تعرّضت إسرائيل صباح اليوم الأحد لقصفٍ صاروخيٍّ مكثفٍ بمئات الصواريخ الباليستيّة والمُجنحّة التي أطلقتها إيران من أراضيها، إضافةً لـ 185 طائرة دون طيّارٍ، الأمر الذي أدخل الكيان في حالةٍ من الرعب والهلع، خصوصًا بعد سماع دوي صفارّات الإنذار تقريبًا في جميع المناطق بالعمق الإسرائيليّ.
جديرٌ بالذكر أنّ هذه هي المرّة الأولى التي تُقدِم فيها الجمهوريّة الإسلاميّة على قصف دولة الاحتلال، وذلك ثأرًا وانتقامًا لقيام الاحتلال باغتيال قائد الحرس الثوريّ في كلٍّ من سوريّة ولبنان، حسن مهدواي، في دمشق يوم الفاتح من شهر نيسان (أبريل) الجاري.
وحتى اللحظة لم تقُم إسرائيل بنشر صورٍ عن الهجوم الإيرانيّ المُكثّف، كما لوحِظ من تتبع وسائل الإعلام العبريّة على مختلف مشاربها أنّ الرقابة العسكريّة فرضت تعتيمًا كاملاً عمّا حدث صباح اليوم، فيما زعم الناطق بلسان جيش الاحتلال أنّ الدفاعات الجويّة الإسرائيليّة تمكّنت من اعتراض وإسقاط 99 بالمائة من الصواريخ والمُسيّرات الإيرانيّة، في حين أكّدت الولايات المتحدّة الأمريكيّة أنّها قدّمت المساعدات لإسرائيل وساهمت إلى حدٍّ كبيرٍ في منع ضربها، إذْ أنّه بحسب ادعائها، فإنّ الصواريخ والمُسيّرات أُسقِطت خارج حدود الكيان.
على صلةٍ بما سلف، أصدر رئيس مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، الجنرال بالاحتياط تامير هايمان، تصريحًا خاصًا زعم فيه أنّ إسرائيل سجلّت الليلة الماضية وخلال صباح اليوم الأحد انتصارًا عملياتيًا كبيرًا، إلى جانب التعقيد الإستراتيجيّ.
وبحسب هايمان، وهو القائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، فإنّه من الناحية العملياتيّة فإنّ كلّ شيءٍ سار على نحوٍ ممتازٍ: المعلومات الاستخباراتيّة المُسبقة التي جمعتها الاستخبارات العسكريّة، منظومة الكشف كانت فعالّةً وناجعةً، ومنظومة سلاح الجوّ قامت بعملٍ ممتازٍ في إسقاط الصواريخ والمُسيّرات، بحسب مزاعمه.
وشدّدّ الجنرال هايمان على أنّه من الناحية الإستراتيجيّة فإنّ الوضع بات معقدًا ومركبًا أكثر: الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وإسرائيل لم تتمكّنا من ردع إيران من أنْ تُهاجم دولة الاحتلال، نجحت إيران أنْ تقصف إسرائيل وكلّ ذلك دون أنْ تدفع الولايات المُتحدّة الأمريكيّة بالهجوم عليها سويةً مع إسرائيل، وثالثًا، قال هايمان، إسرائيل قامت بصدّ الهجوم الإيرانيّ ضمن حلفٍ، وهذا الأمر بحدّ ذاته فعّال ومهّم، ولكن هذا الحلف سيمنع إسرائيل من الردّ على إيران بشكلٍ حرٍّ، على حدّ تعبيره.
وتابع قائلاً إنّ الحلف الذي شارك إسرائيل الليلة الماضية وصباح اليوم هو بمثابة الردّ على ما سيجري في قطاع غزّة في (اليوم التالي)، أيْ بعد أنْ يضع العدوان الإسرائيليّ أوزاره، أيْ أنّه يتحتّم على دولة الاحتلال أنْ تعمل على تشكيل حلفٍ ضدّ إيران ومحور المقاومة.، طبقًا لأقواله.
وخلُص الجنرال هايمان إلى القول إنّ الردّ الإسرائيليّ سيأتي وعلى الأراضي الإيرانيّة، ولكن من الأهمية بمكان المحافظة على الضبابيّة حتى نُسبب للإيرانيين عذابًا بالإضافة إلى العيش بحالة من عدم اليقين، لافتًا إلى أنّ الوقت يلعب لصالح إسرائيل، ولذا يتعيّن عليها التفكير جيِّدًا، والتخطيط ومن ثمّ العمل بصورةٍ ذكيّةٍ، لأنّ النجاح في الدفاع يسمح لإسرائيل بذلك، على حدّ قوله.
في سياقٍ متصّلٍ، نقلت صحيفة (هآرتس) العبريّة عن شبكة (NBC) الأمريكيّة قولها إنّ الرئيس الأمريكيّ جو بايدن يخشى من أنْ يقوم رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، بجرّ الولايات المتحدّة لحربٍ إقليميّةٍ، كما أنّ قلق من أنْ تقوم إسرائيل بردٍّ مُتسرعٍ على الهجوم الإيرانيّ، لافتةً إلى أنّ التقرير اعتمد على مسؤولين كبار في البيت الأبيض، الذين أضافوا أنّ هذا القلق نابعٌ من كيفية تصرّف دولة الاحتلال في حربها ضدّ قطاع غزّة، وبالمُقابِل أكّدت واشنطن أنّ إيران لا تريد خوض حربٍ، ولكن الخوف هو من نتنياهو، على حدّ تعبيرهم.
وطبقًا للتقرير عينه فإنّ إسرائيل ليست معنيةً بحربٍ مباشرةٍ مع إيران، ولكنّ البيت الأبيض لم يعُد يثق بنتنياهو، وقال المسؤولون الأمريكيون أيضًا إنّ تل أبيب لا تتخّذ دائمًا القرارات الإستراتيجيّة الصائبة، كما حدث في عملية اغتيال الجنرال مهدواي في دمشق مطلع الشهر الجاري.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية