حان وقت الرحيل… حان وقت وداع إردوغان؟
لطالما قرأ متابعو السياسة هذه العبارات التي دائماً ما يردّدها ممثّلو المعارضة في تركيا. ولعل التكرار الكبير لهذه الشعارات خلال السنوات الماضية أدى بالكثيرين إلى التقليل من قيمتها الواقعية. ولذلك أصبح كل تصريح يتحدّث عن نهاية حكم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصب في خانة الشعارات الشعبوية من معارضين أتراك كل هدفهم كسب التأييد الشعبي عبر مهاجمة الرئيس التركي. ولكن ما الذي تغيّر اليوم؟
بعد فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات النيابية في تركيا في عام 2002 استخدمت إدارة جورج بوش مصطلح «النموذج التركي» لتسليط الضوء على حكومة تركيا الإسلامية المعتدلة التي تدعم الديمقراطية وتقف مع الغرب. وجهة النظر هذه تمثّلت بمضاعفة الرئيس بوش ووزير خارجيته كولن باول جهودهما لمساعدة تركيا على بدء محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وبحسب الفايننشل تايمز «استثمرت إدارة بوش الكثير في نجاح الحكومة التركية الجديدة، والتي تنظر إليها الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم الإسلامي كنموذج للإدارة الإسلامية في ديمقراطية علمانية» (1).
وبينما كانت إدارة جورج بوش منغمسة في الحرب في أفغانستان وتخطط لغزو العراق، سعت إلى تصوير تركيا على أنها مثال يحتذى به في الشرق الأوسط. هكذا تمكّنت الولايات المتحدة من أن تصوّر للرأي العام أن حربها هي على الإرهاب وليس على الإسلام.
لكن هذا النموذج سرعان ما بدأ يسبّب المتاعب للولايات المتحدة. فالسلطة التي كانت ديمقراطية بالنسبة إليها في السابق أصبحت اليوم سلطة منتهكة لحقوق الإنسان وغير صالحة لإدارة البلاد.
وعليه، بالنظر إلى عوامل كثيرة اليوم أصبح من الممكن القول إن انتهاء حكم حزب العدالة والتنمية في تركيا ممكن إلى حد ما ولم يعد مستحيلاً كما في السابق. فيواجه الحزب اليوم أزمات داخلية وخارجية هي الأولى منذ تولّيه الحكم. وأكثر ما يقلق إردوغان اليوم أن الوقت لا يقف في صفّه. فمع مرور الوقت تزداد المشاكل المحيطة بالرئيس التركي وتزداد الضغوط عليه داخلياً وخارجياً.
فالمعارضة هذه المرة مجتمعة وتسعى للاتفاق على مرشّح واحد في وجه إردوغان على عكس الانتخابات السابقة في عام 2018 التي ترشّح فيها 6 لمنصب رئاسة الجمهورية. فهذه المرة تتشكّل المعارضة من تحالف يضم كلاً من حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد وحزب السعادة والحزب الديمقراطي وحزب الديمقراطية والتقدم بقيادة نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان وحزب المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو. بالإضافة إلى هؤلاء هناك سعي إلى إشراك حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد في التحالف المعارض. تكوّن هكذا تحالف يقلق إردوغان كثيراً خاصة بعد تجربة الانتخابات المحلية في عام 2019 التي أدت إلى فوز المعارضة في المدن الرئيسية مثل أنقرة وإسطنبول، ما شكّل صدمة كبرى لحزب العدالة والتنمية. وكانت ميرال أكشينار زعيمة الحزب الجيد قد أعلنت سابقاً أنها ليست مرشحة للرئاسة بل هي مرشحة لرئاسة الحكومة بعد فوز المعارضة بالانتخابات وإعادة النظام البرلماني إلى البلاد. بهذه الطريقة تتزايد فرص المعارضة بالاجتماع حول مرشّح واحد في وجه إردوغان.
وتشير استطلاعات الرأي في تركيا إلى وجود تراجع كبير في شعبية حزب العدالة والتنمية في الأشهر الأخيرة حتى وصلت إلى مستويات تاريخية بالنسبة إلى الحزب. فبالاستناد إلى متتبّع JamesInTurkey.com – الذي يقوم باحتساب متوسّط نتائج الاستطلاعات التي تنشرها مراكز الدراسات التركية الموثوقة والتي تقوم باستطلاعات رأي بانتظام – صوّت 30.5% لحزب العدالة والتنمية و8.8% لحليف إردوغان حزب الحركة القومية و26% لحزب الشعب الجمهوري المعارض و14.1% لحزب الجيد المعارض و1.9% لحزب المستقبل المعارض و3.1% لحزب الديمقراطية والتقدم المعارض و1.3% لحزب السعادة المعارض و10.8% لحزب الشعوب الديمقراطية الذي يمثّل الأكراد. بهذه الطريقة تصبح نتيجة المصوّتين لمصلحة تحالف الجمهور المؤلف من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية 39.3% بينما نتيجة الذين صوّتوا لتحالف الأمة المعارض 46.4%. المشكلة بالنسبة إلى إردوغان اليوم أنه مع مرور الوقت تقلّ شعبية حزبه بينما تزداد شعبية المعارضة أو تحافظ على النسبة نفسها. وبسبب هذا التراجع الكبير يسعى إردوغان حالياً إلى تمرير تعديل على قانون الانتخابات، بحيث تصبح العتبة الانتخابية 7% بدل 10% ليتأكد من ضمان تخطي حليفه حزب الحركة القومية النسبة المطلوبة.
ثانياً، الوضع الاقتصادي المتدهور وأداء الحكومة الداخلي أديا إلى ازدياد الأصوات المنزعجة من الرئيس التركي. تُظهر استطلاعات الرأي في تركيا أن الأزمة الاقتصادية هي أكثر ما يُقلق المواطن التركي حالياً. فخلال شهر تشرين الأول الماضي وبحسب الأرقام الرسمية ارتفع التضخم السنوي في تركيا بنسبة 19.89% ليصل إلى أعلى مستوياته في عامين ونصف عام (هدف البنك المركزي التركي كان الوصول إلى نسبة 5% فقط). هنا من المهم الإشارة إلى أنه بحسب المصادر غير الرسمية لشركات خاصة تقيس التضخم فإن نسبة التضخم تصل إلى 45% ما يُنذر بمزيد من الفقر والديون. كما انخفضت قيمة الليرة التركية لتصل إلى 11 ليرة مقابل الدولار الأميركي في منتصف تشرين الثاني 2021 وهذا هو أدنى مستوى لها. هذه الأرقام أدت إلى تصريحات من مختلف الفئات انتقدت أداء الحكومة وقرارات الرئيس التركي وخاصة القرارات المتعلقة بالمصرف المركزي في تركيا. فقد أقال إردوغان ثلاثة محافظين للبنك المركزي خلال العامين ونصف العام الماضية بسبب خلافات حول السياسة النقدية، ما أدى إلى تقويض الليرة وإلحاق ضرر شديد بموثوقية السياسة النقدية والقدرة على التنبؤ بها. حتى جمعية الصناعة والأعمال التركية، توسياد، المقرّبة من إردوغان انتقدت سياساته الاقتصادية ودعت إلى استقلالية البنك المركزي وأن يتم التمسك بسيادة القانون في البلاد.
استغلّ الغرب غير الراضي عن إردوغان الأزمة الاقتصادية في تركيا، ولكي يزيد الوضع سوءاً تم وضع تركيا على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF) في 21 تشرين الأول 2021. قدّمت مجموعة العمل المالي ثمانية أسباب فنية توضح أنه سيتعين على تركيا بذل جهود كبيرة في كل من مجالات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إذا كانت ترغب في الخروج من القائمة الرمادية. وتشمل هذه الإجراءات مزيداً من الإشراف على عملية تحويل الأموال والتحقيقات في القضايا وإعطاء الأولوية لتحقيقات تمويل الإرهاب ومحاكمات الجماعات المحددة من قبل الأمم المتحدة.
وضع تركيا على القائمة الرمادية سيؤثر سلباً على علاقتها بالمموّلين الدوليين بمن في ذلك البنوك والمؤسسات المالية التي تأخذ في الاعتبار تصنيفات مجموعة العمل المالي، بالإضافة إلى المستثمرين الأجانب الحاليين والمحتملين في تركيا. وأفادت دراسة حديثة أجراها صندوق النقد الدولي بأن هناك تأثيراً سلبياً كبيراً للقائمة الرمادية على تدفقات رأس المال. تشير النتائج التجريبية للدراسة إلى انخفاض تدفقات رأس المال بمتوسط 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي عندما تكون الدولة مدرجة في القائمة الرمادية. وتشير النتائج أيضاً إلى أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة تنخفض بمعدل 3.0% من إجمالي الناتج المحلي، وتتراجع تدفقات المحفظة الاستثمارية بمعدل 2.9% من إجمالي الناتج المحلي، وتراجع تدفقات الاستثمارات الأخرى بمعدل 3.6% من إجمالي الناتج المحلي (2). وعليه فإن خفض تصنيف مجموعة العمل المالي لتركيا يمكن أن يزيد الضغط على الليرة التركية التي لامست أدنى مستوى قياسي لها الشهر الماضي ما سينعكس ضغطاً أكبر على الرئيس التركي.
ثالثاً، العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة حالياً هي الأسوأ منذ تسلّم إردوغان الحكم. يحاول السياسيون الأميركيون تصوير الأزمة بين البلدين على أنها اختلاف في مجموعة من الملفات مثل شراء تركيا لمنظومة صواريخ روسية أو التدخل التركي في ليبيا وسوريا، إلا أن الأزمة أعمق بكثير من مجرد هذه الاختلافات. فبالنسبة إلى واشنطن أصبحت المنافسة مع الصين الآن الإطار المهيمن لسياستها الخارجية والتحدي الأكبر أمام الهيمنة الأميركية. لكنّ أنقرة تنظر إلى العالم بشكل مختلف تماماً. يُنظر إلى صعود آسيا وصعود الصين على أنهما فرص أكثر منها تهديدات بالنسبة إلى إردوغان. تفسر أنقرة هذه الاتجاهات، فضلاً عن النشاط الإقليمي المتنامي لروسيا، على أنها علامات على ولادة النظام العالمي المتعدد الأقطاب. يشكل هذا الفهم الآن الحسابات الاستراتيجية لصانعي السياسة الأتراك. تؤمن النخب السياسية التركية إيماناً راسخاً بأن إعادة تموضع بلادهم بنجاح في هذه البيئة المتعددة الأقطاب ستفيد الأمة على المدى الطويل. وهنا يقع جوهر الأزمة بين البلدين. فما تعتبره الولايات المتحدة خطراً عليها تنظر إليه تركيا على أنه فرصة لا يجب تفويتها وبالتالي يجب تعزيز السياسة التوسعية التركية ليكون لها نصيب كبير في النظام العالمي الجديد. لذلك هذا الاختلاف المتزايد في ما يتعلق بالطريقة التي ترى فيها أنقرة وواشنطن العالم يخلق بيئة مليئة بالتحديات لمعالجة مجموعة النزاعات الثنائية السائدة بشكل بنّاء.
كما أنه لا يجب أن ننسى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ليس من محبّي الرئيس التركي. ففي كانون الأول من عام 2019 أدلى بايدن بتصريح خلال مقابلة مصوّرة مع صحيفة «نيويورك تايمز» انتقد فيه إردوغان والحكومة التركية واصفاً إردوغان بالمستبد ومندّداً بسياسة تركيا تجاه الأكراد ومؤكّداً على ضرورة دعم المعارضة التركية في وجه إردوغان لتتمكّن من الفوز في الانتخابات القادمة (3). اليوم الفرصة أمام بايدن لتحقيق هذا الهدف وهو يقوم بما يجب حتى يصل إليه في الانتخابات الرئاسية التركية القادمة. فمع وصول بايدن إلى البيت الأبيض بدأت المؤشرات تظهر حول مسار العلاقة التي ستحكم الطرفين. فقد تأخّر الاتصال بين الرئيسين لأكثر من ثلاثة أشهر بعد قدوم بايدن، ما فهم تأكيداً لمسار هذه العلاقة المتوتّرة في زمن الرئيس الجديد لأميركا. كما أن الانتقادات الدائمة لسياسات تركيا في سوريا وليبيا تظهر باستمرار في الولايات المتحدة. حتى طلب تركيا شراء طائرات قتالية أميركية قوبل بالرفض حتى الآن والحجّة هي العقوبات المفروضة على تركيا بسبب امتلاكها لمنظومة صواريخ روسية. مع العلم أن الهند اشترت منظومة الصواريخ الروسية نفسها وتقدّمت بطلب لشراء الطائرات المقاتلة الأميركية والتوجّه حالياً في أميركا هو استثناء الهند والموافقة على طلبها. ومن هنا يمكن للمرء أن يفهم أنه بينما الأميركي لا يستطيع أن يخسر حليفاً قوياً مثل الهند وخاصة في المعركة ضد الصين لم تعد تركيا بقيادتها الحالية تلبّي الحاجة الأميركية كما يلزم.
إضافة إلى ذلك سرّب موقع بوليتيكو لائحة تضم الدول التي ستدعوها الولايات المتحدة إلى قمة الديمقراطيات في كانون الأول 2021. وبحسب موقع بوليتيكو «بعض البلدان مثل تركيا لم تتم دعوتها لأن قادتها كانوا يقوّضون أنظمتها الديمقراطية لسنوات» (4). إذاً بالنسبة إلى واشنطن انتهت قصّة «النموذج التركي» المتمثّل بقيادة إسلامية ديمقراطية في بلد علماني داعم للغرب ولذلك قد يكون من الأفضل استبدال هذا النموذج طالما الفرصة سانحة.
حاول إردوغان الاستفادة من الانسحاب الأميركي من أفغانستان لإعادة تثبيت أهمية تركيا كحليف مسلم للولايات المتحدة في آسيا، عبر طرحه أن تقوم تركيا بتأمين وتشغيل مطار كابل. بهذه الطريقة تلعب تركيا دور الممثّل للولايات المتحدة في أفغانستان. هدف إردوغان حينها كان قائماً على نظرية «الموازن الخارجي» (offshore balancing theory) وهي نظرية ضمن المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية. تتحدّث النظرية عن الاستراتيجية التي تستخدمها قوة عظمى لكبح صعود قوة معادية محتملة في إقليم معيّن عبر استخدام قوة إقليمية حليفة. بهذه الطريقة، تسعى القوة العظمى لتحقيق التوازن من الخارج عبر نقل المسؤولية إلى القوة الإقليمية الحليفة المفضّلة لديها والتدخّل فقط في حال كان التهديد أكبر من قدرة القوة الحليفة في المنطقة على التعامل معه. سعى إردوغان إلى الاستفادة من الانسحاب الأميركي من أفغانستان عبر طرح نفسه كحليف إقليمي للولايات المتحدة من الممكن أن تستفيد منه عبر توكيله بالوجود في أفغانستان ومنع استفادة الدول المعادية لأميركا من الفراغ الحاصل بسبب الانسحاب الأميركي. لكن طرح إردوغان لم ينجح حتى الآن لأسباب متعلقة بسيطرة طالبان على أفغانستان ورفضها أي وجود عسكري لأي دولة أخرى على كامل أراضيها.
العلاقات المتوترة لا تقف فقط عند أعتاب واشنطن بل تصل أيضاً إلى الاتحاد الأوروبي. ففي تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية (5) بتاريخ 19 تشرين الأول 2021 تم انتقاد أداء المؤسسات التركية. كما ذكر التقرير تراجع الديمقراطية بشكل كبير في تركيا وخاصة في ظل حصر السلطات على مستوى الرئاسة دون ضمان الفصل السليم والفعّال للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. واعتبر التقرير أنه في الظل المشاكل الحالية في أداء المؤسسات التركية والرئيس التركي لا يزال الطريق طويلاً حتى تستطيع تركيا الوصول إلى المعايير اللازمة لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. بمعنى آخر، الرسالة التي يريد الاتحاد الأوروبي إيصالها هي أن وجود إردوغان على رأس السلطة في تركيا يقوّض الديمقراطية ويضعف موقف تركيا دولياً ولا يمكن أن تنضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في ظل سيطرة إردوغان على السلطة.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن المعارضة في تركيا تراقب مسار توتر العلاقات مع الغرب وتسعى إلى الاستفادة من أي فرصة قد تتاح لها في ظل هذه العلاقات المتوتّرة. فعلى سبيل المثال، بعد إلغاء إردوغان مشاركته في قمة المناخ في غلاسكو لأسباب تتعلّق برفض الدولة المستضيفة الالتزام بالمعايير الأمنية التي طلبها إردوغان وموافقتها على المعايير نفسها للرئيس الأميركي أعلن رئيس بلدية إسطنبول أكرك إمام أوغلو توجّهه إلى قمة المناخ في غلاسكو لتمثيل مدينة إسطنبول بعد دعوة قُدّمت له من الأمم المتحدة. أثار هذا الموضوع الكثير من التساؤلات داخل تركيا حيث اعتبر كثيرون أن وجود أكرم إمام أوغلو هو بديل عن وجود إردوغان.
