاحا لمن يريد ذلك”.
تطبيقات الحديث مع الموتى بفضل الذكاء الاصطناعي
وتكمن المعضلة الأخلاقية في تطبيقات الموتى. في أن هذه التكنولوجيا أجبرت المستهلكين على مواجهة الشيء الوحيد الذي تمت برمجتهم بالطبيعة الإنسانية على عدم التفكير فيه وهو الموت. بحسب الصحيفة.
السؤال الذي يطرح هنا هو”. إلى أي مدى يمكن القبول بوجود افتراضي لشخص محبوب متوفٍ يمكنه بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي قول أشياء لم يقلها قبل وفاته؟
يقر جوزيف مورفي بأن “التحديات فلسفية وليست فنية، لا أعتقد أن المجتمع جاهز بعد، هناك خط لم نخطط لتجاوزه”.
ويوضح مدير خدمة “ري ميموري” -التي تضم بضع عشرات من المستخدمين- أن هذه التقنية “موجهة إلى فئة محددة وليست قطاعا للنمو”، مضيفا “لا أتوقع أن يحقق ذلك نجاحا كبيرا”.
وتعتبر كاندي كان الأستاذة في جامعة بايلور -والتي تجري حاليا بحثا في هذا الموضوع بكوريا الجنوبية- أن “التفاعل مع نسخة بالذكاء الاصطناعي لشخص من أجل عيش مرحلة الحداد يمكن أن يساعد… على المضي قدما مع الحد الأدنى من الصدمات، ولا سيما بمساعدة شخص محترف”.
من جانبها، أجرت ماري دياس أستاذة علم النفس الطبي في جامعة جونسون آند ويلز مقابلات مع العديد من مرضاها -الذين يعيشون مرحلة حداد- بشأن الاتصال الافتراضي مع ذويهم المتوفين.
وتوضح أن “الإجابة الأكثر شيوعا كانت “أنا لا أثق في الذكاء الاصطناعي، أخشى أن يقول شيئا لن أتقبله”.
ميدل إيست أون لاين