«ثلاثية دمشق» تبحث «الحدود» و«القوات الأجنبية»
تشهد العاصمة السورية حراكاً ديبلوماسياً وعسكرياً استثنائياً، تمثّل في زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسن إليها، واستضافتها محادثات ثلاثية يحضرها كبار المسؤولين العسكريين في إيران والعراق. زيارة بيدرسن، الثانية منذ تسلّمه المنصب، تترجم وعده خلال زيارته السابقة، بتكثيف التنسيق والتشاور مع الجانب الحكومي، وفي الوقت نفسه تخفف من حدّة الضغوط الغربية المتزايدة على دمشق. أما الاجتماع العسكري بين رئيسَي أركان القوات العراقية والإيرانية ووزير الدفاع السوري علي أيوب، فينعقد في ضوء تحديات أمنية وعسكرية متنامية تشترك فيها الساحتان السورية والعراقية، اللتان تحضر فيهما إيران عسكرياً أيضاً.
واللافت أن اللقاء العسكري يأتي خارج اجتماعات «مركز التنسيق» الرباعي المشترك (يضم ممثلين عن روسيا وإيران وسوريا والعراق ويعقد اجتماعات دورية)، رغم التقاطع في الملفات التي يعنى بها كلاهما. ويشير ما سبق إلى أن «قمة دمشق» العسكرية تحمل أبعاداً عسكرية وسياسية في الوقت نفسه، خاصة أن وجود القوات الأميركية (ومن خلفها «التحالف الدولي») على جانبي الحدود بين العراق وسوريا، هو قضية حساسة لأقطابها الثلاثة. وتوضح معلومات «الأخبار» أن الاجتماع «استكمالٌ» للقاءات «مركز التنسيق» في بغداد، إذ يُفترض أن يناقش المجتمعون مسألة ضبط الحدود، ومنع انتقال مسلحي «داعش» عبرها، إضافة إلى التطورات في الباغوز وآليات التعامل مع مسلحي «داعش» المعتقلين. وبينما يغيب رئيس الأركان الروسي (وفق المعلن حتى مساء أمس) عن اللقاء الذي يفترض أن ينطلق اليوم، تؤكد مصادر عراقية أن ممثلاً عن وزارة الدفاع الروسية سيشارك فيه. كما ينتظر أن تتضمن زيارة المسؤولين العسكريين جولة على بعض المناطق التي شهدت معارك خلال السنوات الماضية.
ووفق المتوقع، كان التصريح الأول لرئيس الأركان الإيراني، محمد باقري، من دمشق أمس، مصوّباً على «الوجود غير الشرعي» للقوات الأجنبية على الأرض السورية. وبحسب ما نقلت وسائل إعلام إيرانية عن باقري، فقد ذكّر بأن «الوجود الإيراني هو بموجب دعوة من الحكومة السورية»، مشيراً إلى أن «القوات الموجودة في إدلب وشرق الفرات من دون التنسيق مع الحكومة… ستنسحب عاجلاً أو آجلاً». وقبل سفره إلى سوريا، كان رئيس أركان الجيش العراقي، عثمان الغانمي، قد استقبل الملحق العسكري الإيراني لدى بغداد، مصطفى مراديان، بالتوازي مع إعلان «قوات حرس الحدود» العراقية أن العمل جارٍ لـ«نصب منظومات كاميرات، أغلبها حرارية» على الحدود السورية.
ويأتي الاجتماع في موازاة اشتداد المعارك في محيط الباغوز، من دون وجود أفق لختامها، في حين تتوالى المعلومات من الولايات المتحدة، عبر وسائل الإعلام، عن تعثّر في خطط «المنطقة الآمنة» المفترضة. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أمس، عن مصادر رسمية لم تسمّها، ما مفاده أن المحادثات مع الجانب التركي حول «المنطقة الآمنة» لم تصل إلى نتيجة بعد. وأضافت الصحيفة أن القوات الأميركية ستبدأ الانسحاب بعد انتهاء العمليات في الباغوز، على أن تبقي نحو 1000 عسكري في سوريا، وتتابع التعاون مع «قوات سوريا الديموقراطية» رغم التهديدات التركية المتواصلة. ولفتت «وول ستريت جورنال» إلى أن البلدان الأوروبية لم تقدم أي تعهد إلى الجانب الأميركي في مرحلة ما بعد انتهاء العمليات ضد «داعش»، رغم التعويل الأميركي على مشاركتها في «تدريب ودعم القوات المحلية».
ومن جديد، حضر المبعوث الأممي إلى دمشق للقاء وزير الخارجية وليد المعلم، ونقاش ملف «اللجنة الدستورية». وخلال اللقاء، جدد المعلم التزام بلاده التعاون مع الجانب الأممي «لإنجاح مهمته بتيسير الحوار السوري ــ السوري»، مشيراً إلى أن «الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده…. وأن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره السوريون أنفسهم من دون أي تدخل خارجي».
صحيفة الأخبار اللبنانية