حبال أمريكا

“بين حانا ومانا ضاعت الحانا” (مثل عربي)

على أي حبل تلعب الأن أمريكا في الشرق الاوسط؟ الحبل الإيراني ام الحبل السعودي؟

ولماذا امريكا “منزعجة” من قوى التحالف العربية مع باكستان في عاصفة الحزم؟ ولماذا بعض وسائل الاعلام الامريكية ومنها مجلة “Foreign Policy” تصف هذه الخطوة ب”الخطيرة” و”المفاجأة”؟ لماذا تهاجم وسائل الاعلام الامريكي الخطوة السعودية وتحذر من عواقبها في حين قد بارك الرئيس باراك اوباما الهجوم/الدفاعي السعودي الذي تقوم به في اليمن؟ أم هو مجرد كلام؟ فأمريكا قد تكون باركته رفعاً للعتب، لأنها في الواقع لم تعرض أي مساعدة عسكرية على الارض – بخلاف دول أوروبية وعالمية أخرى والتي عرضت أكثر من ذلك- وفي نفس الوقت، فإنها تقدم حالها ومالها وعسكرها في معارك إيران في العراق وآخرها معركة تكريت.

ففي مقال نُشر مؤخراً للمجلة عينها، في 6 نيسان/أبريل 2015، بعنوان “علاقات خطيرة: تحالف السعودية مع باكستان” يقول فيها الكاتب يونس في المقدمة أن الشرق الاوسط لا يخيب ظننا في مفاجآت لاعبيه السياسيين حيث يقوم اللاعبون بخطوات مباغتة غير مرتقبة ضد لاعبين آخرين. هذه المرة كان دور المملكة العربية السعودية في اللعب وقصف المملكة لليمن الذي قد يتسبب بعواقب وخيمة تطال الحليف الدائم للمملكة- الذي يلحقها معصوب العينين- ألا وهي الباكستان.

وفي مقالات وتقارير أخرى يتم بنفس الأسلوب انتقاد تحالف دول عاصفة الحزم، وفي مناسبات يتم انتقاد مصر في تحالفها مع السعودية ويُذكرنا إعلام أمريكا بحرب اليمن عام 1962، مع أن مصر كانت وقتها (عكس اليوم) في خندق الجمهوريين بينما كانت السعودية في خندق المملكة المتوكلية اليمنية. فبالرغم من انتصار الجمهوريين إلا ان تلك الحرب قد انهكت مصر – التي كانت بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر- حيث تكبدت خسائر جمة وعلى مدى ثماني سنوات شبهها البعض بحرب فيتنام.

لماذا النبش في الماضي؟ لماذا تشوه وسائل الاعلام الامريكية تحالف هذه الدول وتُحذر من تداعياته؟ ماذا يؤرق أمريكا اليوم من هذا التحالف؟ أم أنه أتى في وقت غير مناسب لها قد يُفسد عليها جهودها في التقرب من إيران؟ وهل اتفاقية تقليص قدرات إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة الثلثين خلال العشر سنوات القادمة كانت ثمرة العطاءات الامريكية الكثيرة لإيران ومنها – وأولها وآخرها- في العراق، وبينهما في سورية؛ ومسايرتها لسياسة إيران وحفظ مصالحها فيها دون التعرض جدياً لنظام الاسد أو مؤازرة المعارضة السورية بشكل جدي وواضح منذ البداية، مما تسبب في تدهور وتشتت الثورة السورية وإحباطها وتقسيمها وبعثرة جهودها وآمالها؟!

رٍجل أمريكا تقف على حبل التواطؤ مع إيران وتقديم الغطاء الجوي لها ومساندة عسكرية لا يُستهان بها في معركتها فيما يسمونه بالحرب ضد داعش السنية، ورِجلها الاخرى تقف على حبل التواطؤ مع السعودية والحلف العشري في عاصفتهم الحازمة ضد الحوثيين الشيعة والمدعومين من قبل ايران (بالرغم من تفاوت حجم المساعدة الامريكية للسعودية والتي تقتصر على دعم “معنوي” ومساندة لوجستية/مخابراتية).

فإذاً، امريكا اليوم تساعد في القتال ضد الشيعة في اليمن ومن جهة أخرى تناصرهم وتتوصل معهم إلى اتفاقيات تصفها أمريكا بالتاريخية، نظراً للعلاقة التي كانت ” تبدو” دائماً متوترة بين البلدين ولعقود من الزمن.

فإلى متى ستستطيع أمريكا الحفاظ على توازنها ومصداقيتها في السياسة العالمية وهي على حبالها تلعب؟

وهل ستصل إلى نقطة تضطر فيها علناً مجاراة سياسة ايران في السيناريو المتداول حالياً، ألا وهو محاصرة السعودية شمالاً (سورية والعراق) وجنوباً في اليمن الحزين؟

وماذا عن تركيا (أيضاً من الجهة الشمالية للمملكة) وسلطنة عُمان (شرق جنوب المملكة) واللتين لم تشاركا في التحالف العسكري ضد الحوثيين في اليمن؟ فهل اتفقا ضمناً على حماية ظهر ومقدمة المملكة أم هم حقاً متفرجون؟

أما عن قصة المثل العربي المذكور في بداية المقال، فيُقال أن رجلاً تزوج امرأتين الاولى تُدعى “حانا” والثانية تُدعى “مانا”، وكانت حانا صغيرة في السن ومانا كبيرة في السن، وكان الرجل كلما ذهب غرفة حانا تقوم هي بنزع الشعر الابيض من لحيته كي لا يظهر شيبه، وكلما دخل الى غرفة مانا أخذت في نزع الشعر الاسود من لحيته كي يشيب مثلها. وبقي الامر على هذه الحال الى ان خُربت لحيته بالكامل وخرج امام المرآة غاضباً وقال: “بين حانا ومانا ضاعت الحانا”.

فهل ستضيع لحية العم سام بين حانا ومانا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى