تحليلات سياسيةسلايد

جيشٌ ينهب نفسه؟ سرقوا دبابّةً والضباط والجنود بسباتٍ عميقٍ..

قبل فترةٍ وجيزةٍ تمكّنت مجموعة من أصحاب السوابق الجنائيّة من اقتحام أحد معسكرات جيش الاحتلال في جنوب الكيان، وسرق أفرادها دبابّةً كانت تربض في المكان. العملية التي وُصِفَت بالجريئة والشجاعة وغير المسبوقة أكّدت في المُقابِل أنّ الجنود والضباط الذين يخدمون في المكان لم يشعروا بالسرقة، إذْ أنّهم، بحسب التحقيق الذي أجراه الجيش، كانوا يغّطون في سُباتٍ عميقٍ.

الفضيحة كانت مجلجلةً وفق كلّ المقاييس والمعايير وأوضحت مرّةً أخرى أنّ معسكرات جيش الاحتلال تمامًا مثل المشاع، يدخلها مَنْ يرغب، ويخرج منها مَنْ يُريد، وبالإضافة إلى ذلك أكّدت بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل بأنّ منظمّات الإجرام في إسرائيل، وهي كثيرةً جدًا، باتت تعتمِد بشكلٍ كبيرٍ وحتى كلّيٍ على أسلحة الجيش لتنفيذ عمليات القتل والإجرام، وهكذا أصبحت تجارة السلاح على جميع أنواعه في الكيان ظاهرةً مُقلقةً جدًا للمؤسسة الأمنيّة، إلّا أنّ الوضع لم يتوقّف عن هذا الحدّ، فقد بدأ السلاح المسروق يجِد طريقه السهلة إلى التنظيمات الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وهو الأمر الذي غدا يؤرّق مضاجع صُنّاع القرار في تل أبيب. “سلاحٌ إسرائيليٌّ لقتل الإسرائيليين”، كما نعت الإعلام العبريّ هذه الظاهرة، التي ما زالت مستمرّةً وبوتيرةٍ عاليّةٍ.

تتنوع مصادر الأسلحة التي يستخدمها الفلسطينيون في حوادث إطلاق النار. منها ما هو مهرب من دول الجوار، أو ما يتم شراؤه من مجندين إسرائيليين، وبعضها يتم تصنيعها محليًا، بحسب تقرير مراقب الدولة العبريّة.

وفي تقرير نشره “مراقب الدولة” في العام 2019 جاء فيه أنّ: “معسكرات الجيش مستمرة في الفشل بجمع المعلومات الاستخباراتية حول سرقة الوسائل القتالية، ولم تتوصل الشرطة الى المعلومات الكافية حول ذلك”.

وفي تقرير صدر عن وزارة الأمن الإسرائيلية في مطلع أيار (مايو) 2020 فسر ظاهرة تسريب السلاح، بأنّ 93 في المائة من ملفات التحقيق في قضايا سرقة الأسلحة تمّ إغلاقها من قبل السلطات الإسرائيلية، 86 في المئة لعدم معرفة هوية المتهمين بالسرقة. التقرير غطى الفترة بين 2018 – 2020، أشار إلى تقديم لائحتيْ اتهام فقط من مجموع الملفات.

ويشير تقرير لمنظمة (مسدس على طاولة المطبخ) إلى أنّ السلاح غير القانوني يأتي من مصادر عدة، بينها مخازن السّلاح العسكريّة والجنود خارج قواعدهم، ومخازن أسلحة الشرطة بما فيها سلاح (حرس الحدود)، وفق تحقيقٍ صحافيٍّ أجرته الزميلة نجمة حجازي.

في السياق عينه عزا ندّاف إيال، المُحلِّل في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، فوضى السلاح إلى الأزمة الأمنية التي تعيشها إسرائيل منذ قيامها، إذْ تباهت الدولة حتى السنوات الأخيرة بأنّها نجحت رغم الأوضاع الأمنية بالحدّ من العنف والجريمة، لكن لا يظهر أيّ أثر حاليًا لهذا الدور، ذلك أنّ الأسلحة غير المشروعة تغرق المدن والبلدات العربيّة في أراضي الـ 48، مشيرًا إلى أنّ ذلك لن يقف عند هذا الحدّ، كما قال.

وكان المُحلّل العسكري الإسرائيليّ إيال علميه، بينّ أنَّ سرقة السلاح والعتاد العسكريّ الإسرائيليّ في السابق كانت تقتصر بغية بيعها لتنظيمات المقاومة الفلسطينية، غير أنَّ عصابات الجريمة المنظمة في إسرائيل باتت هي المستهلك الأساس لقطع الأسلحة، والمتفجرات، والعبوات الناسفة المسروقة من معسكرات الجيش الإسرائيليّ.

ومن خلال تقارير صحافية، تبيّن أنّ المافيا الإسرائيليّة هي العميل الأول للصوص السلاح من داخل معسكرات الجيش الإسرائيليّ، أوْ أثناء مغادرة الجنود لمعسكراتهم بعد انتهاء الدوام، وتستخدم المافيا السلاح المسروق في عمليات الابتزاز، وتبييض الأموال، وجباية الديون، وفرض الإتاوات، وغيرها، في صورة من صور الجريمة المنظمة، والتي بدأت منذ السبعينيات، ونشر عدد من التقارير الصحفية حولها منذ ذلك الحين.

إلى ذلك، ونقلاً عن مصادر رفيعةٍ جدًا في جيش الاحتلال، كشف موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، اليوم الاثنين النقاب عن أنّ قواعد الجيش الإسرائيليّ على طول الكيان وعرضه باتت المُزوِّد الرئيسيّ للأسلحة لكلٍّ من عصابات الإجرام الإسرائيليّة والتنظيمات الفلسطينيّة المُسلحّة، والتي نعتها بالإرهابيّة.

وتابع الموقع أنّه كلّما مرّ الوقت من عملية اقتحام وسرقة معسكر (صنوبر) في الجولان العربيّ السوريّ المُحتّل، والتي وصفها بالكبيرة والخطيرة، ينكشِف حجم سرقة الأسلحة والعتاد من معسكرات الجيش الإسرائيليّ، وعلى نحوٍ خاصٍّ في الجنوب والشمال، زاعمًا أنّ ثمن الرصاص ما زال مرتفعًا في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، ومُوضحًا أنّه في العام الجاري 2022، وفي عمليتيْن منفردتيْن لقاعدتيْن عسكريتيْن إسرائيليتيْن تمّ سرقة 100 ألف رصاصة، بالإضافة إلى أسلحةٍ مختلفةٍ، كما أكّدت المصادر للموقع العبريّ.

 

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى