حبوب الفيتامينات والمعادن: لا تبالغ وإلا! (إعداد الدكتور أنورنعمه)
إعداد الدكتور أنور نعمه
هل أنت من مدمني تناول حبوب الفيتامينات والمعادن حتى ولو كنت لست في حاجة إليها؟
إذا كان الجواب بالإيجاب فإن ما ينتظرك قد لا يكون لمصلحتك أبداً. لا شك في أن للفيتامينات والمعادن أهمية كبيرة للجسم، وتلعب دوراً كبيراً في الوقاية من العديد من الأمراض، لكن هذا لا يعني الإسراف في تناولها على شكل مستحضرات دوائية.
لقد شهدت السنوات الأخيرة، وفي شكل مثير للقلق، عادة الإفراط في تناول المستحضرات الصيدلانية من الفيتامينات والمعادن من دون مشورة طبية، والطامة الكبرى هي عندما لا يكون الجسم في حاجة اليها، أو أن متناولها لا يعاني من أي نقص فيها ما يؤدى إلى العديد من المضاعفات على المدى البعيد، فتتحول فائدتها إلى خطر كبير.
> في خصوص الفيتامينات، إن زيادة مستوى بعضها في الجسم يمكن أن تؤدي إلى أخطار صحية، فمثلاً إن الإكثار من تناول الفيتامين د، يحرض على ترسب الكلس في الكلى الأمر الذي يعرضها للإصابة بالفشل. كما أن هناك رابطاً ما بين تناول المزيد من الفيتامين حامض الفوليك أو الفيتامين بيتا-كاروتين، وخطر التعرض لسرطان الرئة.
وفي دراسة بريطانية حديثة وجد العلماء أن تناول جرعات عالية من كبسولات الفيتامين د يمكن أن يؤثر في صورة سلبية على وظائف العضلة القلبية خصوصاً عند الأشخاص الذين دخلوا في رحاب الشيخوخة.
والإفراط في تناول الفيتامين سي، يمكن أن يسبب تهيجاً في المعدة، ونفخة في البطن، واسهالاً، وزيادة في تشكل الحصيات في الكلى، والتهابات في المفاصل، وربما يؤدي الى التسمم الغذائي. كما أن تناول الفيتامين المذكور بكثرة أثناء الحمل قد يشجع على حدوث ليونة في عظام الطفل بعد الولادة لأن الجنين يعتاد خلال الحمل على كميات عالية من الفيتامين سي لكنه بعد الولادة يتناوله بالمستوى العادي الأمر الذي يعرض للإصابة بليونة العظام.
وهناك دراسات أشارت إلى أن الإكثار من تناول الفيتامين أ في فترة الحمل يؤدي إلى بعض التشوهات الخلقية في القلب، وإلى ارتفاع الضغط في داخل الجمجمة، وإلى فرط نشاط الغدة الدرقية.
وتوصلت دراسات حديثة إلى وجود بعض الشكوك بين تناول كميات كبيرة من الفيتامين حامض الفوليك وزيادة خطر الإصابة بالسرطان خصوصاً سرطان القولون والمستقيم.
ومن بين الفيتامينات التي تسبب مضاعفات نتيجة الإمعان في أخذ جرعات عالية هناك الفيتامين ب6، فحاجة الجسم منه لا تتعدى 3 إلى 7 ميلليغرامات في اليوم، لكن الحبوب المصنعة يمكن أن تمد الجسم بكميات هائلة تصل الى 75 ميلليغراماً، فيعاني الشخص من عوارض تبدو للوهلة الأولى أن لا علاقة للفيتامين بها مثل متلازمة النفق الرسغي، حيث يعاني المريض من ألم في معصمه يسوء ليلاً وعند التقاط الأشياء الصغيرة.
وتناول جرعات من النياسين (الفيتامين ب3) بهدف علاج فرط الشحوم في الدم من شأنه أن يطلق شلالاً من المضايقات تتمثل في توسع الأوعية الدموية، وتدهور أرقام ضغط الدم، وتهيج المعدة، وارتفاع في أنزيمات الكبد، وزيادة السكر في الدم، وتورد الجلد.
أما الفيتامين ي الذي يلاقي رواجاً منقطع النظير لدى الناس من أجل الوقاية من بعض الأمراض كألزهايمير، وأمراض القلب، وداء الشبكية الاستحالي في العين، والسرطان وغيرها من الأمراض، فقد تبين أن من عيوب استعماله بجرعات عالية حدوث عوارض مزعجة مثل الغثيان، والنفخة في البطن، والإسهال.
ويكثر البعض من استهلاك الفيتامينات مضادات الأكسدة التي تضم الفيتامين أ، والفيتامين ي، من أجل إطالة العمر، لكن دراسة حديثة لباحثين من جامعة كوبنهاغن أماطت اللثام عن أنها على عكس ذلك، تسرع الرحيل إلى العالم الآخر لأنها تتسبب في بلبلة على صعيد الدفاعات الطبيعية.
انه لحري بمعشر الرجال أن لا ينقادوا وراء استهلاك الفيتامينات المصنعة إن لم يكونوا في حاجة ماسة اليها، فبعض الدراسات نوه إلى أن تناول 7 حبات أو أكثر من بعض أنواع الفيتامينات في الأسبوع يمكنه أن يزيد من إحتمال الإصابة بنوع شرس للغاية من سرطان البروستاتة بنسبة تفوق 30 في المئة.
> أما في خصوص المعادن فهي مطلوبة بكميات معينة من أجل عمل الخلايا في شكل طبيعي، ولكن في حال تناولها في شكل مفرط على شكل حبوب دوائية فإنها قد تسبب ما لا يحمد عقباه، والمعطيات حول هذا الأمر لا تبشر بالخير وتثير القلق.
فمثلاً، الإفراط في تناول الحديد يمكن أن يؤدي إلى تراكمه في الأنسجة والأعضاء ما يعرض للإصابة بالقرحة المعدية، والتقيؤ الدموي، والسكتة القلبية، وتلف الكبد والقلب والبانكرياس والغدد التناسلية، وقد يسبب الوفاة عند الأطفال.
لقد انتشرت في السنوات الأخيرة عادة تناول مكملات السيلينيوم والزنك والكروم والبورون. وتستخدم مكملات معدن السيلينيوم كثيراً لدعم الشعر والأظافر، لكن الجسم يحتاج إلى كميات محدودة منه. إلا أن مجلة لانسيت الطبية نشرت دراسة لعلماء بريطانيين حذروا فيها بقوة من مغبة زيادة مستوى السيلينيوم في الجسم، لأنه يعرض لاضطرابات صحية خطيرة ويزيد إحتمال الإصابة بالداء السكري النوع الثاني.
أما المبالغة في استهلاك الزنك فتقود إلى المعاناة من بعض الإضطرابات الهضمية، كالتقيؤ والإسهال.
ويؤدي الإفراط في تناول معدن المغنيزيوم إلى زوبعة من المظاهر، مثل الغثيان، والتقيؤ، وهبوط ضغط الدم، ومشاكل في القلب، وإضطرابات في الجهاز العصبي. وعادة ما يحصل هذا الأمر عند المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي.
ويلعب معدن البوتاسيوم دوراً في نشاط العضلات خصوصاً عضلة القلب، إلا أن فرط تناوله يؤدي إلى الإصابة بالتقيؤ، والضعف العضلي، وإلى حدوث خلل في وظائف القلب والجهاز العصبي.
أما الإفراط في تناول الصوديوم فيقود إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم. والإفراط في استهلاك الزنك يؤدي إلى التسمم، وإلى اضطرابات في الجهاز الهضمي، وإلى عرقلة امتصاص النحاس، وإلى خلل في عمل الجهاز المناعي.
استثناءات
لا شك في ان للفيتاميــنات والمعادن التي يحـــصل عليها الجسم من المصادر الطبيعية أهمـــية كبــــرى، لكن قـــبل أكثر من قرن ابتكر أسلوب التكرير والمعالجة في التصنيع الغذائي الذي اعتبر تقنية متقدمة، الا أنـــه سرعان ما ظهرت أخطار هذه التقنية التي أطاحت الكثير من الفيتامينات والمعادن من الأغذية المكررة، فأدى ذلك إلى مشاكل صحية جراء اعتماد الإنسان في شكل رئيس على تلك الأغذية، من هنا جاءت فكرة تصنيع الفيتامينات والمعادن في أشكال دوائية من أجل سد العجز الحاصل.
ولكن تبين في ما بعد أن كفاءة الفيتامينات والمعادن المصنعة لا توازي تلك الموجودة في المصادر الطبيعية لغياب المنظومة التي تضمن قيامها بعملها في شكل طبيعي.
في كل الأحوال، إن الفيتامينات والمعادن المصنعة لها فوائدها المحددة لدى الفئات الآتية من الناس:
– الأشخاص الذين يعانون من نقص في واحد أو أكثر من الفيتامينات والمعادن بناء على معطيات سريرية أو مخبرية.
– كبار السن الذين لا يتناولون حاجتهم المطلوبة من الغذاء.
– الذين يتبعون أنظمة تخسيسية قاسية.
– النسوة اللواتي يرغبن في الحمل، أو عند من هن في الثلث الأول من الحمل.
– الأشخاص الذين لا يتناولون ما يكفي من الفواكه والخضر.
– المصابون ببعض الأمراض الحادة أو المزمنة.
صحيفة السفير اللندنية