تل أبيب: زيارة قائد سلاح الجوّ رفعت منسوب التوتّر مع موسكو التي اتهمته بالكذب والتمثيل والأزمة مع روسيا خطيرة وعميقة وإسقاطاتها إستراتيجيّة ولا حلّ في الأفق

أقرّت مصادر رفيعة جدًا في إسرائيل، اليوم الأحد، أنّ الأزمة مع روسيا هي أزمة خطيرة وعميقة وحقيقيّة للغاية، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ زيارة قائد سلاح الجوّ الإسرائيليّ، الجنرال عميكام نوركين، إلى موسكو فشلت فشلاً مُدوّيًا، ومُضيفةً في الوقت عينه أنّ الأزمة ما زالت تتصاعد، وأنّ روسيا عاقدة العزم على استثمارها وجباية الثمن الغالي من إسرائيل على فعلتها في قضية إسقاط الطائرة الروسيّة بالقرب من مدينة اللاذقيّة في سوريّة. وشدّدّت المصادر على أنّ زيارة الجنرال نوركين إلى موسكو واجتماعه إلى قادة سلاح الجوّ الروسيّ أدّت إلى تصعيد الأزمة بين البلدين، علمًا أنّ تل أبيب عولّت على الزيارة لتهدئة الأزمة، ووضع حدٍّ لاشتعال الحريق بين الطرفين، ولكنّ الزيارة، تابعت المصادر، جلبت عكس المُتوخّى منها، إذْ أنّها وسّعت الخلاف في وجهات النظر بين موسكو وتل أبيب في القضيّة العينيّة، على حدّ تعبيرها.

الاعتراف الإسرائيليّ المذكور بفشل حلّ الأزمة وتحميل الطرف السوريّ مسؤولية إسقاط الطائرة، جاء بعد عودة قائد سلاح الجوّ من موسكو إلى تل أبيب بخُفّي حُنين، كما أكّد مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، يوم الأحد، الذي شدّدّ في تقريره أنّه اعتمد على مصادر واسعة الاطلاع في المؤسستين الأمنيّة والسياسيّة في الدولة العبريّة، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ الروس أبلغوا الإسرائيليين بطريقتهم الخاصّة بأنّهم ليسوا معنيين بقيام مسؤولين أمنيين وسياسيين من تل أبيب بزيارة موسكو لتوضيح وجهة النظر الإسرائيليّة.

وأردف المُحلّل فيشمان قائلاً إنّ الروس أوضحوا لقائد سلاح الجوّ الإسرائيليّ، خلال الاجتماعات معه، والتي اتسّمت بالبرودة والعصبيّة وعدم الثقة، وأنّ الوفد الإسرائيليّ صبّ عرقًا خلال الاجتماع، أوضحوا له أنّ التفسيرات الإسرائيليّة، التي قام بتقديمها هي تفسيراتٍ كاذبةٍ بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، وشدّدّ الجنرالات الروس أمام الجنرال نوركين على أنّ الادعاءات الإسرائيليّة هي تمثيليّة فاشلة جدًا، لا يُمكِن لعاقلٍ أنْ يُسّلِم بها أوْ أنْ يُصدّقها، وأشار إلى أنّ زيارة نوركين إلى موسكو لم تجلب أيّ شيءٍ إيجابيٍّ، وأنّ حديثه لم يترك انطباعًا بالمرّة على الروس، الذي اعتبروا الزيارة بمثابة تمثيليةٍ لا أكثر، واهتّموا بقدرات سلاح الجوّ الإسرائيليّ، على حدّ قول المصادر.

علاوة على ذلك، وصفت المصادر الروسيّة، التي اعتمد عليها المُحلّل فيشمان اللقاء الذي تمّ بين نوركين ونظيره الروسيّ بأنّه كان صعبًا للغاية، وافتقد للثقة، ولم يبتسم الاثنان خلال اللقاء ولو مرّةً واحدةً، حيثً طلب الروس بادئ ذي بدء من الإسرائيليين الاعتراف بمسؤوليتهم عن إسقاط الطائرة واستشهاد 15 من عناصرها فوق اللاذقيّة السوريّة، حيثُ قالوا لنوركين بالحرف الواحِد إنّ موقفهم المبدئيّ هو أنّ إسرائيل، وإسرائيل فقط، هي التي تتحمّل مسؤولية التراجيديّة التي حصلت، كما أنّهم عرضوا على الجنرال الإسرائيليّ نتائج التحقيق الذي قاموا بإجرائه، والذي أكّد بحسب الروس، أنّ إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن إسقاط الطائرة.

ولفت المُحلّل إلى أنّ الرسالة الروسيّة الحادّة كالموس التي وصلت لتل أبيب عبر قائد ساح الجوّ هي رسالة سياسيّة واضحة ولا تحمل أيّ تأويلاتٍ: الروس لا يُريدون ولا يرغبون بمُواصلة سلاح الجوّ الإسرائيليّ بالتحليق فوق الأراضي السوريّة وتوجيه الضربات العسكريّة لمواقع تزعم أنّها عسكريّة، أوْ على الأقّل لا ترغب موسكو في السماح لإسرائيل بأنْ تُواصِل الطيران بحريّةٍ في الأجواء السوريّة، كما كان قبل ذلك.

وبحسب المُحلّل الإسرائيليّ، فقد أبلغت موسكو تل أبيب بصورةٍ واضحةٍ بأنّ حادثة إسقاط الطائرة الروسيّة هي بمثابة فرصة لا تُعوّض من أجل تغيير التفاهمات التي كانت سارية المفعول بين إسرائيل وروسيا، وبالتالي، قالت المصادر في تل أبيب، إنّ الموقف الروسيّ الواضح يضع إسرائيل أمام مُعضلةٍ دراماتيكيّةٍ فيما يتعلّق بخطر الأزمة بين البلدين، مُشدّدّةً على أنّ حلّ الأزمة بين الدولتين لا يبدو في الأفق بتاتًا، على حدّ تعبير المصادر الرفيعة في تل أبيب.

وخلُصت المصادر في تل أبيب إلى القول، بحسب مُحلّل صحيفة (يديعوت أحرونوت)، إنّ الوضع الجديد الذي نشأ بعد إسقاط الطائرة وتحميل الروس إسرائيل المسؤولية عن إسقاط الطائرة يضع الدولة العبريّة أمام تحدٍّ جديدٍ لم يظهر في السابق، فمن ناحيةٍ، إسرائيل لن تُوقِف مساعيها العسكريّة من أجل منع إيران من تزويد حزب الله بصواريخ دقيقةٍ، مُتقدّمةٍ ومُتطورّةٍ، ومن الناحية الأخرى، باتت تل أبيب تعرف أنّ روسيا باتت لها بالمرصاد، وبالتالي، تُعوّل إسرائيل على عامِل الزمن في أنْ يؤدّي إلى حلّ الأزمة العميقة بينها وبين روسيا، كما قالت المصادر.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى