فن و ثقافة

تفاصيل كاملة لما جرى في اتحاد الكتاب العرب : كيف تلاقت القيادتان السابقة والجديدة في اجتماعهما الساخن؟

عماد ندّاف

نشرتُ مادتي السابقة عن الاستعصاء التاريخي في اتحاد الكتاب العرب بعد عدة شهور على الأخذ والرد بين قيادة الاتحاد وممثلي الحكومة المؤقتة، ولم تمض ساعات على نشره حتى

فوجئت عند الفجر برسالة من صديق لي تحتوي على صورة قرار مفاجئ  بتشكيل مجلس لاتحاد الكتاب العرب ، صدر في ساعة متأخرة من الليل ويتألف من :

محمد طه العثمان رئيسا ، محمد منصور ، حسن عبد الكريم ، جمال الشوفي، فدوى عبود ، محمد سعيد العتيق ، محمود عساف، مروة حلاوة ، محمد صارم أعضاء ، ومهمة هذا المجلس تسيير أعمال اتحاد الكتاب العرب.

وعندما دققت في الأسماء ، كان هناك أسماء أعرفها وأسماء قرأت عنها ، وصباحا يوم الأربعاء، ذهبت إلى مبنى الاتحاد بسبب الاجتماع الدوري لجمعية القصة والرواية ، وهناك كان الاتحاد قد تلقى اتصالا بأن المجلس الجديد سيأتي إلى الاتحاد في الساعة الحادية عشرة لمتابعة الإجراءات.

وصل عدد من أعضاء المجلس الجديد، وتغيب بعضهم، ودُعيتُ لحضور الاجتماع ، فتركت اجتماع القصة والرواية لزميلي أمين السر الكاتب غسان حورانية، ودخلت إلى اجتماع تاريخي  أعتبره واحدا من أهم وأسخن الاجتماعات في تاريخ تعايشي مع اتحاد الكتاب العرب بعد انتسابي إليه قبل ثلاثين سنة .

ما الذي حصل في هذا الاجتماع، وهل كان الطرفان بمستوى السُمعة التي يتمتع بها المثقف السوري، ومن أخطأ ومن أصاب؟

أسئلة تفرض نفسها في وقت سقط فيه نظام بشار الأسد وتشكل فيه نظام جديد، والحياة السورية غير مستقرة بعد، لا أمنياً ولا سياسياً ولا اقتصادياً، ولا ثقافيا بحكم الانشغال التاريخي عن الثقافة والأدب بالشعارات والتسويات والولاءات ونشوء فئة واسعة من مثقفي السلطة نشأت وترعرعت في أجواء لا يحسد عليها السوريون، وكان اتحاد الكتاب بأعضائه يكابد ويعاني من أجل الوصول إلى استقلالية نسبية وأداء أفضل تحت سطوة الخوف وتحت ضغط كبير من مثقفي السلطة الذين امتلكوا مفاتيح قوة كان من الصعب التغلب عليها، رغم شجاعة الكتاب السوريين في مواقفهم ومؤتمراتهم ومقالاتهم وهي مواقف ربما تضيع اليوم تحت رُهاب غريب يقول : (إن الجميع متهمون بالولاء للنظام السابق، وأن تأييد التغيير هو نوع من التكويع السياسي).

اعضاء في اتحاد الكتاب العرب
اعضاء في اتحاد الكتاب العرب

المهم أنني حضرت الاجتماع ، وفي وجوه المجتمعين برز في بداية الاجتماع ومن الطرفين نوع من الكهرباء الخفية في قطبين ، يمكن أن تتصادم  في لحظة ما أو أمام عبارة طارئة وعندها لايعرف أحد أي مسار سيتجه إليه اتحاد الكتاب العرب.

وما أن جلستُ بين المجتمعين ، حتى حدث ماهو متوقع ، عندما وردت عبارة في سياق طويل من الحوار عما حصل في الشهور السابقة على لسان الدكتور محمد الصارم وهو يخاطب القيادة القديمة، أنتم بدأتم حملة علينا فظهرنا أننا نحن الشبيحة ، وانتقد ماحصل في فرع السويداء والاتهام الذي قيل بأن عملية تغيير قيادة الاتحاد بقيادة غير منتخبة هي عملية اغتصاب.

هذه الشرارة دفعت رئيس اتحاد الكتاب العرب إلى رد طويل وصاخب استنكر فيها استخدام عبارة (الشبيحة) وشرح سياق التفاوض، فأورد تفاصيل كثيرة، من بينها أن الاتحاد طرح ضم الروابط الأدبية الموجودة خارج الاتحاد وأن الاتحاد فتح صدره للمبادرات كافة بدءا من بيانه الذي أيد فيه الثورة،  وأشار أيضاً إلى حوار نوعي جرى في لقاءات جانبية وودية جرت بينه وبين بعض الكتاب المعارضين لنظام الأسد، ثم دخلت الكاتبة فلك حصرية على الخط محتجة على ماينقل من اتهامات لقيادة الاتحاد بأنها من فلول النظام السابق، وأوضحت أن هناك كثيرون من أسرتها مع الثورة. وتساءلت عن شرعية القرار الجديد وعن السمعة الثقافية للأسماء الجديدة التي لا تعرفها، وعلت الأصوات محتجة على تساؤلاتها، وتداخلت المعاني، فنهض الكاتب محمود العساف (أبو خالد الخابوري) معلنا الانسحاب من الجلسة ، ونهض معه آخرون، وكاد الاجتماع أن يفشل.

اعضاء في اتحاد الكتاب العرب
اعضاء في اتحاد الكتاب العرب

وسريعا تدخل رئيس مجلس تسيير الأعمال محتجا على طريقة الحوار، وعلى اللهجة الغاضبة من الطرفين ، ونفى أن يكون أحد من مجلس تسيير الأعمال قد وجه أي اتهام لقيادة اتحاد الكتاب العرب بأنها من فلول النظام، مؤكدا أن النية والرغبة تتجه ليكون الجميع في عملية البناء القادمة للاتحاد ولسمعة المثقف السوري، ثم تحدثت الكاتبة فدوى عبود محتجة على توصيف الكاتبة حصرية ، فقدمت نفسها ككاتبة معروفة وصلت إلى قائمة العشرين في جائزة كتارا ، وتحدث الدكتور محمد الصارم عن هويته الثقافية وسمعته واحترامه للكتاب السوريين، وتساءل عن السبب في عدم معرفة سوية كتاب الثورة الذين عانوا وهجروا وسجنوا وقتلوا مؤكدا على الهوية الثقافية المتميزة لكثيرين منهم.

ومع تصاعد الخلافات طالب الكاتب الأرقم الزعبي باحترام أنظمة الاتحاد التي يفترض أن يجري احترامها بعد انتصار الثورة ، والانتقال إلى الدولة المدنية، وحذر الكاتب توفيق أحمد من استخدام عبارة (الشبيحة) لأنها لاتوّصف حال الكتاب السوريين الذين عانوا تحت وطأة الحرب داخل سورية، والذي تعرضوا لضغوط كبرى.

اعضاء في اتحاد الكتاب العرب
اعضاء في اتحاد الكتاب العرب

كان تدخل الدكتور محمد طه العثمان ناجحا في ضبط التوتر الذي نشأ في الساعة الأولى  وإعادته إلى فضاء الحوار، وكشف الدكتور الحوراني أن سبب التوتر هو سوء التفاهم الذي نشأ في الشهور الماضية ، مبينا أن الرغبة لدى الجميع هي في أن يكون الاتحاد قويا ومتماسكا وأن تتضح آليات انضمام الروابط الأدبية التي كانت في الخارج وكيفية التعاطي مع من هم ليسوا كتابا ، وكان هناك توافق على أن كثيرين لا تنطبق عليهم صفة الكاتب الواردة في أنظمة الاتحاد ، ثم طلب الدكتور جهاد بكفلوني الحديث فقدم مداخلة طويلة أيدها بشواهد شعرية جذابة أضفت على الحوار هدوءا واضحا جرى استثماره بسرعة بالعودة إلى البحث عن حل .

وعندما هدأ الحوار ، سأل الكاتب رياض طبرة عن طرح الكاتب عماد ندّاف آلية عمل يمكن أن تنطلق منها المرحلة القادمة، وفحواها أنه إذا كان هناك صلاحيات لمجلس تسيير الأعمال، فإن بإمكانه تشكيل لجنة موسعة تضم مجلس تسيير الأعمال إضافة إلى جميع أعضاء المكتب التنفيذي وتكون مهمتها وضع الترتيبات للمرحلة القادمة ومن بينها :

  • الحاجة إلى تعديل النظام الداخلي .
  • الإعداد لمؤتمر استثنائي.
  • جمع الروابط المستقلة للكتاب مع الاتحاد .
  • انتخاب قيادة جديدة للمرحلة القادمة .

وترك تحديد المدة إلى اللجنة ، لكن الدكتور العثمان أكد إنه بقدر ما ننجز بسرعة بقدر ما نصل إلى نتائج .

وتمت الموافقة على المشروع، مع إعطاء مهلة شهر كامل لترتيب عملية الانتقال من المكتب التنفيذي إلى  مجلس تسيير الأعمال ، وأكد المجتمعون على ضرورة العمل معا وبود ومحبة ووعي لانجاز المهمات التاريخية المطلوبة .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى