تل أبيب: الراحة التي ملكتها إسرائيل بالشمال تتقلّص

من نوافل القول إنّ “داعش” لم يقُم بأيّ عمليّةٍ عسكريّةٍ ضدّ إسرائيل أوْ ضدّ أهداف لها أو أهدافٍ يهوديّةٍ وصهيونيّةٍ في الخارج، وبالتالي كان من الطبيعيّ أنّ التقدير الإستراتيجيّ الإسرائيليّ للعام 2017 أكّد على أنّ العدّو الأوّل لتل أبيب هو حزب الله، تليه إيران ، وفي المكان الثالث (حماس)، في حين لم يتناول التقدير التهديد أوْ التحدّي الذي يُشكلّه تنظيم “داعش” الوحشيّ-الإرهابيّ على دولة الاحتلال.

في هذا السياق، أكّد وزير الدفاع الأمريكيّ، جيمس ماتيس، أنّ خطر إيران أكبر من خطر داعش، الذي وصفه بالذريعة الإيرانية في المنطقة، منتقدًا تخييب واشنطن آمال حلفائها الشرق أوسطيين. وخلال استضافته في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن ركز ماتيس على إيران، واصفًا نظام الـ”ملالي” بأنّه أكثر الأخطار التي تهدد الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط ديمومة، على حدّ تعبيره.

وقال ماتيس إنّ تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش) وتنظيم القاعدة خطران آنيان، وأنّ القضية الفلسطينيّة تستمر في الغليان، لكن لا شيء خطيرًا بقدر خطورة التهديد الإيراني بتداعياته طويلة الأمد على الاستقرار والازدهار في المنطقة، بحسب أقواله.

في هذا السياق، ذكر محلل الشؤون العربيّة في موقع “WALLA”، الإخباريّ-العبريّ، آفي يسسخاروف، أنّ سلسلة التطورات الأخيرة في الحرب بين الجيش السوريّ والمسلحين، تشير إلى أنّ مساحة الراحة النسبية التي ملكتها إسرائيل على الجبهة الشمالية تتقلّص، وبعبارةٍ أخرى، إنّ نفس هزيمة “داعش”، قد ينبئ بتصعيدٍ محتملٍ في الشمال بين إسرائيل وبين الجيش السوريّ وبالطبع حزب الله.

وزاد المُحلل الإسرائيليّ قائلاً إنّ ما أسماه السنوات الأخيرة من الحرب السورية دفعت إلى تقييد حزب الله بموارده وطاقته أمام مواجهة مع إسرائيل، لكن في الأسابيع الأخيرة بدا أنّ هذا التوجه تبدّل والميزان يميل لصالح جنود الرئيس السوريّ د. بشّار الأسد، وحزب الله وإيران، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ المعارك في الموصل بالعراق على وشك الانتهاء، ومن الواضح أن التالية ستكون الرقة، عاصمة “داعش” في سوريّة، وأقّر، نقلاً عن مصادر سياسيّة رفيعة في تل أبيب، أنّه حتى على حلبات أخرى فقد سجّل الجيش العربيّ السوريّ نجاحات بارزة، مثل منطقة دير الزور شمال الدولة.

علاوةً على ذلك، لفت المُحلل يسسخاروف إلى أنّ ما أسماها بالميلشيات العسكريّة المختلفة، سواءً المؤيدة للأسد أمْ المسلحين له، تتسابق الآن على المناطق التي تنسحب منها “داعش”، مُشدّدًا على أنّه بطبيعة الحال المنطقة التي تقلق إسرائيل أكثر من كلّ شيء وتقلق أيضًا جارتها من الشرق، الأردن، مشيرًا في هذا السياق، إلى المعارك التي تجري في منطقة درعا وكذلك في الجزء المُحرر من الجولان العربيّ-السوريّ.

وفيما تحدث يسسخاروف عن وجود قذائف مرتدّة نحو الجانب الإسرائيليّ من حينٍ إلى آخر، استبعد أنْ يكون هنالك إطلاق نار سوريّ مقصود، معتبرًا أنّ الخشية الإسرائيليّة الأساسية ليست من انزلاق قذائف هاون، وإنمّا التهديد الأكثر أهمية، وفق وصف المحلل يسسخاروف، مصدره اقتراب حلفاء الرئيس الأسد إلى الحدود مع الأردن، ومع الدولة العبريّة، كاشفًا عن وجود تنسيق في هذا الموضوع.

مع ذلك، لفت إلى أنّه من المشكوك فيه إذا كان هذا التنسيق يمكنه أنْ يمنع أوْ يوقف اقتراب من أسماها القوات المدعومة من إيران، سواء حزب الله، أو القوات ذات الأصول الباكستانية، العراقية، أو الأفغانية إلى الحدود مع إسرائيل، مضيفًا أن ما أسماه بـ”المحور الشيعي” يتقدّم بينما تنظيم “داعش” غير موجود في هذه المنطقة، وخلُص إلى القول في هذا السياق إنّ السلوك الإسرائيليّ غير الرسمي الذي يقول:”نتمنى النجاح للطرفين” أصبح أقل ذي صلة على ضوء النجاحات المهمة لأحد الأطراف.

مُضافًا إلى ما ذُكر أعلاه، لفت المُحلل الإسرائيليّ إلى أنّ انعكاس هذه النجاحات في سوريّة والعراق يمكن أنْ نراها ونسمعها في الأيام الأخيرة في لبنان، من خلال التصريحات الحماسية لأمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله الذي تعهد أنّه في الحرب المقبلة مع إسرائيل ستفتح الأجواء أمام آلاف، وربما مئات آلاف المقاتلين من كلّ الدول العربيّة والإسلاميّة، الذين سيصلون للمشاركة فيها.

في سياق ذي صلة، قال موقع (0404) الإسرائيليّ-الإخباريّ إنّ مجلة “بوليتيكو” الأمريكيّة، نشرت سلسلة لقاءات أجراها مراسلها في تل أبيب، مع ضباط رفيعي المستوى في جيش الاحتلال، حيث حذّروا فيها واشنطن من إستراتيجيّة هزيمة “داعش”، وأكّدوا أنّ النتيجة ستكون الندم، والأسوأ هو القادم في اليوم الذي يلي التنظيم، على حدّ قولهم.

وقال رئيس القسم الاستراتيجيّ في شعبة التخطيط في الجيش، الجنرال رام يفني، إنّ هزيمة داعش ليس عملاً سهلاً، و”أنا لا أفهم قلق الأمريكيين من التنظيم، ومن هذه المجموعة (داعش) التي لا تشكل تهديدًا استراتيجيًا رئيسيًا”.

وساق الموقع الإخباريّ-العبريّ قائلاً إنّ ضباطًا آخرين من جيش الاحتلال الإسرائيليّ حاولوا إظهار “داعش” على أنّه تنظيم معتدل نسبيًا، واعتبروه أقل سوءً من تنظيم القاعدة، لأنّه غيرُ معادٍ للغرب، وفي الأساس وجد التنظيم من أجل الخلافة الإسلاميّة.

جديرٌ بالذكر أنّ السفير الإسرائيليّ في روسيا، غاري كورين، أكّد استعداد تل أبيب للإقدام على عمليةٍ عسكريّةٍ في سوريّة ضدّ حزب الله والقوى الحليفة له إذا شعرت بخطرٍ حقيقيٍّ يتهددها من الجولان.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى