جائزة الوقت الضائع
“النقود للكاتب هي وقت للكتابة”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حضرت حفل تكريم شاب حصل على جائزة الطيب صالح في الرواية وقيمتها للأول (سومر شحادة) عشرة آلاف دولار، تعتبر اليوم بالوضع السوري مبلغاً محترماً. وقد تذكرت شهادة كتبتها حول الجوائز الأدبية، قبل ست سنوات (2010). وقد لا اضطر للإضافة عليها سوى هذا التصريح للسيد كارل ماركس عن مكافأته للكتاب العظيم والضخم “رأس المال”:
“لم أتلق مالاً من عائدات كتابي “رأس المال” ما يسدد ثمن السجائر التي دخنتها أثناء كتابتي له”.
هناك جائزتان لا يجوز أن يخلو منهما بلد، ثقافته مثل اقتصاده، قوية ومتنامية ومحترمة، وتخلو من الغش.
1 ـ الجائزة التقديرية: ويجب أن تكون قيمتها المادية، موازية، على الأقل لمضمون التضخيم في خطاب المسؤول عن منحها وتقديمها، أثناء حفل التسليم. وهي جائزة تمنح لمبدعين قطعوا طريقاً طويلاً بانجازاتهم الملموسة والمقدرة من قبل مواطني (قراء ) البلد. فهي كلمة شكر على نحو ما مدعومة بالفعل المادي الذي يحتاجه أي مبدع عربي لم يحصل، بعد على حصته من ثروات البلاد المنهوبة…
ويجب على الجائزة أن يكون احترامها غير مغشوش، إذ لا بد من صدورها من “صدر” يتسع للثقافة الحرة والجميلة، التي لا يمنعها أحد من المساهمة في تكوين وعي وسلوك الرأي العام، الذي، بدوره، يسهم في تطوير القرار، والمشروع، والمستقبل السياسي والاجتماعي للبلاد.
2 ـ الجائزة التشجيعية: وكذلك ينبغي أن تكون قيمتها المادية بالمبلغ الذي يساعد المبدعين الصغار، المبتدئين بخطوات صحيحة وصحية وموهوبة على الطريق الطويل. الأمر الذي يجعل الابداع هدفاً، والوصول إليه مكافأة.
……………………..
للأسف لا يوجد في بلادنا العربية جوائز نقية من شوائب “المال السائب” الراغب في الاغتسال بحوض الثقافة، وصابون المفاخرة والاستعراض…وجوائز الدولة رفع عتب أحياناً. موسمية، ومزاجية.
الدولة التي ليس لديها جائزة محترمة ، وراسخة…تكون غير راغبة بالثقافة، الثقافة بوصفها خطراً يجعل اليد تتحسس المسدس كلما تذكرت الثقافة. (كما قال وزير إعلام النازية).
مع أن الثقافة ليست خطراً كالفساد بدرجة حمراء. لكن الفساد له شعبية وأرتال من المستفيدين. الثقافة خطر على الفساد. وقلة الأدب. وانعدام الذوق.
أنا حصلت على جائزة أولى في الرواية “إلى الأبد و… يوم” وعلى الرغم من ضآلتها 15 ألف $ فقد ساعدتني على الوفاء بديون راكمها النقص الفادح في تسعيرة الثقافة والصحافة والكتابة. والزيادة الفادحة بأسعار العيش في طبقة وسطى!
لاحظ معي… كل شيء يرتفع سعره يومياً، والكتابة لا يرتفع ثمنها إلا بالسنين والعقود. أما الجوائز الخفيفة التي تشبه الزكاة الرمضانية، فيجود بها هذا الثري أو ذاك. دافعاً عن نفسه التهمة الافتراضية بأنه أمّي تقريباً… ذات صدفة نام فقيراً واستيقظ غنياً.
ثمة شيء مضحك أن تكون جائزة القصة لزكريا تامر مثلاُ أقل من 15 ألف دولار…بمعدل 200 دولار عن كل سنة كتابة. وحيث تأتي الجوائز دائماً بعد فوات الأوان:
الماغوط مات ولم يقبضها.
جائزة نوبل قال عنها أحد الكتاب:
“إنها كطوق النجاة يلقى للكاتب بعد أن يكون قد أصبح في الضفة الأخرى”!