جولة أميركية شرقاً: أنظار واشنطن «لا تفارق» حضرموت
نشرت السفارة الأميركية لدى اليمن خبرَ زيارة السفير الجديد، ستيفن فاجن، إلى محافظة حضرموت، من دون أن تُحدِّد تاريخ هذه الزيارة، إذ اكتفت، في تغريدتها، بالإشارة إلى أن «السفير فاجن التقى، خلال رحلته إلى حضرموت، شركاء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في المنطقة، وتعرّف إلى عملهم في قطاعات مصائد الأسماك والثروة الحيوانية والعسل والبستنة». وفيما لم يتطرّق المركز الإعلامي للسلطة المحلّية في حضرموت إلى الخبر، قال فاجن، في تغريدة، إنه التقى بالمسؤولين المحلّيين، وناقش معهم الجهود المبذولة لمواجهة التحدّيات في كبرى محافظات اليمن، مشدّداً على أن «الحفاظ على الهدنة التي توسّطت فيها الأمم المتحدة، أمر أساسي لبدء انتعاش اقتصادي يمكن أن يحسّن الحياة، وأن يوفّر مساحة لعملية سياسية شاملة».
وكانت حسابات «المجلس الرئاسي» نشرت، الإثنين الماضي، خبر لقاء السفير الأميركي برئيس المجلس، رشاد العليمي، في مقرّ إقامة الأخير في العاصمة السعودية، الرياض. وفي هذا الإطار، قال مصدر دبلوماسي يمني مطّلع، لـ«الأخبار»، إن زيارة فاجن لحضرموت جرت السبت الماضي بسريّة تامة، بعدما وصل على متن طائرة شحن عسكرية إلى مطار الريان برفقة وفد أمني وعسكري. ووفق المصدر، زار السفير غرفة العمليات الأميركية في مطار الريان في المكلا، حيث اطّلع على مخطّط إنشاء غرفة خاصّة في منطقة واقعة بين الشحر والريان، والتقى لاحقاً عضو «الرئاسي»، محافظ حضرموت اللواء فرج البحسني، وزارا معاً مدينة غيل باوزير التي سبق للقوات الأميركية أن انتشرت فيها مطلع تشرين الأوّل الفائت. وأفاد المصدر بأن قوات أميركية تشاركها قوات «النخبة الحضرمية» الموالية للإمارات، تولّت مهمّة تأمين زيارة السفير والوفد المرافق له إلى المكلا، والتي لم تستمرّ سوى ساعات قليلة.
وتزامنت هذه الخطوة التي اعتُبرت «استفزازاً أميركيّاً جديداً لليمنيين، وخرقاً للأعراف الدبلوماسية، وانتهاكاً للسيادة الوطنية»، مع حديث الرئيس الأميركي، جو بايدن، رسمياً، خلال الشهر الحالي، عن وجود قوات لبلاده في اليمن. كما تزامنت مع ارتفاع حدّة التوتّر العسكري بين الأطراف الموالين لـ«التحالف»، والذين يخوضون صراع نفوذ في المحافظة؛ إذ يحاول البحسني، المدعوم أميركيّاً، فرْض سيطرته، عبر قوات «النخبة الحضرمية»، على مدينة سيئون، عاصمة وادي وصحراء حضرموت، وطرْد ميليشيات حزب «الإصلاح» التي تسيطر على قيادة المنطقة العسكرية الأولى. وتُعدّ زيارة فاجن الأولى إلى حضرموت، بعد أخرى علنيّة مماثلة أجراها المبعوث الأميركي، تيم ليندركينغ، في السادس من آذار الماضي، حيث جال في محافظتَي حضرموت وشبوة التي تحتضن أكثر من 10 تريليونات قدم مكعّب من الغاز المسال، وذلك في إطار المساعي الأميركية لإعادة إنتاج وتسييل وتصدير الغاز اليمني إلى الأسواق الأوروبية للإسهام في الحدّ من أزمة الطاقة الناتجة من تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية.
وتعليقاً على زيارة فاجن، قال عضو المكتب السياسي لـ«أنصار الله»، علي القحوم، لـ«الأخبار»، إنها تأتي في ظلّ التحرّكات الأميركية المشبوهة لتعزيز التواجد العسكري في اليمن. ويمثّل البعد الجغرافي لحضرموت أحد عوامل الاهتمام الأميركي بهذه المحافظة، والذي بدأ رسمياً في عام 2010، إلّا أنه تزايد منذ أواخر عام 2016، عندما تبنّت قوات البحرية الأميركية تدريب قوات خفر السواحل اليمنية، قبل أن يتحوّل هذا الاهتمام إلى بقاء دائم تَعزَّز بإنشاء أوّل غرفة عمليات أميركية داخل مطار الريان الدولي، الذي تمّ تحويله إلى قاعدة عسكرية مؤقّتة. وتصاعد التركيز الأميركي على حضرموت خلال السنوات الثلاث الماضية؛ إذ لم يقتصر الأمر على سفير دون آخر، بل أكدت الزيارات المتكرّرة لمسؤولين أميركيين أن بلادهم تضمِر أجندة خاصّة بهذه المحافظة التي تمتلك موقعاً استراتيجياً حوّلها إلى مطمع للعديد من الدول، ومنها السعودية التي تقع حضرموت إلى شمالها، وتربطها بها حدود صحراوية وبرّية واسعة، بالإضافة إلى وقوعها جنوب البحر العربي وامتلاكها احتياطات نفطية كبيرة.
وكان السفير الأميركي السابق، كريستوفر هنزل، الذي زار المكلا عدّة مرّات، قد عبّر عن مكانة هذه المحافظة بالنسبة إلى بلاده، بالقول إن «أنظار واشنطن لا تفارق حضرموت». وقد رصدت «الأخبار»، منذ مطلع عام 2018، تسع زيارات لمسؤولين أميركيين مع وفود أمنية واستخبارية وعسكرية، فيما تكشف مصادر قبلية أن العشرات من الجنود الأميركيين لا يزالون يتواجدون في معسكرات واقعة على الحدود اليمنية – السعودية في منطقة رماه الواقعة في مديرية ثمود التابعة لحضرموت. وعلمت «الأخبار»، من مصادر أمنية في صنعاء، أن التحرّكات العسكرية الأميركية في مطار الريان تصاعدت بشكل كبير منذ مطلع عام 2020، وأن طائرات شحن عسكرية أميركية سيّرت العديد من الرحلات من وإلى المطار.