أخيراً، يجب تسليط الضوء أيضاً على أهم الانشقاقات التي يعاني منها حزب العدالة والتنمية في الفترة السابقة. فبعد انشقاق نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان ووزير الخارجية السابق أحمد داوود أوغلو عن حزب إردوغان وتشكيل حزبين معارضين مستقلين في عامَي 2019 و 2020 أعلن رئيس شركة «آندي آر للأبحاث» فاروق أكار، الذي يوصف بأنه واحد من أكثر ثلاثة أسماء كفاءة في تحديد الاستراتيجيات في حزب العدالة والتنمية، أنه سيترك إردوغان ليعمل مستشاراً لزعيمة حزب الجيد ميرال أكشينار. بالإضافة إلى هؤلاء أعلنت عدة صحف تركية عن أزمة وقعت بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والرئيس التركي حول قضية إعلان السفراء العشرة أشخاصاً «غير مرغوب» فيهم في تركيا. فهذا القرار لم يعجب وزير الخارجية حتى ذكرت بعض الصحف تلويحه إلى إمكانية الاستقالة في حال إصرار إردوغان على قراره. ولكن مع تراجع إردوغان عن قراره حُلّت الازمة بين الاثنين. وأخيراً إصرار إردوغان على خفض الفائدة أدى إلى مشاكل بينه وبين وزير الخزانة والمالية لطفي إلفان الذي عبّر عن عدم رضاه على قرار إردوغان. إلفان كان قد صرّح أن البلد بحاجة إلى تجنّب سياسة خفض الفائدة حالياً لما لها من تداعيات على الاقتصاد التركي. يتوقّع البعض في تركيا حالياً استقالة إلفان وبالتالي سينضم إلفان إلى نادي المنزعجين من سياسات الرئيس التركي.
طبعاً لا يجب أن نغفل عن تسليط الإعلام القوي على تدهور وضع إردوغان الصحي وعلى قضايا الفساد المتعلقة به. ففي مقال لستيفن كوك في مجلة فورين بوليسي يتحدث كوك عن «مرحلة ما بعد إردوغان» والشخصيات «القوية» المرشحة لخلافته، مقدماً 3 منهم على الباقين وهم: وزير الداخلية سليمان صويلو، ووزير الدفاع خلوصي أكار، ورئيس جهاز الاستخبارات حاقان فيدان. ويرى كوك أن صويلو بات رهاناً خاسراً بعد تسريبات رجل المافيا الهارب سادات بكر، وأن فيدان يفضل البقاء خلف الأبواب المغلقة، ما يجعل أكار المرشح الأبرز والأقوى لخلافة إردوغان.
وبعيداً عن فكرة الضغط على إردوغان الحاضرة بهذا الأسلوب، إلا أن اللافت أن العيون الخارجية لا ترى مرشحاً قوياً يخلف إردوغان من داخل حزب العدالة والتنمية، أو بالأحرى من النواة الصلبة والمؤسّسة له؛ فأكار وفيدان ليسا عضوين في الحزب، وصويلو انضم إليه عام 2012 فقط ويمثل تياراً أقرب للقومي منه إلى الجذور الفكرية للحزب.
بالنسبة إلى كثيرين لم يعد إردوغان مواطناً عادياً أو زعيماً سياسياً عادياً، ولكنه تجسيد لما يتخيّله الكثيرون في تركيا على أنه الإرادة الشعبية المسلمة. يعتبر إردوغان نفسه قوة من قوى التاريخ، الزعيم الذي طال انتظاره لإخراج تركيا من انحدارها الطويل. لذلك لا يوجد في قاموسه آلية للتنحّي. ولكن مع كل المتغيّرات التي تحدث هل أصبح ممكناً أن نسأل إردوغان: هل حان وقت الرحيل؟
صحيفة الأخبار اللبنانية