جبهة عين عيسى مضبوطة: موسكو تعزّز جهود التسوية مع «قسد»
عاد الهدوء إلى بلدة عين عيسى وريفها، في ريف الرقّة الشمالي، بعد اشتباكات هي الأعنف منذ قرابة عام ونصف عام، بين «قسد» والجيش التركي والفصائل المدعومة منه، وذلك على إثر محاولة جديدة من تلك الفصائل للسيطرة على البلدة، وقطع الطريق بين مناطق سيطرة «قسد» في كلٍّ من الحسكة وريف حلب. وعمَدت أنقرة إلى تصعيد هجماتها على البلدة وريفها، بتنفيذها غارات جوية هي الأولى منذ احتلالها مدينتَي رأس العين وتل أبيض في خريف عام 2018، في محاولة لإحداث خرق استراتيجي في المنطقة، عبر قطْع الطريق الدولي حلب ــــ الحسكة.
تصعيدٌ جاء بعد أيام قليلة من إعلان اتفاق بين أنقرة وموسكو لتهدئة الجبهات في البلدة ومحيطها، عقب إعادة أهالي قريتَي معلك وصيدا في ريف عين عيسى إلى منازلهم، في أعقاب تهجيرهم منها نتيجة الاشتباكات المتقطّعة. وعلى رغم تطبيق روسيا بنود الاتفاق، ومرافقة دورياتها القوافل المدنية، إلّا أن الأخيرة تعرّضت لقصف مدفعي عطّل العملية، تلاه تصعيد ميداني استمرّ على مدى الأسبوع الجاري. وفي هذا السياق، كشف مصدر ميداني، لـ»الأخبار»، أن «الفصائل المسلحة الموالية لتركيا تريد السيطرة على بلدة عين عيسى بأيّ ثمن. لذلك، حاولت تعطيل الاتفاق الروسي ــــ التركي، للضغط على أنقرة لمواصلة التصعيد العسكري، ورفض أيّ تهدئة»، لافتاً إلى أن الفصائل قصفت بشكل مكثّف مواقع لـ»قسد» في عين عيسى وريفها، لتردّ الأخيرة بقصف القاعدة التركية الرئيسة في محيط الطريق الدولي المتاخم لعين عيسى، ما أدّى الى عودة السخونة إلى الجبهات. وتعمّدت «قسد»، وفق المصدر، ضرب القاعدة التركية، وإلحاق أضرار مادية وبشرية بالعناصر الموجودين في داخلها، ما دفع أنقرة إلى الردّ. ورأى المصدر أن «تركيا حاولت اتّخاذ القصف الكردي على قواعدها ذريعةً لتوسيع هجماتها والوصول إلى الطريق الدولي، إلّا أن موسكو قابلت ذلك بمنع إحداث أيّ تغيير في خريطة السيطرة في المنطقة».
جاء القرار الروسي ــــ السوري ليمنع تركيا وفصائلها من تحقيق أيّ تغيير مؤثّر في تلك المنطقة. وبالتزامن مع التحرُّكات التركية المستجدّة في المنطقة، دفع الجيش السوري بتعزيزات عسكرية إلى مقرّ «اللواء 93» جنوب بلدة عين عيسى، مُدعّماً نقاطه العسكرية المنتشرة في البلدة ومحيطها، وعلى امتداد الطريق الدولي. وترافق ذلك مع وصول تعزيزات عسكرية روسية من حلب إلى القاعدتَين الروسيتَين في عين عيسى وتل السمن. والظاهر أن روسيا تريد استثمار الهجوم التركي لتأكيد وجود خطّ أحمر يمنع احتلال تركيا مزيداً من الأراضي في المنطقة، توازياً مع السعي إلى كسب ثقة الأكراد، واستثمار كلّ ذلك في استكمال خطوات التقارب بين الحكومة و»قسد». لذا، تسعى موسكو إلى إثبات نجاحها في تحقيق استقرار ميداني، في مناطق تشهد حضوراً مشتركاً للجيش السوري و»قسد»، لتكون نموذجاً يمكن البناء عليه وتطويره في ملفّ الحوار بين الجانبين.
وكانت المساعي الروسية نجحت في إعادة حركة نقل قوافل النفط من مناطق سيطرة «قسد» في اتجاه مناطق سيطرة الحكومة، مع وجود محاولات للاستفادة من آبار وحقول الغاز الموجودة في محافظتَي دير الزور والحسكة لزيادة كميّات الكهرباء المنتَجة في البلاد. وعليه، فإن الحراك الروسي يشهد تَقدُّماً بطيئاً على خطى تحقيق التقارب بين «قسد» ودمشق. وفي حين تبدو هذه المهمّة شاقّة، تتمسّك موسكو بإنجاز تسوية شاملة لمناطق ما يُعرف بـ»شرق الفرات»، وإنهاء ذريعة كلّ من واشنطن وأنقرة لاحتلال مناطق واسعة فيها.
صحيفة الاخبار اللبنانية