تل أبيب تذبح الـ”بقرة الأكثر قداسةً”: احتدام النقاش الداخليّ الإسرائيليّ وتشبيه صعود حزب (ليكود) لسُدّة الحكم بوصول النازيّة للسلطة بألمانيا ومساواة نتنياهو بهتلر
منذ إقامتها في العام 1948 كان الإجماع في إسرائيل حول عدم إقحام قضية “المحرقة” (The Holocaust) النازيّة إبّان الحرب العالميّة الثانيّة ضدّ اليهود شاملاً وكاملاً، حيث التزمت القوى السياسيّة بعدم استثمار عملية الإبادة الجماعيّة النازيّة في النقاش الداخليّ في الدولة العبريّة، إلّا أنّ الخلافات الأخيرة بين مُعارضي ومؤيّدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اشتدّت واجتازت وحطمّت الـ”بقرة المُقدسّة”، وباتت القوى السياسيّة تُحلّل المُحرّم، ووصلت الأمور إلى قيام أحد قادة الحملة المناهضة لنتنياهو بتشبيه صعود الحزب الذي يقوده (ليكود) إلى سُدّة الحكم، بوصول النازيّة إلى السلطة في ألمانيا، وبين ليلةٍ وضُحاها تحوّل الناشِط سيدي بن شيطريت، وهو ابن لعائلةٍ تمّ استجلابها إلى فلسطين من المغرب، إلى “بطلٍ تراجيديٍّ”، بعد أنْ شبّه علنًا حكم الليكود في إسرائيل بوصول النازيّة في ألمانيا.
وذكرت “القناة الـ12” العبريّة أنّ “الحكومة الإسرائيليّة الحالية تزعم أنّها حكومة مصالحة وطنية، لكن الكراهية في الشارع الإسرائيليّ تتزايد مع مرور الوقت، وارتفعت لهجة المتظاهرين ضدّ رئيس الوزراء بنيامين نتيناهو، وباتوا يساوونه بالزعيم الألماني أدولف هتلر، ممّا يشير إلى أنّ المجتمع الإسرائيليّ أصبح مضطربًا، ووجهات النظر باتت مختلفةً ومتوازيةً”.
وأوضحت أننّا “شهدنا أسبوعًا آخر تحطمت فيه الأرقام القياسية في التصريحات القاسية والكراهية الداخلية في إسرائيل، بدأ بالتصريحات الصادمة لأنصار نتنياهو أمام منزل عائلة ضابط قُتل بحرب لبنان الثانية”. وأدار المذيعان عاميت سيغال ودانا فايس حوارًا أظهر بشكلٍ واضحٍ الخلافات العميقة ووجهات النظر المختلفة، واتفق كلاهما على شيءٍ واحدٍ، أنّ العبارات المتداولة في النقاش الإسرائيلي تحمل تخطيًا للخط الأحمر.
المراسلة السياسية للقناة دانا فايس قالت إنّه “لم تعد هناك خطوط حمراء في النقاشات الإسرائيليّة، ولا يوجد مسموح وممنوع، في إشارة لتصريحات أنصار نتنياهو، ليس هناك من خلافات أيديولوجية بين الإسرائيليين، بل إنّ ما نراه هو “عبادة شخصية” لنتنياهو، نراها في أكثر صورها وضوحًا وسطحيةً وصعوبةً، والنتيجة أنّ الصحفيين الإسرائيليين يتعرضون للتهديد”.
وأضافت أن “أنصار نتنياهو لا يعملون في فراغ، فهناك من يقدم لهم الدعم، ومن يستضيفهم في ديوان رئاسة الحكومة، ووزير الأمن الداخلي، وهناك رئيس الوزراء الذي يخرج لتقوية أيديهم في مقره الرسمي، يجب أنْ نتوقف عن قول “نعم، ولكن”، بل أن نقول “لا، ونقطة”.
من ناحيته أشار المعلق السياسيّ عاميت سيغال إلى “مقارنة الإسرائيليين بين نتنياهو وهتلر، رغم أنّ ذلك صدم جميع الإسرائيليين، ممّا يؤكد أنّ المجتمع الإسرائيليّ بات على حافة هاوية الوصول إلى منحدرٍ ينزلق مع مرور الوقت، وقد بدأ ذلك عندما سمح نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ يائير غولان لنفسه بمقارنة ما يحدث في إسرائيل بالنازيين، وهذه تشبيهات يجب أنْ تتوقف”.
وتساءلت فايس عن “حقيقة المقارنة بين نتنياهو وهتلر، مما يتطلب اعتذارًا كاسحًا من اليسار الإسرائيليّ، بدلاً من كتابة الافتتاحيات الإخبارية بعناوين تتصدرها هذه التشبيهات”، ولفت سيغال إلى أنّ الوقت قد حان لوضع حدٍّ لمحاولة مقارنة الظواهر السياسية في إسرائيل بالحقبة النازية في ألمانيا، لأنّه شيء مقزز، ومثير للاشمئزاز، سواء صدر من نائب رئيس الأركان، أو أعضاء الكنيست، أو الوزراء، هذه ظاهرة يجب أنْ تتوقف”.
فايس رأت أنّ “هناك فرقًا كبيرًا بين مقارنة شخص بهتلر، وتسمية شخص ما بالنازي، لكن إسرائيل مطالبة بأنْ تنظر إلى التطورات التاريخية في تلك المرحلة، هذا ضروري، من أجل أنْ تتعلم الدروس منها، مع أنّ أيّ شخص يقارن إسرائيل بالنازيين يفقد غالبية الجمهور الإسرائيلي، ويمارس التحريض، و تعلّمنا في المدرسة كيف وصلت النازية إلى السلطة، وإسرائيل مطالبة بالنظر لهذه المرحلة بتمعن”.
وما زالت وسائط التواصل الاجتماعيّ في إسرائيل مشتعلةً حول قضية إقحام النازيّة في النقاش الداخليّ، فعضو الكنيست يائير غولان، وهو نائب رئيس الأركان السابق، نشر تغريدةً على (تويتر) أرفق معها فيديو، يُظهِر قيام مؤيّدةٍ ومُقربةٍ جدًا من نتنياهو بالتظاهر أمام بيت ممثلة النيابة، المحامية ليئات بن آري، والصراخ بواسطة مكبّر الصوت أنّها، أيْ بن آري، تتصرّف ضدّ نتنياهو، كما كان يفعل هتلر في ألمانيا. يُشار إلى أنّ المُحامية بن آري، هي التي تقود من طرف النيابة العامّة في إسرائيل محاكمة نتنياهو بتهم تلقّي الرشاوى وخيانة الأمانة والاحتيال.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية