تحليلات سياسيةسلايد

حذف بند حكومة الوحدة يرسي مصالحة فلسطينية في الجزائر

حذف بند حكومة الوحدة يرسي مصالحة فلسطينية في الجزائر فقد وقع 14 فصيلاً فلسطينياً،  الخميس، على اتفاق للمصالحة في العاصمة الجزائرية في إطار حوار فلسطيني شامل برعاية الجزائر، وذلك بعد حذف بند “حكومة الوحدة” من ورقة المُصالحة.

وتُعاني الساحة الفلسطينية منذ العام 2006 من انقسام سياسي وجغرافي، حيث تسيطر حركة “حماس” على قطاع غزة، في حين تُدار الضفة الغربية من جانب حكومة شكلتها حركة “فتح” بزعامة الرئيس محمود عباس.

وتستضيف الجزائر الحوار الوطني الفلسطيني على أمل تحقيق اختراق قبيل استضافتها قمة جامعة الدول العربية المقررة الشهر المقبل.

لكنّ مُراقبين للوضع الفلسطيني والمشهد السياسي في الجزائر، قللوا من أهمية اتفاق المصالحة واصفين إيّاه بأنّه أقرب للاستعراض من العمل الجاد، ومتوقعين فشله حتى قبل موعد انعقاد القمة العربية نظراً للصعوبات العملية في تطبيقه على أرض الواقع، والبعيدة تماماً عن الشعارات السياسية والبنود البرّاقة في مسودة اتفاق الفصائل التي تتباين توجّهاتها السياسية كثيراً.

وكان عضو وفد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر مزهر، قد كشف أمس أنه من المقرر توقيع المقترح الجزائري غداً (الخميس) بعد مباحثات بشأنه استمرت منذ الثلاثاء.

وذكر مزهر في تصريحات لإذاعة محلية في غزة، أن المقترح ينص على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وانعقاد المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى جانب تشكيل حكومة وحدة وطنية تُوحّد المؤسسات بين الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك خلال مهلة عام.

من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض في بيان إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زار مقر جلسات الحوار الفلسطيني “بما يعكس مدى عمق الاهتمام الجزائري بنجاح الحوار”.  وأضاف أن الموقف الجزائري “وضع الفصائل كافة أمام مسئولية كبيرة لا تستطيع المراوغة أمامها”.

وكان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، قد أعلن منصف سبتمبر/أيلول الماضي، عن سعي بلاده لعقد اجتماع الفصائل الفلسطينية في الجزائر قبل انعقاد القمة العربية. وقال إنّ “هناك جهود دؤوبة من أجل عمل دبلوماسي كبير أطلقه رئيس الجمهورية ( عبد المجيد تبون) الرامي إلى تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني من خلال مؤتمر أو اجتماع قد يعقد لاحقا في الجزائر قبل عقد القمة العربية، وذلك تهيئة للأجواء وتسهيلا للوصول إلى وحدة عربية تدعم الوحدة الفلسطينية”.

الصعوبات على أرض الواقع بعيدة تماماً عن الشعارات السياسية والبنود البرّاقة في مسودة اتفاق الفصائل الفلسطينية

وكانت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، والتي أبدت اهتماماً غير اعتيادي بالحوار الفلسطيني، قد ذكرت أنّ صياغة اتفاق “إعلان الجزائر” في مراحلها الأخيرة لتجاوز نقطة خلاف بشأن البند الخاص بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

ونقلت عن مصادر فلسطينية، قولها إنّ الجزائريين يعملون على إعادة صياغة الفقرة الخاصة بتشكيل حكومة الوحدة، بعد أن كانت نقطة خلاف بين حركتي “فتح” و”حماس”.

واعترضت حماس، على تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بالشرعية الدولية (في إشارة إلى الاعتراف بإسرائيل) وطالبت بإعادة صياغتها، وهو ما تراجعت عنه فتح التي طلبت حذف البند المتعلق بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية من الوثيقة، مما أثار حفيظة الراعي الجزائري، وفقاً لتلك المصادر.

وقال مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الفلسطينية (مسارات) هاني المصري، إن “تقدما كبيرا ومفاجئا حدث حول بند الحكومة، وأن ما يجري من ثورة في الضفة ألقى بظلاله على المجتمعين، وفاجأ الرئيس الجزائري الحضور بالقدوم وبارك الاتفاق”.

وأضاف المصري، عبر حسابه على فيسبوك: “بعد ذلك جاء اتصال من رام الله (في إشارة إلى السلطة الفلسطينية وحركة فتح) وتغيّر كل شيء، وحاول الحضور لعدة ساعات الاتفاق ولم يتمكنوا، واتفقوا على حذف البند المختلف عليه كله”.

وتتلخص البنود التسعة في مسودة الورقة الجزائرية للمصالحة المكونة، في “اعتماد لغة جيدة للحوار، وتكريس مبدأ الشراكة السياسية، وتعزيز دور منظمة التحرير، وانتخاب المجلس الوطني وفق صيغة متفق عليها، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في جميع المناطق الفلسطينية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بالشرعية الدولية”.

كما تتضمن البنود “توحيد المؤسسات الوطنية، وتفعيل آلية عمل للأمناء العامين للفصائل لتسهيل عمل الحكومة، وأخيرا تشكيل فريق جزائري فلسطيني بمشاركة عربية للرقابة على تنفيذ الاتفاق”.

وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في تصريحات تلفزيونية، إن توقيع وثيقة الوفاق الوطني بين الفصائل الفلسطينية كان نتاج جهد جزائري دام قرابة سنة.

من جانبه، قال عزام الأحمد رئيس وفد حركة “فتح”: “ليس جديدا علينا عندما تضيق بنا الدنيا لا نجد إلا الشقيقة الكبيرة الجزائر تفتح لنا أبوابها”. وأضاف الأحمد للتلفزيون الجزائري: “نحن في حالة انقسام في الساحة الفلسطينية منذ أكثر من 15 عاما وهذا أضعف القضية الفلسطينية وألحق الضرر بها”.

وتسعى الجزائر لاستغلال الملف الفلسطيني من أجل الدفع بنفوذها في المنطقة، خاصة وأنها تشهد في الفترة الأخيرة حالة من العزلة الإقليمية، لذا تجد في القمة العربية ومحاولة التوفيق بين الفصائل الفلسطينية مدخلاً لاستعادة بعض النفوذ.

ويرى مراقبون أنّ السلطات الجزائرية، ورغم علاقاتها الجيدة مع عدد من الفصائل الفلسطينية مثل حركتي حماس وفتح، إلا أنها غير ممسكة تماما بالملفات الحساسة والعناوين الخلافية كونها ظلت لسنوات بعيدة عن تفاصيل القضية الفلسطينية.

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى