تل أبيب: السعوديّة “رمت” الأردن ودفعت الملك لأحضان أردوغان

تُتابع إسرائيل بحذرٍ شديدٍ تطورّات الأزمة الداخليّة في المملكة الهاشميّة، ولوحظ أنّ أقطاب دولة الاحتلال، وبشكلٍ خاصٍّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والوزراء يلتزمون الصمت المطبق فيما يتعلّق بالمظاهرات التي تعُمّ الأردن احتجاجًا على قانون ضريبة الدخل ورفع الأسعار واستقالة حكومة هاني الملقي وتكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل حكومةٍ جديدةٍ. حتى الإعلام العبريّ، يتعامل مع المُستجدّات الأخيرة بشكلٍ إيجابيٍّ، ولا يخفي المُحلّلون والخبراء والمُختّصون خشيتهم العميقة من أنْ تتسّع دائرة المظاهرات والاحتجاجات لتُشكّل خطرًا على نظام الحكم في عمّان، علمًا أنّ إسرائيل تتقاسم مع الأردن أطول حدود، إذْ تصل إلى 600 كيلومتر، بالإضافة إلى اتفاق السلام المُوقّع بينهما والمعروف باسم وادي عربة من العام 1994.

وفي هذا السياق، تناول المُستشرق د. تسفي بارئيل، وهو مُعلّق شؤون الشرق الأوسط في صحيفة (هآرتس) العبريّة، تناول قضية الأزمة الأردنيّة، وأكّد على أنّه ليس من المبالغ فيه التقدير أنّ دولاً عربيّةً غنيةً والإدارة الأمريكيّة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، ستهُبّ لمساعدة الملك عبد الله الثاني وتدعمه اقتصاديًا.

بارئيل شدّدّ على أنّ المملكة الهاشميّة هي دولة مهمة من ناحية إستراتيجيّة في دائرة الدول العربية المؤيدة للغرب، كما أنّها مدماكًا مهمًا فيما أسماه جدار التعزيزات ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، ولكنّ المُعلّق استدرك قائلاً إنّه عندما يبدءون في المظاهرات بإسماع شعاراتٍ ضدّ النظام وليس ضدّ رئيس الحكومة فقط، وعندما يدعون إلى طرد الملك، فإنّ احتجاجًا أكبر من شأنه أنْ يفاجئ ويؤدي إلى تحولٍ سياسيٍّ خطيرٍ، على حدّ قوله.

وشدّدّ المُستشرق الإسرائيليّ على أنّ الملك عبد الله أثبت فعليًا في الـ 19 عامًا من حكمه أنّه يعرف كيفية إدارة الأزمات، والحفاظ على مملكته فوق سطح الماء، لكنْ ربمّا أنّه في هذه المرة لا يكفي منسوب المياه من أجل تهدئة الجمهور الأردنيّ الذي بالإضافة إلى ما ذُكر يقوم بتمويل أكثر من مليون لاجئ، رفعوا نسبة البطالة في أوساط المواطنين إلى أكثر من 18 في المائة، كما أكّد.

على صلةٍ بما سلف، رأت مُحلّلة الشؤون العربيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، سمدار بيري، أنّ الأردن شهد أمرين في في الأيام الأخيرة: عمّان استُثنيت من الاتفاق الذي تمّ بين الولايات المتحدة الأمريكيّة، الدولة العبريّة والمملكة العربيّة السعوديّة ومصر في مٍالة نقل السفارة الأمريكيّة من تل أبيب إلى القدس، أمّا الحدث الثاني، برأي المُحلّلة بيري، فتمثل في قيام الجماهير الأردنيّة بالتظاهر في المدن الكبرى ضدّ رفع أسعار الوقود والكهرباء، والنيّة لإعداد ضريبة دخل جديدة لكلّ مواطني الدولة، لافتةً إلى أنّه يتحتّم بأنّ هذا فقط للمواطنين وليس لمن يسكنون في الدولة، والذين بات عددهم كبيرًا، بحسب قولها.

ووفقًا لها، فإنّه ظاهريًا لا توجد صلة بين الأمرين، فموضوع القدس هو سياسيّ بحت، بينما مطالب المواطنين الأردنيين تتعلّق بالموضوع الاقتصاديّ، ولكن، تابعت قائلةً إنّه توجد علاقة مُترابطة بين الحدثين: الأردن، الذي يبدو ويتصرّف كدولةٍ غنيّةٍ، وفي مدنه الكبرى توجد منازل جميلة وفاخرة، يعيش عمليًا على التبرعات الأجنبية وعلى المساعدات الأجنبية منذ سنواتٍ عديدةٍ، مُضيفةً في الوقت نفسه أنّ الملك حسين الراحل، وبعده ابنه عبد الله، عرفا كيف ينتزعا من الجارات العربيات في الخليج الأموال، وبالإضافة إلى ذلك، قالت، يجب إضافة التبرع الأمريكيّ، والمبلغ الثابت الذي وصل من صندوق النقد الدوليّ وصناديق المساعدة الأخرى، وبهذه الصورة، أكّدت، قام الاقتصاد الأردنيّ بأداء دوره المتعثر على مرّ الأعوام الفائتة، بحسب تعبيرها.

ونقلت المُحلّلة عن مصادر في تل أبيب قولها إنّ المملكة العربيّة السعوديّة، لأسبابٍ تتعلّق بها، قررت التنازل عن الأردن في مسيرة تمّ الإعداد لها بمُشاركة مع واشنطن، أمّا مصر، التي على أيّ حال ليس لديها الأموال الإضافيّة، فقد جرت خلف السعوديّة، وتبعتهما دولة الإمارات العربيّة المُتحدّة.

وكشفت النقاب عن أنّ الضغط الإسرائيليّ على واشنطن لحماية الأردن من أيّ ضررٍ آخذ في التبدد، وحسب التفسير الراهن والسائد في تل أبيب، يتحتّم على المملكة الهاشميّة أنْ تقف على قدميها، وأنْ تهتّم لنفسها.

وخلُصت المُحلّلة إلى القول إنّه في تل أبيب ما زالوا يعملون على تحديد وجهة الأردن الخارجيّة: هل الملك سيتوجّه إلى تركيّا وإيران وقطر، بعد أنْ فهم بأنّ السعوديّة تركته، على أيّ حالٍ، جزمت بيري، أنّه في واشنطن وتل أبيب والرياض استشاطوا غضبًا عندما شاهدوا صورة العاهل الأردنيّ إلى جانب الرئيس التركيّ أردوغان، في مؤتمر دول التعاون الإسلاميّ، والتي عُقدت في السابع عشر من شهر أيّار (مايو) المُنصرم في إسطنبول، على حدّ تعبيرها.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى