تونس تطلب مهلة إضافية لدراسة مذكرة التفاهم مع الاتحاد الأوروبي
أرجأت تونس التوقيع على مذكرة التفاهم مع الاتحاد الأوروبي المتعلقة بحزمة المساعدات، طالبة المزيد من الوقت لتحليل الاتفاقية، وفق وكالة “نوفا” الإيطالية، في وقت يسعى فيه التكتّل إلى تسريع الاتفاق مع السلطات التونسية بهدف كبح تدفق المهاجرين.
وأفاد مصدر أوروبي بأن “الجانب التونسي طلب مهلة إضافية لدراسة نصّ الاتفاقية كما هو الحال دائمًا في المفاوضات”، مضيفا “عندما تكون هناك حساسية بشأن قضية ما، نحتاج أحيانًا إلى المزيد من الوقت. هذه هي الطريقة التي نفسر بها هذا النقاش”، وفق الوكالة الإيطالية.
وأضاف “طلبت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ربط المساعدة المالية بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي”، موضحا “نستطيع تمويل بلد نرغب فيه أيضًا في رؤية الإصلاحات. وأعتقد أن نهج الاتحاد الأوروبي بنّاء في إيجاد الحلول ونحن نقدر العمل الذي تم إنجازه حتى الآن. ليس صحيحًا أننا لا نتقدم، فنحن على بعد سنتيمترات قليلة من الحل وسيتم التأكيد على ذلك خلال المجلس الأوروبي“.
وكان مبرمجا أن يتم التوقيع على مذكرة التفاهم الخاصة بحزمة الشراكة الشاملة بين الاتحاد الأوروبي وتونس بعد عطلة عيد الأضحى.
ويدرس قادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم الخميس إنجاز اتفاق مع تونس يهدف بشكل رئيسي إلى مكافحة الهجرة وضبط شبكات المهرّبين، بعد أسبوعين على إحدى أسوأ كوارث غرق قوارب المهاجرين في البحر المتوسط.
وكانت المفوضية الأوروبية تأمل في أن تنجز قبل موعد القمة القارية بروتوكول تعاون مع تونس من أجل “شراكة شاملة” تتضمن شقا متعلقا بالهجرة. وتأمل بروكسل في توسيع هذا النمط من التعاون في مرحلة لاحقة ليشمل دولا أخرى من حوض المتوسط، لكن المباحثات السلطات التونسية طالت أكثر من المتوقع ومن المقرر أن تستكمل الاثنين بعد عطلة الأضحى.
والشراكة التي تشمل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون في مجال الطاقة النظيفة تتضمن مساعدة مالية تتجاوز قيمتها مليار يورو.
وأُعلن عن العرض في 11 يونيو/حزيران خلال زيارة إلى تونس قامت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لايين ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ونظيرها الهولندي مارك روته.
إلا أن هذا الدعم المالي يثير حفيظة بعض أعضاء التكتل القاري على خلفية التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيّد في 25 يوليو/تموز 2021.
وترتبط المساعدة الأوروبية في جزء منها بالمفاوضات المستمرة بين صندوق النقد الدولي وتونس لمنح الأخيرة قرضا مشروطا بقيمة ملياري دولار، لكن الرئيس سعيّد أكد مرارا أن تونس لن تكون حرس حدود لأوروبا ولن تنصاع إلى إملاءات الصندوق.
ونفت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أن تكون قد طلبت من الرئيس التونسي أن تلعب سلطات بلاده دور “شرطي الحدود” لكبح تدفق المهاجرين باتجاه سواحل أوروبا.
ويرفض الرئيس التونسي إصلاحات يطالب بها صندوق النقد تشمل على وجه الخصوص إعادة هيكلة أكثر من 100 مؤسسة عامة مثقلة بالديون ورفع الدعم الحكومي عن بعض المنتجات الأساسية. رافضا القبول بأي شروط تهدد السلم الأهلي للبلاد.
ويشمل الاقتراح الأوروبي مساعدة مالية طويلة الأمد بقيمة 900 مليون يورو ومساعدة بقيمة 150 مليون يتم صرفها “فورا” في الميزانية وحزمة بقيمة 105 ملايين لإدارة الهجرة في 2023.
ويعتزم الاتحاد الأوروبي منح تونس بحلول أواخر الصيف قوارب ورادارات نقّالة وكاميرات وعربات لمساعدتها في تعزيز ضبط حدودها البرية والبحرية. كما يقترح تعزيز التعاون في مجالَي الشرطة والقضاء لمكافحة شبكات المهرّبين، بالإضافة إلى رغبته في تسهيل إعادة التونسيين المقيمين بشكل غير قانوني في أوروبا إلى بلادهم.
ويتولى الاتحاد الأوروبي تمويل العودة الطوعية للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء عبر تونس إلى بلادهم. ووفق المفوضية الأوروبية، موّل التكتل 407 عملية كهذه الى الآن هذا العام.
وغالبا ما تسجّل تونس محاولات هجرة لأشخاص يتحدرون بغالبيتهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء في اتجاه أوروبا. ويستخدم معظم هؤلاء الممر البحري من الشواطئ التونسية نحو القارة، مستغلين قرب المسافة التي لا تتجاوز في بعض النقاط 150 كلم بين تونس وجزيرة لامبيدوسا الإيطالية.
وسجّل الجانب الإيطالي زيادة ملحوظة في أعداد المهاجرين غير القانونيين الواصلين إلى شواطئه، إذ تجاوز عددهم 60 ألف شخص منذ مطلع هذا العام، بزيادة قدرها 133 في المئة مقارنة بالفترة نفسها في 2022، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويعدّ البحر المتوسط ممر الهجرة الأخطر في العالم، حيث لقي أكثر من 20 ألف شخص حتفهم أثناء محاولتهم عبوره منذ العام 2014، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
وخلال الشهر الحالي، سجّلت كارثتان لدى محاولة قوارب مهاجرين عبور المتوسط، ففي 14 يونيو/حزيران انتشل خفر السواحل عشرات الجثث غداة غرق مركب يقل مهاجرين قبالة شبه جزيرة بيلوبونيز اليونانية. وأحصت السلطات 82 جثة على الأقل، بينما لا يزال المئات في عداد المفقودين.
وبعد أسبوع، أعلنت مفوضية اللاجئين أن نحو 40 شخصا باتوا في عداد المفقودين بعد غرق قارب مهاجرين قبالة جزيرة لامبيدوسا، كان قد أبحر من صفاقس التونسية.
وأعاد الحادثان تسليط الضوء على انتقادات المنظمات غير الحكومية لسياسة الهجرة الأوروبية على خلفية تزايد القيود المفروضة على المهاجرين وانعدام أي “مسارات قانونية للهجرة”.
واعتبرت مديرة المكتب الأوروبي لمنظمة “أوكسفام” إيفلين فان رامبورغ أن الشراكة مع تونس هي فكرة غير ناجعة، منتقدة “محاولات أوروبا تصدير مسؤولياتها في مجال إدارة الهجرات”، مضيفة “التجربة أظهرت أن اتفاقات كهذه لا تجدي نفعا”.
وأبرم الاتحاد الأوروبي في 2016 اتفاقا مثيرا للجدل مع تركيا بشأن الهجرة في أعقاب أزمة النزوح الواسعة النطاق التي شهدتها القارة في العام السابق.
ويتعاون الاتحاد الأوروبي مع خفر السواحل الليبيين، ما يلاقي انتقادات متكررة من المنظمات غير الحكومية و الأمم المتحدة على خلفية سوء معاملة المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر وإعادتهم بالقوة الى ليبيا.