توجّس بالكيان: انشغال الجيش في حلّ مشاكل الـ”كورونا” سيُضعفه وعليه التأقلم مع أهّم حدث بالقرن الـ21 والاحتلال يخشى انتقال العدوى لجنوده بالضفّة الغربيّة

 

قال خبير إسرائيليّ في الشؤون الأمنيّة والعسكريّة، إنّ أزمة ظهور فيروس الـ”كورونا” تركت تأثيراتها على تغير طبيعة العدوّ العسكريّة الذي يواجهه الجيش الإسرائيلي خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث انشغلت الأجهزة الأمنية بالدولة العبريّة بتنفيذ إجراءات الحجر الصحي، في حين أنّ قادةً وضباطًا ميدانيين فكروا لحظة واحدة في السيطرة على منطقة فلسطينية، لكنهم خشوا من انتقال العدوى إليهم، على حدّ تعبيره.

وأضاف أمير أورن، الخبير العسكريّ الإسرائيليّ، في تقريره المطول، الذي نشره في الموقع الإخباريّ-العبريّ (WALLA)، أضاف أنّ الـ”كورونا” ظهرت كواحدة من أهم أحداث القرن الحادي والعشرين، ويبدو الجيش الإسرائيلي مطالبًا بالتأقلم مع الوضع الجديد، طبقًا لأقواله.

وأشار الخبير العسكريّ، المُقرَّب جدًا من المنظومة الأمنيّة في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، أشار إلى أنّ واحدة من التأثيرات المباشرة ما حلّ بسلاح الجو الإسرائيليّ على لسان قائده الجنرال عميكام نوركين، الذي يحصل على مدار الساعة على تقارير أمنية واستخبارية من خلال مئات الطلعات الجوية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، عبر الصور والتوثيقات، وباستخدام مختلف أشكال الطائرات الحربية والقتالية وغير المأهولة، لكن هذا الروتين تغير في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، على حدّ قوله.

وأردف قائلاً إنّ الجنرال نوركين، قائد سلاح الجو، يهتّم جدًا بالصناعات العسكريّة وبالبنية التحتيّة للأبحاث والتطوير، التي يعتبرها الضمان الوحيد للمُحافظة على تفوّق سلاح الجوّ الإسرائيليّ على جميع الجيوش العربيّة وأكثر من ذلك، ووفقًا للجنرال نوركين فإنّ عدم وجود الميزانيات للأمن، فإنّ سلاح الجوّ لا يقدر أنْ يشتري من البلاد، وتحديدًا من المصانع الحربيّة في كيان الاحتلال، العتاد العسكريّ المُناسِب، وعليه فإنّ المصانع العسكريّة، يُقدّر الجنرال نركين، ستنهار، كما قال الخبير أورن في مقاله.

وكشف الخبير العسكريّ أورن النقاب عن تراجع حركة الطائرات الحربية الإسرائيلية، بل تقلصها إلى درجة غير مسبوقة وغير مقبولة، وفقا لمعايير الطيران الإسرائيلي، ولعل ذلك يذكرنا بالحظر الجوي الذي فرض على الطيران الأمريكي لحظة تنفيذ هجمات 11 سبتمبر 2001، خشية استمرار الهجمات الجوية الموجهة من تنظيم القاعدة، وهنا لا تبدو مقارنة الـ”كورونا” مع أحداث تدمير البرجين التوأمين في نيويورك مبالغة، بل إنّها واقعية، كما شدّدّ أورن في مقاله التحليليّ.

عُلاوةً على ما ذُكر آنفًا، أكّد الخبير الإسرائيليّ أنّ تفشي وباء كورونا بات يلقي بتأثيراته السلبية على أداء الجيوش النظامية والقوات الحربية، وفي الحالة الإسرائيلية ترك الوباء نتائجه على الجيش الإسرائيليّ والشرطة المدنية وطواقم الطبابة، من إسعافٍ وإنقاذٍ، التابعة للمنظومة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، مثل منظمة نجمة داوود الحمراء، على خلفية انخراط كل طواقهما في متابعة الوباء والمصابين به، كما نقل عن مصادره واسعة الاطلاع في المنظومة الأمنيّة بكيان الاحتلال الإسرائيليّ.

وأوضح أنّ طبيعة الحرب القادمة لن يطرأ عليها تغير جوهري، هذا صحيح، لكن حالة الاستعداد لها والجاهزية المطلوبة ستترك تأثيرها في الأجواء، سواء في سلاحي البر أوْ البحر، وشبكات الاتصال، ومنظومة الصواريخ، والسايبر، وصولاً إلى السلاح النووي، مع أنّ الساحة الأكثر انشغالا بوباء الـ”كورونا” في المجال العسكري هي القطاع البيولوجي والسلاح الكيماوي، كما نقل عن المصادر عينها.

وأشار إلى أنّه في مثل هذه الأوضاع الموبوءة، قد يخطر على بال قائد عسكري إسرائيلي أنْ يسيطر على مدينة أوْ بلدة فلسطينية عربية، سواء في غزة، أو لبنان، أوْ سوريّة، وربما في إيران، وهو السيناريو المتطرف، وربما في حالة الضفة الغربية يبدو النموذج مناسًبا إن حصل تدهور في وضع السلطة الفلسطينية، بسبب عدم قدرتها على التعامل مع نتائج كورونا.

وخلُص الخبير الإسرائيليّ إلى القول إنّ مثل هذه الوحدات المكلفة للقيام بتلك المهام العسكرية الإسرائيلية، شاركت في حروب إسرائيل في لبنان والأراضي الفلسطينية، وتدربت على القتال في مناطق سكنية مزدحمة، لكن أيا من قادة مثل هذه الوحدات لم يخطر على باله في أشد تصوراته تطرفًا، أن يعلن أن مدينة “بيني براك” التابعة للحريديم، أيْ اليهود المُتشددين والواقعة في مركز الدولة العبريّة، باتت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، من أجل منع تفشي وباء الـ”كورونا”، كما أكّد.

في سياقٍ متصلٍ، حذر جيش الاحتلال من أنّ “يوم القيامة” قد ينفجر من غزة إذا تفشى فيروس كورونا في القطاع، مشيرًا إلى أنّ الأوضاع الصحية تحتاج إلى تقويمات من إسرائيل حتى لا تنفجر غزة في وجه سكان غلاف القطاع، لافِتًا إلى أنّ ليس حزب الله ولا إيران هما التهديد الإستراتيجيّ على الدولة العبريّة، بل تدّفق مئات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزّة إلى داخل ما يُسّمى بالـخّط الأخضر للحصول على علاجٍ من فيروس كورونا.

ووفق مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبريّة، أليكس فيشمان فإنّ قادة الأمن العسكريين يوضحون للقيادة السياسية داخل إسرائيل بأن الوضع في غزة يعتبر “شبه الآخرة”، مُلوّحين بأن غزة قد تصبح بؤرة لتفشى الوباء على المدى القصير أكثر من الجبهة الشمالية للاحتلال، ومؤكّدين في الوقت عينه أنّه إذا انفجر الوضع في القطاع سيتحول إلى هجوم في وجه إسرائيل لم تشهد له تل أبيب مثيلاً حتى الآن، على حدّ تعبير المصادر.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى