تهويل إسرائيلي: فرص نجاح المفاوضات أقلّ من 50 بالمئة
رفع العدوّ الإسرائيلي، أمس، من مستوى ضغوطه على الجانب اللبناني بعد الجولة الثالثة من المفاوضات (غير) المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، مشيراً عبر تسريبات «مصادر مطّلعة» الى أن «نجاح عملية التفاوض لم يعد مرتفعاً، لأسباب يقف خلفها الوفد اللبناني المفاوض».
والواضح أن «إسرائيل» تنقل التفاوض من مقر الأمم المتحدة الى الإعلام عبر التسريبات، متسلّحة بتهديد مبطّن بأن تمسّك لبنان بمواقفه من شأنه إفشال المفاوضات، ظناً منها أن التلويح بإنهاء التفاوض، أو فشله، يدفع الجانب اللبناني إلى حلول تتيح له بدء التنقيب عن الغاز، مهما كانت الأثمان والتنازلات.
وفقاً للتقارير العبرية، أمس، واستكمالاً للتهويل بإمكان فشل المفاوضات، ورد (على قناة «كان») أن «إسرائيل لا تفاوض لبنان وفقاً لادعاءات، بل وفقاً لدلائل واضحة مبنية على مسوغات قانونية»، مع التشديد على «أنها تنازلت عن جزء من حقها المائي لتسهيل عملية التفاوض واحتراماً لموقف الأمم المتحدة من الحدود».
وهذا الادعاء أيضاً يُعدّ تفاوضاً في مستوى ثان، علني يخالف الالتزامات التي تحددت مع اتفاق بدء التفاوض بين الجانبين، بأن تكون الجولات، وما يرد فيها، بعيداً عن الإعلام.
مع ذلك، يبدو أن موقف «إسرائيل» التفاوضي في مواجهة ما ورد عن الوفد اللبناني بعدما عرض حقه في المنطقة البحرية، يستدعي من تل أبيب نقل المعركة التفاوضية إلى الرأي العام، مع اتهام لبنان بأنه يتسبب في إفشال العملية التفاوضية. وهذا الاتجاه هو واحدة من نتائج وضع «إسرائيل» نفسها أسيرة نموذج تفكير مسبق، مبني على الظن بأن حاجة لبنان إلى استخراج الغاز على خلفية أزمته الاقتصادية، يمكنها من فرض إرادتها عليه، وإن عبر التهويل.
وكان مصدر إسرائيلي، وصفه الإعلام العبري بأنه مطّلع على تفاصيل الجولات الثلاث من المفاوضات، قد قال (قناة «كان») إن فرص نجاح التفاوض لم تعد كبيرة وهي لا تتجاوز نسبة الخمسين بالمئة، موضحاً أنه «رغم الاتفاق على جولات جديدة الشهر المقبل، إلا أن الجولة الأخيرة شهدت استفزازاً من الوفد اللبناني، الذي بالغ في عرض تمديد الحدود كما يراها باتجاه إسرائيل».
وذكر المصدر أن الجانب اللبناني عرض خريطة عدّتها تل أبيب استفزازية، «إذ مدد الحدود أكثر باتجاه الجنوب نحو المياه الإسرائيلية، في تعارض واضح»، كما ورد عن المصدر، «مع الخريطة التي قدمها لبنان الى الأمم المتحدة قبل عشر سنوات»، في إشارة منه الى إيداع لبنان عام 2010، الأمم المتحدة الإحداثيات الجغرافية للجزء الجنوبي لمنطقته الاقتصادية الخالصة.
مقابل ذلك، شدد المصدر على «تجاوز إسرائيل حقها»، إذ قال إن الوفد الإسرائيلي عرض خطاً يدفع الحدود أكثر باتجاه الشمال، مشدداً على أن هذا الخط جاء مبنياً على حجج ودلائل. مع ذلك، ودائماً وفقاً للمصدر، «لم يكن العرض الإسرائيلي لخطّ الحدود الممدّد شمالاً باتجاه لبنان مطلباً تفاوضياً إسرائيلياً، بل مجرد عرض، ذلك أن إسرائيل تحترم الخط الذي رسمته الأمم المتحدة»، في إشارة الى الخط الأزرق البري وفقاً لما تراه تل أبيب. وقال إن «إسرائيل ترغب أيضاً في أن يحترم الجانب اللبناني ذلك ويمتنع عن إيجاد خلافات جديدة والعودة إلى الخط الأصلي».
عين أميركا على المليارات
صحيفة «ذا ماركر» الاقتصادية العبرية، أشارت في تقرير أمس الى الأهمية الاقتصادية للمنطقة «المتنازع عليها»، وهي حسب التسمية الإسرائيلية البلوك 72، تنبع من كميات الغاز الموجودة فيها، إذ «وفقاً لوزارة الطاقة (الإسرائيلية)، تبيّن في اختبارات أولية للمنطقة، كانت قد أجريت العام الماضي، أنها تحوي خزاناً من الغاز الطبيعي يشبه جيولوجيا مكامن الغاز في أماكن أخرى قريبة من المنطقة نفسها، مثل حقلي كريش وتمار الغازيين، ما يعني غازاً تقدر قيمته بمليارات الدولارات».
أشارت الصحيفة الى أن هذا الغاز هو الذي يدفع الجانب الأميركي إلى إنجاح المفاوضات، إذ لديه مصالح اقتصادية يسعى الى تحقيقها عبر إيجاد حلول للنزاع بين الجانبين، من شأنها أن تمكّن واحدة من الشركات الأميركية من التنقيب عن الغاز في المنطقة: «للأميركيين مصالح اقتصادية في هذا المجال، إذ أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية بداية تشرين الأول، أن شركتين تقدمتا بعروض لتحصيل رخصة التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة البحرية الإسرائيلية المحاذية للحدود مع لبنان، وإحداهما هي شركة شيفرون الأميركية، التي تعدّ من أقوى وأكبر ست شركات في العالم في مجال النفط والغاز».
صحيفة الأخبار اللبنانية