تل أبيب تتهِّم إيران بضرب منشآت النفط السعوديّة وتصِف العملية بالذكيّة والمُحكمة جدًا وتُحذِّر من قيام طهران مُباشرةً أوْ عن طريق “وكلائها” بضربةٍ مُماثلةٍ لإسرائيل

 

ما زالت مفاعيل الهجوم الذي شُنّ ضدّ منشآت النفط السعودية يوم السبت الماضي تُلقي بظلالها السلبيّة على كيان الاحتلال الإسرائيليّ، الذي سارع لاتهام إيران بتنفيذ العمليّة، والتحذير في الوقت عينه من أنْ تقوم الجمهوريّة الإسلاميّة، مُباشرةً أوْ عن طريق أحد وكلائها في المنطقة، بتنفيذ هجومٍ مُماثلٍ على العمق الإسرائيليّ، كما نقل مُحلِّل الشؤون العربيّة في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، المُستشرِق إيهود يعاري، عن مصادر أمنيّةٍ رفيعة المُستوى في تل أبيب.

وتابع يعاري قائلاً، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ العدوان على منشآت النفط السعوديّة، والتي أدّت إلى وقف تصدير 5.7 مليون برميل نفط في اليوم، هو عدوان كبيرٌ جدًا، ويحمل في طيّاته الأبعاد والإسقاطات المُباشِرة والخطيرة على إسرائيل، مُشدّدًا على أنّ طهران تملك القوّة لتوجيه ضربات قاسيّةٍ ومؤلمةٍ ومُوجعةٍ وسريعةٍ على الأهداف الحساسّة لخصومها، وإذا قاموا بتنفيذ هذه العملية ضدّ السعوديّة، أضاف المُستشرِق يعاري، فلن يمر الوقت الطويل حتى يقوموا بتنفيذ عمليةٍ مُشابهةٍ ضدّ إسرائيل، على حدّ تعبيره.

نقلت الإذاعة العبريّة (كان)، شبه الرسميّة، عن مسؤولٍ أمنيٍّ إسرائيليٍّ، وصفته بأنّه واسع الاطلاع، نقلت عنه قوله إنّ التخوف في جهاز الأمن الإسرائيليّ هو من أنّ الأحداث في شمال البلاد ستُكثِّف الأنشطة في جبهاتٍ أخرى، وقد تؤدّي إلى تصعيدٍ شاملٍ، إذْ أنّ التقديرات الإسرائيليّة تُشير إلى أنّ إيران وأذرعها ستبحث عن طريقةٍ لتوجيه ضربةٍ لكيان الاحتلال أوْ أهدافٍ إسرائيليّةٍ أخرى في العالم، كما قال المصدر للإذاعة.

بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، شدّدّ الإعلام العبريّ، الذي ينقل بطبيعة الحال ما يُفكّر فيه صُنّاع القرار في تل أبيب من المُستويين السياسيّ والأمنيّ، شدّدّ على أنّ العملية الإسرائيليّة في الضاحية الجنوبيّة بالعاصمة اللبنانيّة، بيروت، قبل ثلاثة أسابيع، أكّدت أمرين: الأوّل، أنّ زمن الضبابيّة الإسرائيليّة قد ولّى، مع أنّها لم تتحمّل المسؤولية عن هجوم الضاحيّة، والثاني، وهو الأكثر أهميّةً أنّ الشرق الأوسط انتقل عمليًا إلى حقبة الطائرات المُسيّرة بدون طيّار، والتي تُعتبر أداةً مثاليّةً لتنفيذ العمليات الإرهابيّة في منطقة الشرق الأوسط، كما أكّدت المصادر الأمنيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب، التي حذّرَت في الوقت عينه من أنْ تقوم إيران ومن أسمتهم وكلائها في الشرق الأوسط بتنفيذ هجماتٍ مُحكمةٍ وذكيّةٍ ضدّ أهدافٍ في العمق الإسرائيليّ على نسق الهجوم الذي نفذّه الحوثيون السبت الماضي ضدّ شركة النفط الحكوميّة السعوديّة (أرامكو).

ونقلت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكيّة عن مسؤولين في الخليج قولهم إنّ الخبراء يدرسون احتمال استخدام المهاجمين على منشآت النفط السعودية صواريخ من طراز (كروز)، تمّ إطلاقها من العراق أوْ إيران، من دون استبعاد فرضية الطائرات المُسيرّة.

ووصفت الصحيفة الهجوم على منشآت النفط السعودية بأنّه قد يمثل نكسة أخرى للمحاولات الأمريكيّة فتح محادثاتٍ مُباشرةٍ مع الحوثيين، وكشفت أن زعماء الحوثيين رفضوا مساعٍ أمريكيّةٍ لبدء محادثاتٍ في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، بعد مقتل العشرات في غارات للتحالف على مركز اعتقال في اليمن.

من جهته، قال البيت الأبيض إنّ الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب تحدث مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان لتقديم الدعم للرياض في الدفاع عن نفسها، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ واشنطن تُندِّد بقوّةٍ بالهجوم على البنية التحتية لقطاع الطاقة في السعودية، كما جاء في بيانٍ رسميٍّ صادرٍ عن البيت الأبيض.

من جانبها، قالت وكالة الأنباء السعودية إنّ ترامب أشار في الاتصال الهاتفيّ إلى التأثير السلبيّ للهجمات على الاقتصاد الأمريكيّ والعالميّ، في حين أكّد وليّ العهد السعودي قدرة المملكة على مواجهة ما وصفه بالعدوان الإرهابيّ، وكان وزير الخارجية الأمريكيّ مايك بومبيو قال إنّه لا دليل على أنّ الهجمات التي استهدفت السعودية أمس قد انطلقت من اليمن، مُضيفًا أنّ طهران تقِف وراء نحو مائة اعتداءٍ على السعودية، وأنّ الولايات المتحدة ستعمل مع حلفائها على إخضاعها للمساءلة عن عدوانها، على حدّ تعبير الوزير الأمريكيّ.

وكانت جماعة “أنصار الله” الحوثية في اليمن أعلنت يوم السبت (14 أيلول/سبتمبر 2019) استهداف مصافي في شركة (أرامكو) السعودية بعشر طائرات مسيرة، وقال العميد يحيى سريع، الناطق العسكري باسم الحوثيين، في بيانٍ صحافيٍّ إنّ سلاح الجو المسير نفذ عمليةً هجوميةً واسعةً بعشرِ طائرات مسيرة استهدفت مصفاتي بقيق وخريٍص التابعتين لشركة أرامكو في المنطقة الشرقية صباح السبت.

وأضاف سريع أنّ الإصابة كانت دقيقةً ومباشرةً وقد سُميَّت هذه العملية بعملية (توازن الردع الثانية)، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ هذه العملية تأتي في إطار حقّهم المشروع والطبيعيّ في الردّ على جرائم العدوان (التحالف العربيّ) وحصاره المُستمِّر على اليمن منذ خمس سنوات، كما أكّد في بيانه.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى