توجيهات تركية للمعارضة المسلّحة: أُطلبوا دعماً نوعياً .. أُسوةً بأوكرانيا
توجيهات تركية للمعارضة المسلّحة: أُطلبوا دعماً نوعياً .. أُسوةً بأوكرانيا… يكرّر «الائتلاف المعارِض» عبر شخوصه الأساسية، المطالبة بدعم تسليح نوعي للفصائل الموالية له، بحسب زعمه، والتي اندمجت، بقرار تركي، تحت مسمّى «الجيش الوطني». وعلى لسان رئيسه سالم المسلط، يطالب «الائتلاف» بمضادات للطائرات، بحجّة أنّ مثل هذه الخطوة «تُعيد الاستقرار إلى سوريا وأكرانيا معاً». وتقول مصادر معارضة مقيمة في تركيا، لـ«الأخبار»، إنّ حراك «الائتلاف» باتجاه المطالبة بمثل هذه الأسلحة، يأتي بتوجيه من الحكومة التركية التي تجد أنّ الفرصة مؤاتية لتغيير قواعد الاشتباك في الداخل السوري لصالحها، إذ إنّ العودة إلى رفع مستوى تسليح الفصائل المسلّحة ستخدم تركيا على اتجاهَين:
الأول، خفض الإنفاق العسكري من قبل تحالف «أنقرة – الدوحة» لضمان بقاء «الجيش الوطني» ضمن خارطة الميدان السوري.
والثاني، التحضير لتمدّد برّي في شمال سوريا، بصرف النظر عن الطرف المستهدَف من هذا التمدّد.
وتشرح المصادر أنّ «تركيا ترغب في السيطرة على كامل الشمال الغربي من سوريا، وإعادة حلب إلى خارطة المعارك، بما يجعلها الجهة المسيطرة على مركز ثقل الاقتصاد السوري مجدداً، وقد لا تتورّط بإسقاط طائرات روسية لمعرفتها بحجم العنف الذي سيشهده ردّ موسكو في مثل هذه الحالة، على المستويين السياسي والعسكري. إلّا أنّ المصادر تشير إلى أنّ تركيا «قد تذهب نحو محاولة استهداف المقاتلات السورية، وهذا ما سيعني بالضرورة عرقلة أيّ عمل عسكري سوري باتجاه الشمال الغربي، بما في ذلك الأراضي التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، التي يشكّل تنظيم جبهة النصرة عمودها الفقري». وتقوم رغبة تركيا في الحفاظ على هذه المنطقة خارج جغرافيا سيطرة الحكومة السورية، على أساس عرقلة سيطرة دمشق على الطرق الأساسية، و«إبقاء معبر باب الهوى مفتوحاً على مصراعيه أمام الاستفادة الاقتصادية التركية، حتى وإن كان الأمر يشكّل دعماً مباشراً لتنظيم مصنَّف بإرهابي»، وفقاً للمصادر ذاتها.
ولكن في الوقت ذاته، توضح هذه المصادر أنّ «أحاديث الدائرة الضيّقة بين الشخصيات المعارضة المقيمة في تركيا، تشير إلى اعتقاد قيادة الائتلاف، أنّ محاولة استغلال ما يحدث في أوكرانيا لا تجدي نفعاً”، معتبرة أنّ «تزويد الجيش الوطني بالأسلحة النوعية ومضادات للطائرات، مرفوض من قبل واشنطن، بشكل أساسي لعدم ضمان مصير مثل هذه الأسلحة، في حال تم تسليمها لفصائل كانت بالأمس القريب متحالفة مع النصرة وما زالت تقيم علاقات تجارية معها». فضلاً عمّا تقدّم، فإنّ «المقارنة بين مضمونية قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والجيش الوطني بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، تميل إلى صالح الأولى التي لا تخرج عن الدور الوظيفي المحدّد لها بدقة من قبل واشنطن، ولو أنّ سلاحاً نوعياً مثل هذا سيدخل لسوريا، فمن باب أولى أن يتمّ تسليح الفصائل الكردية به أولاً».
وفيما تستطيع تركيا، بنفسها، تسليح الفصائل الموالية لها بالأسلحة النوعية، إلّا أنّها تخشى ردّ فعل الدول الغربية، إذ ما هو الضامن ألا يتم استخدام هذه الأسلحة ضدّ القوات الأميركية، إذا ما قامت بتصفية أحد المتطرّفين المقيمين في الشمال الغربي من سوريا كما حدث أكثر من مرة؟ ثم ما احتمال ألا يكون ثمّة استهداف لمقاتلة روسية بما يُخرج العمليات الروسية عن إطار «برتوكول العمل المشترك في سوريا»، الذي لم يعلن أيّ من الطرفَين إيقاف العمل به على إثر اندلاع الحرب الأوكرانية كما كان متوقّعاً؟
وقياساً على هذا، تقول المصادر إنّ «الائتلاف» يعرف تماماً أنّه لن يحصل على الأسلحة، وإنّما يحاول أن يعيد تذكير الدول المتدخّلة في الملف السوري بوجوده كقوّة سياسية فاعلة، بما يضمن بقاءه وعدم الاستغناء عنه لصالح أي تشكيل معارض قد يظهر فجأة بقيادة شخصيات بارزة، مثل رياض حجاب، الذي يُعرَّف على أنه «رئيس حكومة منشقّ عن دمشق». وتؤكّد المصادر أنّ «الائتلاف ملتزم بالحرف بالنصّ المكتوب له من قبل الاستخبارات التركية، حتى في ما يخصّ المطالب التي لا تعدو كونها جعجعة لن يرى لها طحناً على مستوى التسليح، لكنّها تصريحات مطلوب صدورها لزيادة الضغط السياسي على روسيا، التي تحسّبت لكلّ خطوة يمكن أن تُتّخذ في سوريا، بحجة الحرب في أوكرانيا».