جريمة قتل

الأديان مثل الديدان المضيئة… لكي تشع تحتاج إلى الظلمة
______________________________________________

مشكلة الشعراء مع السلطات قديمة. ومع أنفسهم أيضاً.

الشاعرة جمانة حداد وثقت في كتابها “150 شاعراً انتحروا في القرن العشرين”. أما الذين قتلوا عبر التاريخ فيبلغون ضعف هذا العدد. ذلك لأن قتل الشاعر أسهل من قبول هجائه، اواعتراضاته.

ثمة ما يحزن في الحالتين، ولا يمكن منع حدوث ذلك. إنهم الأكثر أسباباً في دوافع الانتحار، والأقل في متوسط الأعمار، ويربكون المشنقة والسيف والسجّان.

ثمة حصة أكبر للشاعر من كمية سم الحاكم، عندما يضع أمام الناس خيار “معي أو ضدي”. وحين يريد الحاكم إعدام الشاعر فإنه لا يعدم وسيلة ولا أسباباً. يكفي أحياناً بيت من الشعر. بل أحياناً يكفي ألا تكون القصيدة كما أراد الحاكم. أو أي تفسير خاطىء.

الشاعر الفلسطيني أشرف فياض سيعدم. بتهمة الردة والتعرض إلى الذات الإلهية. التهمتان خارج القضاء المدني. فالله كفيل بالدفاع عن نفسه. والردة توقف الموت بسببها من ايام الخليفة ابو بكر. كما انها تهمة لايمكن إثباتها كأن تتوقف عن ممارسة الشعائر وتبقى مسلماً قيد المحاسبة في الآخرة.

ان اعدام الشاعر اشرف… عملية قتل انتقائي ردعي . ويبدو أن المملكة بحراس فضيلتها الجدد، شبان السيف وال إف 16 وحرب اليمن، ومشروع الحرب على إيران، جماعة الاستئجار لأي شيء بأي مبلغ…هذه المملكة دخلت عصراً جديداً من إرهاب الدولة، الذي “يشهر الشدة والحزم لإخافة المحتمل والخصم” كما قال أحدهم.

لكن، وبقليل من الاعتبارات، يمكن العثور على تخفيف العقوبة ، بل إلغاؤها .فقط لأنه شاب فلسطيني، هذه الجنسية المنكوبة، التي لا يساعد أفرادها، شعباً وأشخاصاً ، لاالالهه ولا المندوبين الساميين للسماء. وسأفترض أن فياض قد رفع الكلفة مع الله فعاتبه، أو أن الشاعر أكمل مشوار الشك عند أسلافه من الشعراء.

جئت لا أعرف من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت
من أين جئت؟ إلى أين أمضي؟
لست أدري

فوضعوه على لائحة الاتهام. وكذلك أبو القاسم الشابي كفّروه لأنه قال :

إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

على أساس أن الشعب في هذا البيت أكبر من القدر.

لا أتوقع أن هناك ما سيشفع لأشرف فياض. ولذلك أقترح عليه قبل موته اختراع بضعة شتائم لائقة بعصره. وإذا أمكن فقصيدة من عائلة القصائد التي كتبها مظفر النواب وأحمد مطر هجاء للعرب وسلالات الاستبداد على شرط …..”من الزنار وتحت”.

للأسف ليس للشعراء والثقفاء سلطة ذات نفوذ تستطيع فك رقبة شاعر، على اهبة الشنق في لحظة عماء الأمة عن كل كوارثها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى