جزر دون أرانب
أنت الحمامة التي تطير من قبّعتي فأندهش قبل غيرك من جمهور الحاضرين ,تلحق بك نظراتي المتعبة كصقر عاشق وعجوز وبعد أن أطارد ظلّي طويلا أحطّ على معصمك سيّدتي, أدفن رأسي تحت جناحي وأبكي قوّة بصري وضعف قلبي وبياضك الأزرق.
أنا الساحر الذي يكشف الناس بساطة ألعابه فيرشقونه بالشتائم والبيض الفاسد والنمائم ,أمّا أنت فتنظرين إليّ ,تمسحين على رأسي بعد أن ينفضّوا من حولي وتقولين:كم أنت ساحر في قدرتك على الهزائم وعدم الانقراض.
أصابعي التي تصل الحلقات المعدنيّة وتفصلها ,تربط المحارم الملوّنة وتخرجها من كمّ سترتي ..,تتلاعب بالطابات والشفرات تحت لساني …أصابعي تصمت وترتعش ثمّ تحترق حين تقترب منك.
النيران التي كنت أنفخها في ليل المدينة -كتنّين يغرق- لم تكن إلاّ أنفاسي الحقيقية فاقتربي …كي لا تحترقي.
عصاي التي ألمس بها الوجع فأحوّله إلى نكتة والمسافات فأحوّلها إلى مجرّد خريطة ووطني فأحوّله إلى رائحة ..عصاي هي حبّك يا امرأة من وجع… ألمسك بها فتمسين أنا.
الجزرة التي كنت أكافئ بها أرنبي الصغير أكلتها هذا المساء …لأنّ أرنبي قد مات في جيبي حسرة عليّ .
الورقة النقديّة التي كنت أستعيرها من أحد الحاضرين لأوهمهم بحرقها قد احترقت فعلا هذا اليوم… ذلك أنّ تركيزي كان ضعيفا وغيابك كان حاضرا و ثقيلا.
ابتسامتك كانت تجلس إلى سرير فشلي في كلّ لحظة…و تصفيقك يطرب قلبي الحزين …لم أكن أفعل تلك الحماقات إلا لأجلك …تخيّلي رأسي المتصدّع من التفاصيل,تخيّلي سحري.
لم أكن ساحرا إلاّ لأسحرك ..لم أكن كاتبا إلاّ لأكتبك ,لم أكن.. إلاّ لأكونك.. يا أمنية بيضاء أمام مصير أسود.
سيدتي الساحرة ,سيدتي التي أردت أن أسحرها فسحرت,وأردت أن أنوّمها فنمت ..اغفري الحمائم التي لم تطلع من قبّعتي والأرانب التي لم تأكل من جزري والنيران التي لم تخرج إلاّ من قلبي.
اسمحي لي بهذه الرقصة فوق السحاب وهذه الموسيقى دون آلات وهذا السؤال دون جواب..تناولي معي هذا الحساء من المطر ..واسمحي لي بهذا السماح.
كم مرّة يجب أن تسامحيني,كم مرّة يجب أن لا تسامحيني ..كم مرّة يجب أن تشتكيني للغياب.
سيّدة الانتظار والنسيان والحبّ المستحيل ,كم ساحرا ستقتلين كي لا يموت السحرة.!؟
أنا الساحر الذي لم يسحره أحد غيرك والقتيل الذي لم يقتله أحد غيرك والحيّ الذي لم يحييه أحد غيرك .
سيدة السحر…أنا الساحر الذي أضاع كلّ أدوات سحره ولم يسحره واحد غيرك و غيري..أنت المسحورة أبدا يكلّ أشيائي التي لم تسحر غيرك.
أنا الساحر الذي حوّل نفسه إلى جزرة…ولكن أين الأرانب..!؟.