جنون …. البقر أم البشر ….!!

((بعد أن صار العميل والخائن والجاسوس واللص والمزور واللوطي والقواد والعاهرة وسماسرة الأغذية الفاسدة والمخلفات الكيماوية وتجارة الأعضاء البشرية والجغرافية والتاريخية والقومية لا يتحدثون الا عن الوطن وهموم المواطن والمقاومة والاحتلال وعار الاحتلال فعن ماذا نتحدث نحن الكتاب والشعراء عن الحمى القلاعية وجنون البقر ؟؟؟؟ ))

نعم يا صديقي الماغوط عن حمى التوحش وجنون البشر … الذي أصاب منطقتنا ..حتى أعلنا الخطر ..فما كتبته أنت منذ أكثر من عشرين عاماً، نعيشه اليوم من توحش الطمع ، وجنون التسلط، وقذارة الحرب ، ووسخ الذل ، وقهر الظلم .. لتدعني أسأل :

هل التوحش الذي غزا منطقتنا هو مرض نقله إلينا طغاة من خارج حدودنا التي رسمناها عبر آلاف السنين بخطوط الأخلاقيات العروبية الأصيلة .. ودساتير الديانات السماوية ..أم هو موجود بيننا على شكل جينة وراثية .. تصيب البعض وتظهر على مراحل وبأشكال مختلفة وعلى فترات ؟؟!!! .. أم أنها مجرد طفرة غريبة ناتجة عن تزاوج حضارات وثقافات وطوائف وديانات .. ؟؟!!

لأجيب نفسي بما خبرته بنفسي خلال ما مضى من خمس سنوات، حين ارتدى هذا المرض ثوب ربيع الثورات .. وعالجه من ادعى نفسه الطبيب بحقنة أطلق عليها حرية وتغيير واسقاط الديكتاتوريات .. ليخدرالشعوب العربية بأجمل المسميات ، ويحقنهم بأحلى العبارات ، ويأملهم بأحلام التحرر والديمقراطية .. فاذا بالحقنة منتهية الصلاحية .. وبالدواء فاسد .. سبب الكثير من الآثار الجانية .. فظهرت الأنياب وبدأت حالات النهش والهبش والقتل والأذى تفتك بالشعب .. فتمزقت الحدود واخترقت من قبل الكثير من المرتزقات التي ارتدت أثواب الدين والوطنيات … فأفرزت تجار كوارث وأزمات .. يعتاشون على حاجاتنا الأساسية ولقمة عيشنا، يسوقون لنا جرائمهم وفسادهم وسرقاتهم تحت شعارات ومسميات الوطن والمواطن .. ومنهم من ارتدى ثوب العفة والايمان والصلاة … يبيعونا صكوك الايمان وشهادات الغفران .. ويحللون قتلنا تحت مسمى الكفر والبعد عن اتباع تعاليم دين ابتكروه ليقتلوا فينا التعايش والاحترام وتقبل الاختلاف.

إنه مرض يا صديقي الماغوط لا يشبه جنون البقر .. إنه مرض غريب عجيب أصاب البشر .. فدفعني أتذكر كلماتك .. وألقي على روحك المرهفة الوطنية ألف رحمة وسلام .. فكما قلت تماماً عن ماذا نكتب وإلى ماذا ندعو ومن نناقش ونحن في زمن المرتزقة والعصابات .. والعقول النظيفة والخبرات والكفاءات..تغادر على عجل هرباً من تجار الدين وسارقي الوطن و شبيحة الفساد ..

ففي زماننا هذا لم نعد نستطيع حتى أن نعترض على من يمنعوننا من الكلام .. ويهجروننا من مدننا وأحيائنا .. ويسرقون منا لقمة عيشنا .. لأن اللغة السائدة اليوم هي لغة السلاح والرصاص ورجال العصابات … ونحن نكتفي بانتظار أن يصحو ضمير الطبيب ويصف دواءاً فعالاً قوياً .. تنتهي فيه وحشية البشر وتعود لهم بعض الانسانية ليسعوا إلى ايقاف هذه الحرب المجنونة ..لنصرخ بأعلى صوتنا: أعيدوا لنا قلمنا .. وحرروا كلماتنا .. واحموا عقولنا … لنستطيع أن نعيد بناء بلدنا ونعيد له الحلم والحياة ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى