مكاشفات

ثقافة القدوة ورمزية المعلم

د. محمد الحوراني

أعتقد جازماً أن مفهوم القدوة والرمز هو المفهوم الأهمّ الذي ينبغي علينا جميعاً التركيز عليه، وتحصينه، والعناية به، لا سيما مع الدعوات إلى تهميش الرموز وتحطيمها، فضلاً عن تدمير الأسرة بكل ماتحمله من معان ودلالات وقيم؛ من شأنها أن تجعل مجتمعاتنا متماسكة قوية.

ولهذا وجدنا دعوات كثيرة، في الآونة الأخيرة، للنيل من قدسية الأسرة والعائلة الأمّ والأب والمعلّم، ووصل الحد ببعض دعاة الليبرالية الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدعوة للاستغناء عن لفظة الأم، بكل مايحمله من قيم ومثل وأخلاق، واستبداله بمنتجة البيوض، وهي العبارة التي تجعل الأم بعيدة كل البعد عن رسالتها السامية، وتساهم في تفكيك عُرا المجتمع وتهديم مؤسساته وعلى رأسها الأسرة.

من هنا تأتي أهمية الحفاظ على كل مامن شأنه أن يعزز مكانة الأم والمدرسة والمعلم، والحقيقة أن ماتقوم به وزارة التربية في سورية، وغيرها من المؤسسات التربويّة والتعليميّة والثقافيّة، يصبّ في هذا الاتجاه.

ونأمل أن تقوم بدورها التربوي والتثقيفي النهضوي، من خلال  الانفتاح الواعي على آفاق التطوّر التربوي والثقافي والتفاعل الحي مع متطلبات الوعي العصري الجديد المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمنهج التربوي وتطورات العلم والتكنولوجيا؛ من خلال التلاقح الموضوعي والمعرفي والاجتماعي بين التربوي والثقافي الذي يستخدم فيه المنهج الحي الذي يكون(مرناً، متكيفاً لما يحدث من جديد ولما يطرأ من تغيّر على الحياة الاجتماعية كما يجب أن يهتم بتنمية الاتجاهات التوعوية السليمة والمرغوب فيها نحو التغيير، وعدم رفضها ومقاومتها، مقاومته؛ طالما أنها تتفق مع تقاليد المجتمع وعاداته، بعيداً عن زيف الليبرالية الجديدة وتوحشها ورغبتها في القضاء على القيم والعادات والتقاليد الأصيلة والرصينة في مجتمعاتنا الشرقية.

كما أنه من الواجب علينا جميعاً العمل على تزويد الأطفال بالمهارات والاتجاهات السليمة، النابعة من عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا، وهو ما سيجعل من أطفالنا وناشئتنا عناصر فاعلة في تجديد الثقافة والتربية، والنهوض بها على أسس قويمة.

وهذا لا يتحقق إلا من خلال ترسيخ قيم المواطنة والانتماء وترسيخ الهوية الوطنية؛ التي حاولت الحرب الإرهابية على بلدنا النيل منها وتقويضها، من خلال ثقافات لاعلاقة لها بالوطنية والانتماء، ومن خلال تدمير المؤسسات التربوية والتعليمية وتقويضها، ومن خلال النيل من القدوة والرمز وعلى رأسها الأمّ والمعلم.

إننا أمام مرحلة جديدة من مراحل البناء والإعمار، معركة لايمكن التساهل والتراخي فيها، فما نشهده من حروب وصراعات لم يكن الهدف منها تقويض البنيان وتهديمه وكفى، وإنما القضاء على العقول تمهيداً لخلق مجتمعات جاهلة بعيدة من قيمها وأخلاقها وتربيتها الأصيلة، ومن هنا تزداد مسؤولية الكاتب والمثقف والمعلم وكل مهتمّ بصناعة الوعي وإعمار لعقول.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى