تل أبيب: الصفقة المُبلورة بين حماس ومصر ودحلان ستوسّع الانقسام مع فتح
يُتابع صنّاع القرار في تل أبيب عن كثب التقارب الحاصل بين حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) وبين القياديّ الفلسطينيّ، محمد دحلان، المفصول من حركة فتح. وبحسب صحيفة (هآرتس) العبريّة، فإنّه خلال اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس المصريّ، عبد الفتّاح السيسي، مع رئيس السلطة الفلسطينيّة في رام الله، محمود عبّاس (أبو مازن) تمّ تناول التقارب بين حماس ومصر، ولكنّ السيسي رفض طلب عبّاس بوقف هذا التسخين في العلاقات، وخصوصًا أنّ الأنباء المتواترة تؤكّد على أنّ الصفقة المصريّة مع حماس تشمل تعيين دحلان “خليفةً” لرئيس السلطة الحاليّ، أولاً في قطاع غزّة ومن ثم في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، كما أكّدت المصادر الإسرائيليّة الرسميّة للصحيفة العبريّة.
رئيسة تحرير موقع (المصدر) الإسرائيليّ، شيمريت مئير، نشرت “تحليلاً” قالت فيه إنّ رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس، إسماعيل هنية، سيلقي خطابا يوم الأربعاء بعد الظهر، أعلنت رسائل نصية كثيرة، وتغريدات عبر تويتر، ومنشورات في صفحات الـ(فيس بوك) المحسوبة على حماس، مُشدّدّةً على أنّه في خطوةٍ هادفةٍ إلى تحدّي المهلة السعودية، التي انتهت أمس الأحد، قامت قناة “الجزيرة” ببثّ الخطاب على نحو مباشر أمام أنظار الوطن العربيّ، رافعة مكانته من رئيس منظمة إرهابيّة حسب الولايات المتحدّة الأمريكيّة، إلى رئيس دولة عظمى، على حدّ تعبيرها.
وتابعت قائلةً: تحدث هنية بإسهاب في خطابه، عارضا أفكاره الأيديولوجية التي بدا ميثاق حماس الجديد في ظلّها تاريخًا بعيدًا. فطال شؤون كثيرة تتصدر النقاش العامّ، مثلا الحائط الغربيّ في القدس، وهو أحد المواقع الهامّة لدى اليهود، موضحا أنّه جزءً لا يتجزأ من المسجد الأقصى. وذكر أيضا قضية عرب 48، معرّفًا الضفة الغربية كمركز الصراع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ.
لكن اسما واحدا لم يذكر في خطاب هنية، رغم توقعات صحافيين كثيرين بأنّه سيذكر، وهو اسم محمد دحلان. وبرأي الصحافيّة الإسرائيليّة، نجح حديث هنية عن المقاومة في الضفة الغربيّة وعن الأماكن المقدسة في القدس في تشويش حقيقة أنّ وراء الكواليس تتبلور “صفقة” ثلاثية أوْ قد تكون رباعية بين حماس – مصر – دحلان وربما بين إسرائيل، بموجب الصمت علامة الرضا، على حدّ تعبيرها.
وأشارت في سياق تحليلها، الذي يعتمد على مصادر رفيعة في الخارجيّة الإسرائيليّة، أشارت إلى أنّ حماس تشعر بإحراجٍ في ظلّ الصفقة مع دحلان. فمن جهة، أضافت مئير، الخيارات الكامنة أمامها محدودة: يقوم محمود عبّاس بالتضييق عليها اقتصاديًا فارضًا عقوبات غير ممكنة، ومن جهة أخرى تعرف حماس أنّه دون فتح معبر رفح، فإنّ حكمها في غزة سينهار مع مرور الوقت.
ورأت المصادر عينها، بحسب موقع (المصدر) أنّه رغم الماضي الصعب بين حماس ودحلان، فقد اختارته حماس شريكًا بمقتضى الضرورة، وهو يعتبر خصم أبو مازن اللدود، ومصدر قلق كبير لديه. مُوضحة في الوقت عينه أنّ هدف حماس من “مغازلة” دحلان كان دبّ الرعب في قلب أبو مازن وجعله “يتنازل” في كل ما يتعلّق بالعقوبات التي يفرضها على غزة، على حدّ قولها.
واستدركت قائلةً إنّ رئيس السلطة عبّاس الذي يتماسك بآرائه دائمًا، يرفض الخنوع، فبقيت حماس على علاقة مع دحلان كشرط للاتفاقات مع مصر.
علاوةً على ذلك، شدّدّت المُحللة الإسرائيليّة على أنّه سيكون من الصعب جدًا على حماس إقناع مؤيدها بـ “الصفقة” المتبلورة مع دحلان، ذلك أنّ الأخير بعيون عناصر حماس رمزًا لكل ما هو سيء في السلطة الفلسطينية وفتح. وحماس التي تهتم جدًا بالرأي العام، تُفضّل عدم إظهار دور دحلان والتركيز على التقدّم مع مصر.
وخلُصت إلى القول إنّ دحلان هو “العروس″ التي تخجل حماس من اصطحابها إلى البيت، أمّا الدولة العبريّة فإنّها تتعامل مع هذه التطوّرات معاملة اللامبالاة، فإذا كان الفلسطينيين منقسمين حتى الآن بين حماس وفتح، فمنذ الآن سيتوسّع هذا الانقسام أكثر وسنحصل على حماس، وفتح “أ” وفتح “ب”، على حدّ تعبيرها.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية