«جنيف 5»: نجاح من دون إنجازات … في انتظار هدنة «أستانا»

اختتمت الجولة الخامسة من المحادثات السورية في جنيف، ضمن حدود التوقعات التي رسمت لها. ويمكن القول إن الجولة التي انطلقت في ظل ظروف ميدانية غير مواتية لإنجاحها، قد تمكنت من إدخال الأطراف المشاركة فيها إلى نقاش تفاصيل عدد من النقاط الخلافية، على الرغم من إجماع الوفدين على محاولات «الطرف الآخر» لتعطيل مسار المحادثات.

ورغم أن ما جرى من نقاشات تفصيلية لا يمكن البناء عليه، كحجر زاوية في إطار الحل السياسي، غير أنه استطاع فصل النقاش عمّا يجري في الميدان، للمرة الأولى، إذ إن لقاءات جنيف استمرت وفق الجدول المخصص لها، في حين كانت المعارك على الأرض في أوجها. ويمكن ردّ هذا التغيير بشكل رئيسي إلى النجاح في فصل ملفات العسكرة عن السياسة وإحالتها إلى محادثات أستانا.

وأشارت التصريحات التي رافقت ختام الجولة الحالية إلى أن التعويل سيكون بشكل رئيسي على نجاح مشاورات الدول الضامنة في أستانا، والتي تستضيفها طهران، في إعادة وقف إطلاق النار إلى حاله قبيل هجومي جوبر وريف حماة، بما يسمح باستغلاله مجدداً لدفع الحوار في جنيف.

وبدا لافتاً إعلان الأمم المتحدة، أمس، تمديد ولاية عمل مبعوثها الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، «لحين الانتهاء من مهمته في جنيف»، فيما يبدو أنه محاولة لإنهاء الجدل الإعلامي الذي رافق جولة المحادثات المنتهية أمس، حول احتمال إزاحته عن منصبه.

وعقب مشاورات اليوم الأخير من الجولة أمس، قال دي ميستورا إن «جميع أطراف المحادثات شاركوا بشكل جدي ومهني في تفاصيل النقاشات، ولو أنكروا ذلك»، وأبدوا استعدادهم لجولة سادسة من الحوار في جنيف. ولفت إلى أن موعد الجولة الجديدة مرهون بتطورات «سياسية مهمة» مقبلة، منها مؤتمر بروكسل واجتماعاته مع مجلس الأمن، تليهما اجتماعات الدول الضامنة لمحادثات أستانا في طهران، والتي يعوّل عليها في «أن تعيد نظام وقف إطلاق النار الذي مرّ بوضع خطير جداً أخيراً».

ومن جانبه، أشار رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري إلى أن وفده قدم إلى المبعوث الأممي أوراقاً «تتعلق بمكافحة الإرهاب وبالحل السياسي»، إلى جانب «مجموعة تساؤلات حول قضايا طرحت قبل هذه الجولة وأثناءها، ليطرحها على المنصات الأخرى». وأضاف أن الوفد كان يأمل «إحراز تقدم… لكن هذا لم يحصل، غير أن النقاش شمل كل السلات الأربع، إضافة إلى ورقة المبادئ الأساسية، وهذا يعدّ جيداً بحدّ ذاته»، موضحاً أن الوفد الحكومي هو الوحيد الذي «تفاعل مع ورقة مكافحة الإرهاب». وحول الاتفاق الخاص ببلدات الزبداني وكفريا والفوعة، شدد على أنه «لا يمكن أن يحدث شيء فوق الأرض السورية من دون موافقة الحكومة، سواء كان ذلك يتعلق بأنشطة الأمم المتحدة أو غيرها».

بدوره، ختم وفد المعارضة الجولة باتهام الجانب الحكومي بالسعي إلى إفشال جولة المحادثات، مشدداً على أن هدف المعارضة من المفاوضات هو «إيقاف المعاناة عن الشعب بوقف إطلاق النار، وتطبيق البنود الإنسانية في القرارات الأممية، والوصول لحل سياسي عادل دون (الرئيس) بشار الأسد». وفي معرض رده على أسئلة الصحافيين، أعرب رئيس وفد «الهيئة العليا» نصر الحريري عن اعتقاده بأن الجولة المقبلة لن تشهد أي اختراق مختلف عن الحالية. وحول «تغير الموقف الأميركي» تجاه مصير الرئيس الأسد، قال الحريري: «نحن نحصل على الموقف الأميركي من تواصلنا معهم، ولا يوجد تغيير جذري من الأسد، وحالياً تتجه الإدارة الأميركية لمحاربة الإرهاب، وتحجيم دور إيران».

وأشار إلى أنهم في الوفد «قدموا رؤيتهم عن الانتقال السياسي الذي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا، بما يضمن حقوق الشعب، وناقشوا الإجراءات الدستورية الناظمة والقضايا والإجراءات الانتخابية، للوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة، في نهاية المرحلة الانتقالية»، مشيراً إلى أن «النظام حتى هذه اللحظة يرفض نقاش أي شيء، سوى التمسك بخطابه الفارغ عن الإرهاب».

وكان الحريري قد أشار في وقت سابق، خلال حوار مع وكالة «الأناضول»، إلى أن «هناك تناقضاً في مواقف موسكو، لكونها تدعم نظام الأسد وتساهم بعمليات التهجير والتغيير الديموغرافي، وفي نفس الوقت تقول إنها تدعم العملية السياسية». وقال إنه «في حال لم تكن هناك إرادة دولية حقيقية للدفع بالمفاوضات، فإنها لن تفضي إلى شيء وستكون بطيئة جداً».

وأضاف أن الانتقال السياسي «يعني لنا تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية والحكومة، وبما يضمن عدم وجود لبشار الأسد وأركان نظامه، لا في المرحلة الانتقالية، ولا في مستقبل سوريا».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى