جنرالات الاحتلال: حماس ليست مردوعةً بالمرّة وتُبادِر وتُحدِّد مواعيد وقواعد الاشتباك وتخوض ضدّنا حرب استنزافٍ فعليّةٍ دون ردٍّ إسرائيليٍّ

 

هيمن الوضع الأمني في قطاع غزة على النقاش الدائر في إسرائيل، لاسيما في ظلّ أجواء انتخابية حامية، وصدور تعليقات تتهم الحكومة ورئيسها بالتقاعس أمام حماس، ومن الناحية الثانية، زعم جيش الاحتلال أنّه بصدد التصعيد ضدّ المُقاومة في غزّة، إلّا أنّ المُحلِّلين والخبراء شككوا في هذه الإمكانيّة، لافتين إلى أنّه عشية الانتخابات العامّة في أيلول (سبتمبر) القادِم لن يجرؤ رئيس الوزراء ووزير الأمن على خوض حربٍ ضدّ غزّة، كما أفادت القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ.

وفي هذا السياق، قال الجنرال بيني غانتس زعيم حزب “أزرق-أبيض”، إنّ الحل مع غزة يتمثل بوضع قادة حماس على أجندة الاغتيال، لأنّ الانشغال بتوسيع مساحة الصيد أوْ إدخال الأموال القطريّة لا تحلّ الأزمة القائمة في غلاف غزة، والنتيجة ما نراه أمامنا على أرض الواقع، وفقًا لأقواله.

وأضاف القائد السابق لجيش الاحتلال في حديثٍ مع صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أنّ الحلّ يكمن في سلسلة خطوات أولها توجيه ضربات قاسية موجعة وغير مسبوقة إلى حماس في غزة، ثانيها استغلال الهدوء الذي سينشأ لتقديم مبادرة سياسية مع روافع اقتصادية، ومشاريع لتحلية المياه والكهرباء، والحد من البطالة لآلاف العمال، وخبراء الهايتك في إسرائيل ورام الله، واختتم: يجب أنْ يكون وقف إطلاق النار بوساطةٍ دوليّةٍ، وليس منح حماس فرصة لأنْ تُحدد مواعيد الالتزام بها أوْ خرقها، على إسرائيل القيام بكلّ شيءٍ من أجل استعادة زمام المبادرة لأيديها، قال.

من ناحيته، قال الجنرال احتياط عاموس غلبواع إنّ المشكلة تكمن في إسرائيل لأنّ حماس مستعدة أنْ تخاطر وتواصل سياسة شفا الهاوية، وتدرك العقبات التي تمنعها من الذهاب لمواجهة عسكرية شاملة أمامها، والحركة لا تحتاج لكثير من المعلومات الاستخبارية، فهي تستمع لذلك في كل لحظة.

وأضاف في مقالٍ بصحيفة (معاريف)، أنّ حماس تطلق القذائف الصاروخية وقت الحاجة، وتزيد من مظاهراتها الاحتجاجية، رغم أنها لا تريد الوصول بهذه الممارسات للحرب الشاملة، لافتًا إلى أنّ لغة الأرقام تكشف أنّ حرب غزة الأخيرة (الجرف الصامد) 2014 شهدت إطلاق حماس وشركائها 3852 قذيفة، وفي 2015 أطلقت 15 قذيفة فقط، وفي 2016 أطلقت 15 أخرى، وفي 2017 أطلقت 29 قذيفة، لكن منذ آذار (مارس) 2018 حيث انطلقت مسيرات العودة على حدود غزة بدأت سياسة جديدة كليًا، فقد شهد 2018 إطلاق 1119 قذيفة، وحتى حزيران (يونيو) 2019 أطلقت 784 قذيفة.

وأكّد غلبوع، المستشار السابق بمكتب رئاسة الوزراء للشؤون العربيّة، أنّ هذه أحد مركبات سياسة حماس الجديدة المتمثلة بممارسة ضغوطٍ عنيفةٍ على إسرائيل، من خلال استهداف المستوطنين في غلاف غزة بمظاهر البالونات الحارقة، والإرباك الليلي، والمسيرات، وإطلاق القذائف، حماس لم تُسّمِ ذلك حرب استنزاف، لكننا أمام حرب استنزاف فعلية، على حدّ قوله.

كما أوضح أنّ السياسة الواضحة لحماس أنّها لا تريد فعليًا الذهاب لحرب شاملة مع إسرائيل، لكن ذلك في الوقت ذاته لا يمنعها من التعامل بمنطق تهديدها، والإعلان في كلّ لحظة أنّها ستواصل ممارساتها الميدانية، ممّا يعني أنها لم تعد مردوعة، بدليل إطلاق القذائف الصاروخية، والمخاطرة في وجه إسرائيل، وخلُص إلى القول إنّ السبب في سياسة حماس، أنّها ترى أمام إسرائيل جملة من العقبات والعراقيل التي تمنعها من الذهاب لحرب واسعة ضد الحركة، ومن أهمها خشيتها من فقدان جنودها في المواجهة البرية، بمعنى أنها باتت تخاف من ذلك.

الجنرال عاموس يدلين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية “أمان” قال إنّ إسرائيل مطالبة بتحديد سياستها الجديدة تجّاه حماس من خلال المفاضلة بين عدة خيارات، أولها الانفصال النهائيّ والكامل عن غزة، واعتبارها دولةً معاديةً، وهذا له ثمن يتمثل بتعاظم قوة القطاع العسكرية، لكنّه يحمل وجاهة منطقية تجعلنا نتحلل من أيّ مسؤولية من القطاع اليوم، فنحن ندفع لغزة أموالا، ونوفر لها الكهرباء، ونفتح أمامها المعابر، وهي في المقابل لا تعطينا شيئًا.

وتابع يدلين، الذي يتبوأ اليوم منصب مدير مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، تابع أنّ الخيار الإسرائيليّ الثاني أمام حماس هو إزالة القيود أمام إسقاط سلطتها، والخروج للحرب بفرضية أنها ستسقط بضربةٍ واحدةٍ، أمّا الخيار الثالث فهو إعادة السلطة الفلسطينيّة للقطاع، مع أنّ السلطة جزء من المشكلة في بعض جوانبها، لأن وقفها لأموال غزة شكّل ضغطًا على حماس، وخلُص إلى القول إنّه من الواضح أنّ إسرائيل تُفضِّل التعامل مع سلطتين فلسطينيتين ضعيفتين: واحدة في غزّة والأخرى في الضفة، تتبّع مع الأولى النهج العسكريّ، ومع الثانية المقاطعة السياسيّة، كما أكّد.

يُشار إلى أنّ وزير الأمن السابِق، أفيغدور ليبرمان، اتهّم مساء أمس السبت في مقابلةٍ مع القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، اتهّم رئيس الوزراء ووزير الأمن، بنيامين نتنياهو، بدفع الإتاوة (protection) لحماس عبر الأموال القطريّة، كي لا تُهاجِم جنوب الدولة العبريّة، على حدّ تعبيره.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى