تفاصيلٌ جديدةٌ ومُثيرةٌ: الاحتلال يُجري تحقيقًا داخليًا حول تسّرب معلوماتٍ قبل عملية بيت جن..
زهير أندراوس

ما زالت واقعة بيت جن السوريّة تُلقي بظلالها على صُنّاع القرار بالمستويين الأمنيّ والسياسيّ في دولة الاحتلال الإسرائيليّ، خصوصًا وأنّ المقاومة الإسلاميّة والوطنيّة في القرية أوقعت عددًا من الإصابات الخطيرة في صفوف الضباط والجنود من جيش الاحتلال خلال كمينٍ محكمٍ نصبته لهم، الأمر الذي فاجئهم جدًا.
وأفاد موقع (واللا) العبريّ بأنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ يفحص احتمال تسرب معلوماتٍ حساسةٍ قبيل عملية بيت جن في سوريّة، وذلك بعد وقوع القوة المتوغلة في كمينٍ خلال العملية الليلية.
من ناحيتها، نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة عن مصادر أمنيّةٍ قولها إنّ الكمين في بيت جن يظهر بوضوحٍ ضرورة منع تمركز جهات أسمتها معادية قرب الحدود مع سوريّة، وشددت المصادر على أنّ الوضع الحالي في دمشق لا يسمح بالتوصل إلى أيّ اتفاقٍ معها، واصفةً إيّاها بـ “دولة غير مستقرة”.
وأكدت تلك المصادر أنّ ما حدث في بيت جن “يؤكد أنّه لا يجب على تل أبيب الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها، خاصّةً من المواقع الحساسة مثل جبل الشيخ”.
ويأتي هذا التحقيق الداخليّ في جيش الاحتلال بشأن احتمال تسرب المعلومات بعد إعلان جيش الاحتلال سابقًا عن مقتل 13 شخصا من سكان القرية وإصابة 6 جنود إسرائيليين خلال تلك العملية الليليّة.
وفي هذه العُجالة، ذكر أمير بار شالوم محرر الشؤون العسكريّة في موقع (زمان إسرائيل) العبريّ، أنّ “قرية بيت جن، الواقعة عند سفح جبل الشيخ، ذات أغلبيةٍ سنيّةٍ، وبعض سكانها من أصلٍ فلسطينيٍّ، وخلال العام الماضي، نفذ الجيش عملياتٍ فيها عدّة مراتٍ، حتى أنّها قتلت ناشطًا من حماس من الجو”، طبقًا لأقواله.
ونقل شالوم عن ضابطٍ كبيرٍ في جيش الاحتلال أنّه وفقًا لمعلوماتٍ استخباراتيّةٍ تلقاها مؤخرًا، بدأت (الجماعة الإسلامية) في بناء بنيةٍ تحتيّةٍ في القرية، التي تأسست في لبنان على يد علماء دين سُنة، وبعضهم لاجئون فلسطينيون، وتتعاون مع حزب الله منذ عدة سنوات، طبقًا لأقوال ضابط الاحتلال.
وأضاف المحلل العسكريّ أنّ “الإسرائيليين يشتبهون بأنّ مسلحي الجماعة موجودون بسبب الاحتلال الإسرائيليّ في الأراضي السوريّة، ولعلّ الأصل المشترك، والتقارب الأيديولوجيّ، تُبذل جهود لإنشاء بنيةٍ تحتيةٍ تعمل تحت مظلة نظام أبو محمد الجولاني ضدّ إسرائيل، وهذه هي خلفية النشاط المكثف للجيش في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة“.
بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، أشار المحلل إلى أنّه “علاوة على ذلك، فإنّ قرية بيت جن، التي يبلغ عدد سكانها 3000 نسمة، أثارت قلقًا بالغًا لدى الدروز، سواء خلال سنوات “الثورة” (!)، أوْ حتى بعد سقوط نظام الرئيس السابق، د. بشّار الأسد، عندما كان الوضع في الجولان السوريّ لا يزال غامضًا وفوضويًا، وقد اتضح الآن أنّ بعض سكانها ينشطون حاليًا في جهاز الأمن العام التابع لنظام الشرع، ووفقًا لمصادر إسرائيليّةٍ، فإنّهم منخرطون أيضًا في أنشطة الجماعة الإسلامية اللبنانية“.
وأوضح شالوم أنّه “في ضوء العواقب الوخيمة لحادث إطلاق النار الأخير، لابد من طرح السؤال هل تستطيع إسرائيل استنساخ أنماط عملها في الضفة الغربية إلى داخل سوريّة، وهل عمليات الاعتقال و “جزّ العشب” مناسبة هنا، وهي تُنفَّذ على أراضي دولةٍ يعترف العالم بسيادتها، رغم أنّه ثمة خطرٌ من هوسٍ أيديولوجيٍّ إسرائيليٍّ بالغ الخطورة، ولذلك فإنّ المنطق السوري ليس كذلك، لأنّ المنطق الفلسطينيّ، ومستوى السيطرة التي يتمتع بها الجيش في قطاع غزة والضفة الغربية، لا يُشبهان إطلاقًا الوضع في سوريّة”، طبقًا لأقواله.
وأكّد الكاتب أنّ “سوريّة دولة يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، لا تطل إسرائيل إلّا على جزءٍ صغيرٍ من حدودها، وفي فسيفساءٍ طائفيّةٍ تُملي واقعًا مختلفًا تمامًا عن الواقع الفلسطينيّ، وشبكة المصالح في سوريّة، خاصةً اليوم في ظلّ حكم الجولاني، مُعقَّدة، وتتطلب حذرًا إسرائيلياً بالغًا، وإنّ احتضان طرفٍ واحد قد يُؤثِّر على الأقليات الأخرى، وبالتالي فإنّ إسرائيل، بنمط نشاطها الحالي، تبني في الواقع حزب الله السوريّ“، على حدّ تعبيره.
وأوضح شالوم في الختام أنّ “متابعة مجموعات (تيليغرام) السورية، يكشف عن ظاهرةٍ في الأشهر الأخيرة، ظاهرة تعتبر خطيرة للغاية، حيث يسود فيها خطاب يبدأ بعنوان “الاحتلال الإسرائيلي”، ولعل استخدام هذا المصطلح يشير إلى اتجاه يجب على إسرائيل مراعاته، وتؤكّد جولةً سريعةً على حسابات (إكس) هذا الكلام، فالصورة التي تتضح في سوريّة في ضوء النشاط الإسرائيلي، وجمود المفاوضات السياسية بشأن الترتيبات الأمنية الجديدة هي صورة إعادة تشكيل واقعٍ قائمٍ، واستبداله“.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية



