تل أبيب: التوتّر بالخليج وصل الذروة والعملية العسكريّة الإيرانيّة ضد إسرائيل وأمريكا ستُنفّذ حتى بعد دخول بايدن للبيت الأبيض وانتقام طهران بات أمرًا حتميًا

 

دفعت إسرائيل بالخبراء والمحللين والمستشرقين إلى مقدّمة الجبهة الإعلاميّة لإقناع الرأي العّام في الدولة العبريّة وبطبيعة الحال في الوطن العربيّ، بأنّ إيران ومَنْ تُطلِق عليهم لقب “توابعها”، يُشكّلون خطرًا إستراتيجيًا-وجوديًا على دولة الاحتلال، مع التأكيد أنّ إسرائيل تنتظِر دخول الرئيس الأمريكيّ المُنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض، ولكن في الوقت عينه لن تتورّع عن الدفاع عن نفسها حيّال أيّ “اعتداءٍ” إيرانيٍّ مُباشِرٍ أوْ عن طريق حزب الله أوْ أنصار الله في اليمن.

وفي هذا السياق، رأى المستشرق عوديد غرانوت، أنّ مقياس الخوف من الاشتعال العسكريّ في الخليج يرتفع اليوم لرقمٍ قياسيٍّ جديدٍ، مع مرور عامٍ بالضبط على اغتيال قائد قوة القدس قاسم سليماني، ومن المعقول أنْ يستمر في الأسابيع الثلاثة القريبة القادمة حتى مُغادرة ترامب البيت الأبيض، وأضاف أنّ لهذا الاعتبار، سجل هذا الأسبوع جهد استثنائي من جانب واشنطن وتل أبيب، لردع إيران عن تنفيذ عملية ثأر على قتل سليماني وتصفية العالم النووي محسن فخري زادة في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، وهي عمليةً نُسِبَت للموساد، ولكنّ إسرائيل لم تُعلِن حتى اللحظة مسوؤليتها عن تصفية فخري زادة.

وشدّدّ المُستشرِق غرانوت، المُقرّب بطبيعة الحال لدوائر صُنْع القرار في تل أبيب، شدّدّ على أنّ إسرائيل لم تجتهد لنفي التسريبات حول مرور غواصة لسلاح البحرية عبر قناة السويس إلى الخليج، في حين حذّرت محافل أمنية إسرائيلية من ثأر إيرانيٍّ كإطلاق صواريخ من اليمن أو العراق، إضافة لتفعيل فروعها في سوريّة و لبنان ضد أهداف إسرائيلية وغيرها، كما قال.

ولفت في تحليلٍ نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم) المُوالية لرئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، إلى أنّ  هناك تخوفًا من تخطيطٍ إيرانيٍّ لعمليةٍ عسكريّةٍ ضدّ الولايات المتحدة، وربّما ضدّ إسرائيل، بسبب تصفية زادة، وهذه التخوفات تستند إلى معلومات استخبارية من جانب ما، وإلى تقديرات ومعطيات من جانب آخر، وفق ما نقل عن مصادره الرفيعة في تل أبيب.

وأردف نقلاً عن المصادر ذاتها أنّه وصلت تقارير عن نقلٍ مكثفٍ للصواريخ والسلاح المتطور من إيران للمليشيات في العراق وإلى الحوثيين في اليمن، كما علم عن لقاءات متواترة بين قادة هذه المليشيات وبين إسماعيل قاآني، خليفة سليماني في قيادة فيلق القدس.

وأوضح أنّه وفق التقديرات في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب فإنّ الشعور بأنّ عملية إيرانية قريبة هي أمر حتميّ، لاعتبارين أساسيين هما: الأول، تصفية سليماني كان ضربة أليمة جدًا للنظام، والثاني للتقدير المتشدد، أنه بقيت لإيران نافذة فرص ضيقة من ثلاثة أسابيع فقط للانتقام من ترامب قبل أن يغادر البيت الأبيض، وفق غرانوت.

ورأى الكاتب أنّ كلّ عملٍ عسكريٍّ ضدّ أهدافٍ أمريكيّةٍ في بداية ولاية جو بايدن، من شأنه أنْ يُخرِّب جدًا على الجهد الإيرانيّ لإعادة واشنطن للاتفاق النوويّ، مُشيرًا إلى أن طهران لم تجتهد بهدف تهدئة الروع من ثأرٍ قريبٍ، لكنّها حاولت عرض صورة معاكسة.

وبيّن أنّ إيران تحاول أنْ تعرض الأمر بأنّ ترامب يسعى للعمل ضدّ الولايات المتحدة وليست إيران، فهو الذي يوشك على أنْ يقصف منشآت النووي بحجة ردع إيران عن الهجوم، وتسعى كذلك لعرض الأمر بأنّ إسرائيل والسعودية تضغطان على ترامب كي يعمل فورًا.

وأشار إلى أنّه في خضّم الاتهامات الإيرانيّة-الأمريكيّة المُتبادلة حول النوايا الهجومية، فإنّ خطأ في التقدير من شأنه أنْ يؤدّي لاشتعالٍ كبيرٍ، وفي نهاية الأسبوع سُجِلّت فقط محاولة واحدة لتقليل التوتر بعض الشيء، عندما أمر وزير الدفاع الأمريكيّ بتقصير تواجد حاملة الطائرات (يو إس إس نيميت) في الخليج، وهذا ليس كافيًا، وفق أقواله.

وخلُص المُستشرِق الإسرائيليّ إلى القول إنّه حتى لو مرّت الأسابيع الثلاثة القريبة دون تصعيدٍ عسكريٍّ في الخليج، ونقل الرئاسة في واشنطن، فلا يوجد أيّ ضمانةٍ لتحسينٍ سريعٍ في العلاقات مع طهران، ذلك أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة ستُطالِب بايدن بوقف أوْ تخفيف فوري للعقوبات، ولن توافق على التنازل عن مشروع الصواريخ الباليستية أوْ تسارع لتوقيع على اتفاقٍ نوويٍّ جديدٍ قد يدفع الإيرانيين مرّةً أخرى لمُحاصرتهم في السباق نحو القنبلة النوويّة، على حدّ قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى