ثلاث رسائل وجّهها السيّد نصر الله في خِطابه الأخير أبرزها التّحذير من هُجومٍ أمريكيٍّ ضدّ إيران و”حزب الله” في الشّهرين المُقبلين

 

حرَص السيّد حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” على توجيه ثلاث رسائل على درجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة من خلال خِطابه الأخير الذي ألقاهُ مساء أمس الأربعاء بمُناسبة يوم الشهيد:

الأوّل: التّحذير من إقدام الرئيس الأمريكي “المَهزوم” دونالد ترامب على شنِّ عُدوانٍ على إيران و”حزب الله” في الشّهرين القادمين الأخيرين من عُمره في البيت الأبيض، بعد إقالته وزير دفاعه مارك إسبر الذي يُقال إنّه يُعارض هذه الخطوة، والتّأكيد على جُهوزيّة محور المُقاومة “لردّ الصّاع صاعين” على مِثل هذا العُدوان في حالِ حُدوثه.

الثّانية: شرح موقف الحزب من المُفاوضات التي تجري في مِنطقة النّاقورة الحُدوديّة مع مُمثّلين عسكريين عن الجانب الإسرائيلي حول التوصّل إلى اتّفاقٍ لترسيم الحُدود البحريّة، التي وضعته وحزبه في موقفٍ حَرِجٍ، والتّأكيد على أنّ هذه المسألة من مسؤوليّة الدولة، وأنّ الحزب ومعه سورية ضدّ كُل أنواع التّطبيع، سواءً كان فوق الطّاولة أو تحتها، وإن كل ما تردّد في هذا الصّدد مُجرّد “أكاذيب” الهدف منها تحويل الأنظار عن اتّفاقات تطبيع خليجيّة الإمارات والبحرين) وعربيّة (السودان).

الثّالثة: الإشادة بشجاعة الوزير جبران باسيل، زعيم التيّار الوطني الحُر، والكشف بأنّه رفض إملاءات أمريكيّة بفكّ الارتِباط بحزب الله، وإلا مُواجهة العُقوبات الشخصيّة والاقتصاديّة، وفضّل الخِيار الأخير.

الرّسالة الأهم التي تُحتّم علينا التوقّف عندها هي الرّسالة الأولى المُتعلّقة باحتِمالات شنّ ترامب عُدوانًا على كُل من إيران وحزب الله، لتدمير القُدرات النوويّة في الأولى، والقُدرات العسكريّة في الثّانية، خاصّةً أن بنيامين نِتنياهو الذي يَمُر بظُروفٍ مُشابهةٍ لحليفه الأوثق ترامب، ويُمكن أن ينتهي مِثله مُهانًا خلف القُضبان يُحرّض على هذا العُدوان، وأجرى جيشه قبل أيّام مُناورات عسكريّة واسعة قُرب الحُدود اللبنانيّة والسوريّة، دفعت الجيش السوري وقوّات المُقاومة إلى إعلان حالة التأهّب.

وما يُرجّح هذا الافتراض أنّ صُحفًا أمريكيّةً مِثل “نيويورك تايمز” نقلت عن جِنرالات في البنتاغون قلقهم من احتِمال إقدام ترامب على هذه الخطوة، بعد عزله مارك إسبر، وزير الدّفاع الذي يُعارضها، مثلما يُعارض سحبًا سريعًا للقوّات الأمريكيّة في كُلٍّ من أفغانستان والشّرق الأوسط (يصل تِعدادها إلى حواليّ 20 ألف جندي)، حتى لا يقع أفرادها في الأسر، أو يكونوا أهدافًا مَشروعةً للرّد على مِثل هذا العُدوان.

الثّنائي الإسرائيلي الأمريكي (ترامب، نتنياهو)، يُدركان جيّدًا أنّ جو بايدن الرئيس الفائز، سيُعيد مُراجعة سياسة بلاده في الشّرق الاوسط، وأوّل بند على جدول هذه المُراجعة العودة للاتّفاق النووي مع إيران تطبيقًا لسِياسَة “الاحتِواء” التي تبنّاها الرئيس السّابق باراك أوباما، ممّا يعني رفع العُقوبات، أو تخفيفها بشكلٍ مُتدرّجٍ، بِما في ذلك إزالة البنك المركزي الإيراني من قائمة الإرهاب، والسّماح بعودة الصّادرات النفطيّة الإيرانيّة إلى الأسواق العالميّة.

صحيفة “إسرائيل هيوم” نشرت تقريرًا الأربعاء أفادت فيه إنّ الدولة العبريّة تعمل حاليًّا مع عدّة دول خليجيّة وعربيّة لتشكيل تحالف يقوم بحملةٍ دوليّة لتصنيف “حزب الله” كمُنظّمة إرهابيّة وتغيير وجهة نظر العالم تُجاهه، وتفكيك الذُراع السّياسي المدني للحزب الذي يتولّى مَهمّة جمع الأموال والتبرّعات لتَوظيفها، في عمليّات “إرهابيّة” خاصّةً أنّ هُناك 14 دولة فقط تتبنّى هذا التّصنيف حاليًّا من بينها ألمانيا وبريطانيا وسويسرا.

رفع العُقوبات، أو تخفيفها عن إيران يعني تدفّق مِئات الملايين على أذرعها العسكريّة الحليفة، خاصّةً في اليمن ولبنان والعِراق وقِطاع غزّة، وربّما لهذا السّبب رَكّز العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في خِطابه الذي ألقاه يوم الأربعاء أمام مجلس الشورى على حثّ المُجتمع الدولي على اتّخاذ موقفٍ حازمٍ “يضمن مُعالجةً “جذريّةً” لسَعي النّظام الإيراني للحُصول على أسلحة الدّمار الشّامل وتطوير برنامجه للصّواريخ الباليستيّة”، وأضاف “أنّ المملكة تُؤكّد خُطورة المشروع الإقليمي للنّظام الإيراني، وتَرفُض تدخّله في الشّؤون الداخليّة لدول الخليج ودعمه للإرهاب والتطرّف وتأجيج الطائفيّة”.

المُعالجة “الجذريّة” لسعي النّظام الإيراني الحُصول على أسلحة دمار شامل وصواريخ باليستيّة ليس لها إلا تفسير واحد وهو تِكرار ما حدث في العِراق، أيّ ضرب المُنشآت النوويّة، والبُنى التحتيّة العسكريّة الإيرانيّة، وخاصّة ترسانة الصّواريخ الهائلة، ولا نعتقد أنّ العاهل السعودي الذي تتماهى أقواله مع مخاوف من هُجوم أمريكي وشيك على إيران، يُطلِق مِثل هذه الدّعوات جُزافًا، ودُون تنسيق مع الرئيس “الهائِج” ترامب والنّزعة الثّأريّة لفَريقِه.

جولة مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكي، لعواصم خليجيّة، وعربيّة حليفة لواشنطن الأُسبوع المُقبل، ربّما تكون لتعبئة هذه الدّول وتحشيدها، وشرح خطّة العُدوان المُقبلة وساعة الصّفر لها وتوزيع الأدوار، خاصّةً أن القدس المحتلّة والرياض وأبو ظبي، ستكون أبرز محطّاتها.. فبومبيو هو الوزير الأكثر قُربًا لترامب ونزَعاتِه العُدوانيّة، والأكثر دعمًا لنِتنياهو والدولة العبريّة، وكراهيّةً لإيران و”حزب الله”، ودول محور المُقاومة عُمومًا.. والأيّام بيننا.

 

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى