تبدأ جولة جديدة من التفاوض بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل في القاهرة، لكن ما الجديد فيها، وما الذي يجعلها مختلفة عن سابقاتها، وهل يمكن التعويل عليها لكسر حالة المراوحة وانسداد افق الوصول الى صفقة بين الطرفين؟
الجديد هذه المرة يمكن تلخيصه بالتالي:
الوفد الإسرائيلي هذه المرة يضم ثلاثة أجهزة امنية إسرائيلية “الموساد، الاستخبارات، والشاباك”، وجود الشاباك في القاهرة ملفت للنظر، الجهاز قد يكون اكثر المعنيين بالقضايا اللوجستية التي تغطي مسائل مثل السجون ونقل الاسرى، ولدى الوفد هذه المرة صلاحيات أوسع من الجولات السابقة.
ربما ما كشفته وسائل اعلام إسرائيلية عن صدمة بنيامين نتنياهو حيال اراء وزرائه من الليكود بشأن تعامله مع المفاوضات قد لعب دورا مؤثرا، وشعر نتنياهو انه بدأ يفقد التأييد داخل الليكود، وقد تكون الأفكار التي حملها رئيس الاستخبارات الامريكية ويليام بيرنز مؤخرا والتي توصف بانها حل وسط قد يقبل به الطرفان، ما دفع إسرائيل لإرسال الوفد مجددا الى القاهرة.
يطرح بيرنز في مقاربته الجديدة رفع اعداد الاسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم، مقابل قبول المقاومة عودة متدرجة لسكان الشمال، لكن هذه النقطة هي احدى نقاط الخلاف وليست في الجوهر، الأساس بالنسبة للمقاومة هو قبول إسرائيل وقف شامل للحرب والانسحاب من القطاع، وعودة السكان الى منازلهم، ورفع الحصار، حتى اللحظة لم تصل إسرائيل الى لحظة القناعة بوقف الحرب، وهذا ما يجعل الجولة الحالية في القاهرة موضع تساؤل، الا اذا كان قادة تل ابيب قد استشعروا ما يخطط له حلف المقاومة خلال الاجتماعات الهامة التي جرت مؤخرا مع كبار القادة في ايران، حسب التسريبات الشحيحة عن تلك الاجتماعات، فان اطراف حلف المقاومة بحثوا جديا الانتقال الى مرحلة جديدة من الاشتباك، تغادر مربع المراوحة الراهن، وتصل الى لحظة اجبار إسرائيل والولايات المتحدة على وقف الحرب اضطراريا.
ومن الجديد في المشهد، انتقال التظاهرات داخل إسرائيل من المطالبة بعقد صفقة تعيد الاسرى لدى المقاومة في غزة الى المطالبة باستقالة بنيامين نتنياهو واقالة الحكومة، وشهدت تل ابيب اكبر تظاهرة منذ بداية الحرب امام وزارة الدفاع الإسرائيلية، جرى خلالها اشتباكات وتدافع بين المتظاهرين ورجال الشرطة، واعتقالات في صفوف المتظاهرين، وقد أصدرت عائلات الأسرى الإسرائيليين بيانا قالت فيه إن “نتنياهو هو العائق الرئيسي في طريق رؤية أبنائنا”.
فشل الجولة الحالية سوف يزيد من وتيرة التظاهر والغضب لدى أهالي الاسرى، وسيرفع مستوى الضغط على الحكومة الإسرائيلية،
وأفاد استطلاع للرأي نشرته القناة الـ13 أن 51% من الإسرائيليين يؤيدون إجراء انتخابات العام الجاري، وأن 38% يعارضون ذلك.
كما كشف الاستطلاع أن 61% من الإسرائيليين متشائمون إزاء تحقيق هدف القضاء على حركة حماس، بينما يعتقد 24% منهم أن الحرب ستنتهي بالقضاء على الحركة.
من المستجدات، بيان لافت في وضوحه صادر عن الفصائل والقوى الفلسطينية، يرفض دخول أي قوة دولية او عربية الى قطاع غزة، ويعلن البيان انه سيعتبر هذه القوات بمثابة قوات احتلال، هذا البيان كاف لإحجام الدول العربية عن المشاركة في الخطط الامريكية ويربك تصوراتها لمرحلة ما بعد الحرب او ما يعرف اليوم التالي في غزة، في المقابل نظرة الفصائل السلبية لحكومة التكنوقراط في رام الله، وعدم التعامل معها، يضع الإدارة الامريكية امام محاولة فرضها على الفلسطينيين وهو ما يرجح فشلها، لنكون امام تصورات مربكة وغير ناضجة وعدم وضوح سيقود حتما الى الفشل.
يمكن اعتبار عودة التظاهرات الى الشارع العربي حدثا يضيف جديدا للمشهد، وعادت عمان والقاهرة وبغداد والرباط وتونس وصيدا جنوب لبنان للتظاهرات بزخم يشابه حركة التظاهر في الأيام الأولى للعدوان، فضلا عن التظاهرات التي لم تنقطع في صنعاء, ضغط الشارع العربي يضيف بعدا مهما، خاصة مع بحث الولايات المتحدة عن مشاريع ومخططات لتحقيق اهداف الحرب الإسرائيلية، وإنقاذ إسرائيل من هزيمة سيكون لها ما بعدها في البيئة السياسية والاجتماعية العربية.
صحيفة الأخبار اللبنانية