تل أبيب: التنسيق الأمنيّ مع السلطة هو السبب الرئيسيّ في خفوت الاحتجاجات واستيعابها

أجمع المعلّقون للشؤون الأمنيّة والعسكريّة في إسرائيل، اليوم الأحد، على أنّ الاحتجاجات التي عمّت الأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة منذ عدوان يونيو من العام 1967، لم ترتقِ إلى مُستوى الحدث، وفي هذا السياق، نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة عن مصادر وصفتها بأنّها رفيعة جدًا في تل أبيب، قولها إنّ السبب في ذلك يعود إلى التنسيق الأمنيّ المُكثّف بين الجيش الإسرائيليّ والأذرع الأمنيّة المُختلفة وبين الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة.

وساقت المصادر عينها قائلةً إنّه خلال أحداث الأقصى، عندما أقدمت إسرائيل على وضع البوابات على مدخل المسجد الأقصى المبارك، لم يكُن هناك أيّ نوعٍ من التنسيق الأمنيّ مع السلطة الفلسطينيّة، الأمر الذي أدّى إلى تعاظم التظاهرات والاحتجاجات، والتي أدّت بدورها إلى تراجع إسرائيل وإزالة البوابات نظرًا للضغط الجماهيريّ الشديد من قبل المُحتّجين الفلسطينيين، على حدّ تعبيرها.

علاوةً على ذلك، وبالرغم من البطش والوحشيّة في تعامل قوّات الأمن الإسرائيليّة مع المُحتجّين الفلسطينيين، إلّا أنّ المصادر في تل أبيب زعمت أنّ الجيش كان مُنضبطًا للغاية، وامتنع عن إطلاق الذخيرة الحيّة بهدف الامتناع عن سقوط شهداء، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ سقوط الشهداء، وإجراء مراسم التشييع بعد ذلك، ستؤدّي بطبيعة الحال إلى ارتفاع منسوب الـ”عنف” لدى الفلسطينيين.

وعلى الرغم من التفاؤل الحذر الذي أبدته المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، فقد استمرّت المواجهات لليوم الثالث في كافة مناطق التماس بالقدس والضفة المحتلتين وقطاع غزة، تزامنًا مع فعاليات تضامنية في عواصم عربية وغربية، رفضًا للقرار الأمريكي الظالم بشأن القدس.

فقد أصيب عشرات المواطنين بجراح متفاوتة واعتقل أكثر من 10 بينهم نائب في المجلس التشريعي وفتاة خلال مواجهات عنيفة ومستمرة في غالبية نقاط التماس مع الاحتلال الإسرائيليّ. واعترف الاحتلال الإسرائيليّ إن مواجهات وقعت اليوم في 20 نقطة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

وأشار جيش الاحتلال في بيان له إلى أنّ مئات الفلسطينيين أضرموا النيران في إطارات السيارات، ورشقوا جنودنا بالحجارة والزجاجات الحارقة في الضفة الغربية.

ففي مدينة الخليل جنوبي الضّفة الغربية المحتلة، اندلعت مواجهات متفرقة بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال في منطقة باب الزاوية وسط المدينة. وأفادت مصادر محلية أنّ قوات الاحتلال أطلقت القنابل الغازية والصوتية والرصاص المطاطي في المنطقة. كما رشقّ الشبّان الحاجز العسكري المؤدّي إلى شارع الشّهداء بالحجارة.

وتلا ذلك، عمليات تمشيط موسّعة نفّذها العشرات من جنود الاحتلال بعدة شوارع المحيطة بمنطقة باب الزاوية وسط الخليل، بعد تأكيد شهود إلقاء عبوات محلية الصّنع صوب قوّات الاحتلال في المنطقة، حيث اعتدى جنود الاحتلال بالقنابل الغازية والصّوتية على الصحفيين الذين يمارسون عملهم بالمنطقة، إضافة لإجبار أصحاب المحال التجارية في الشارعين المحاذيين للمنطقة على إغلاقها وصولا لدواري الصّحة والمنارة وسط المدينة.

كما اندلعت مواجهات بين مجموعة من الشبان وجنود الاحتلال على حاجز حوارة جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، وعلى على حاجز حوارة، كما رشقت خلالها الشبان الحجارة على جنود الاحتلال، الذين استخدموا قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المغلف بالمطاط في مواجهة المتظاهرين، دون أنْ يبلغ عن وقوع إصابات.

أمّا فيما يتعلّق بالوضع في قطاع غزّة، فقد نقلت الصحيفة العبريّة عن مصادر عسكريّة وصفتها بالمسؤولة قولها إنّ حماس ليست معنيّةً بالتصعيد ضدّ دولة الاحتلال، كما أنّ إسرائيل هي الأخرى غير معنيّةٍ بشنّ حربٍ ضدّ قطاع غزّة في الوقت الراهن، لافتةً إلى أنّ حماس تريد الحكم في قطاع غزّة، فيما ترغب إسرائيل بمُواصلة بناء الجدار على الحدود مع قطاع غزّة.

وبحسب المصادر عينها فإنّ فصل الشتاء ليس مُنسابًا لخوض حربٍ جديدةٍ بين الطرفين، مُوضحةً أنّ ما يُطلق عليه مُنسّق أعمال الحكومة الإسرائيليّة في المناطق المُحتلّة، الجنرال يوآف مردخاي، نشر أمس شريط فيديو باللغة العربيّة، مُوجهًا إلى سكّان القطاع حذّرهم فيه من أنّ ما أسماها بالتنظيمات الإرهابيّة تعمل على جرّهم إلى حربٍ جديدةٍ مع إسرائيل.

وخلُصت المصادر في تل أبيب إلى القول إنّ الاختبار الآن هو هل سيستمّر التراجع في الاحتجاجات، كما يأملون في إسرائيل، وهل ستوقّف إطلاق الصواريخ من قطاع غزّة باتجاه المُستوطنات الإسرائيليّة في الجنوب، مؤكّدة أنّه بناءً على ذلك، فإنّه من السابق لأوانه اليوم الإعلان عن العودة إلى الهدوء الذي ساد المنطقة قبل إعلان ترامب يوم الأربعاء الماضي عن القدس عاصمةً للدولة العبريّة، على حدّ تعبير المصادر.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى