جذور الوجع
رأيتها تتكور على الرصيف تتسول الدفء في جانب الطريق الذي منحها غطاء أكثر دفئاً من قلوب المارة ، تجلس وحدها ، تطرق برأسها لا تكاد ترفعه ، لكي لا ترى المارة أمامها ، تخاف أن ترى من بينهم وجهاً يشبه واحداً من الوجوه التي فقدتها .
تُرى ..هل ُكتب لها أن تموت على الرصيف وٌكتب عليّ حمل ما تبقى من وجعها ؟ اقتربتُ نحوها ، شيء في داخلي يدفعني لأحدّثها ، رفعتُ رأسها بلطف ثم سألتها : ماذا تفعلين هنا وحدكِ؟ نظرت إليّ نظرة انكسار وألم وعيناها حمراوان كما لو أنها لم تذق طعم النوم منذ سنين !
كررتُ السؤال بصيغة أخرى لعليّ أدفعها لبدء الحديث : أتنتظرين أحداً في هذا المكان ؟ أجابتني بتنهيدة طفلة بريئة : أنتظر ابني الذي وضعني هنا ورحل منذ بضع ساعات ، لا أذكر ! جلست بجوارها أملاً في أي جواب ، وأين رحل؟ ردّت بعناء والدمعة سبقتها : تركني وحدي فقد ملّ مني .